تعدّ معضلة "البطالة" من أهم المشاكل التي ما فتئت تعكّر صفو سيرورة عمل الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة "الحرية و الكرامة" دون إيجاد حلّ جذري من شأنه أن يوفر مواطن شغل و يحد من البطالة المستفحلة في آن واحد ، في ظلّ الضغط الكبير الذي تمارسه المنظمات النقاببية و مكونات المجتمع المدني و التحركات الاحتجاجية المتواترة بين الفينة و الأخرى في جلّ جهات البلاد مطالبة بالتشغيل .. و من الجلي و الواضح ان الدولة تجد نفسها عاجزة أمام هذه الآفة ، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها والتي ألقت بظلالها على الوضع المالي الذي بات يعاني عجزا كبيرا.. و تعمل الحكومة على ايجاد حلول تنهي بها معضلة البطالة ، وفي خضم هذا الشأن، أكد وزير التشغيل والتكوين فوزي عبدالرحمن أن الحكومة ستطرح قريبا استراتيجية وطنية للتشغيل تتضمن حزمة من الآليات الجديدة، أهمها تنشيط الاقتصاد التضامني الذي سيكون رافداً ثالثاً خالقاً لفرص العمل بالإضافة إلى القطاعين الحكومي والخاص. ولفت عبدالرحمن إلى أن استعادة القطاع العام لقدرته التشغيلية رهين تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 5 بالمائة، معتبراً أن التوقيت قد حان لإعادة النظر في قوانين العمل وأقلمتها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد في البلاد. وفي حديثه عن الاستراتيجية التي تعمل الحكومة من خلالها على ايجاد حلول للتشغيل، لفت الوزير ، في حوار مع العربي الجديد، الى انها "وصفة متعددة الجوانب وستعرض قريباً على مجلس وزراء تضم دعم التشريعات بقوانين جديدة لتسهيل إحداث المؤسسات الخاصة عبر قانون المبادرة الذاتية الذي سيسمح للشبان بإنشاء شركات بإجراءات مبسطة وتسهل النشاط الاقتصادي وكذلك قانون آخر للاقتصاد التضامني الذي يشمل التعاونيات والتكتلات الاقتصادية". وتابع ، في الصدد ذاته، "هذا نموذج اقتصادي جديد سيكون رافداً للقطاعين الحكومي والخاص وهو نموذج اقتصادي يستجيب لطبيعة الاقتصاد التونسي في المناطق الداخلية التي لا يتوفر فيها نسيج اقتصادي". كما اعتبر فوزي عبد الرحمن أن قانون المؤسسات الناشئة الذي أقره البرلمان مؤخراً، يعدّ من التشريعات الجديدة والهامة التي من شأنها أن تساهم بشكل إيجابي في حلحلة أزمة البطالة في تونس. كما أشار الى ان الحكومة تعمل على برامج تسمح بتدخل الدولة عبر السياسات النشيطة للتشغيل وتحسين القدرة التشغيلية لطالبي الشغل وتحفيز المؤسسات الاقتصادية لتشغيل حاملي الشهادات العليا بشكل خاص لأنهم يمثلون النسبة الأكبر من حجم البطالة التونسية وبرامج أخرى تسهم في تأسيس اقتصاد اجتماعي تضامني تعمل الدولة على دعمه وزيادة مخصصاته. ومن جانبه، أكد رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إنّ من أهمّ أهداف الحكومة في الفترة القادمة، استعادة مكانة تونس كأول مصدّر صناعي، من جنوب المتوسط، باتجاه الاتحاد الاوروبي، في افق 2020، ما من شأنه أن يوفر مواطن شغل بالجملة . وتوقع الشّاهد لدى إشرافه الخميس المنقضي على اشغال الندوة الوطنية حول "الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة: ضمان للتنمية الصناعية"، ان يصل مستوى الاستثمارات الصناعية المنجزة الى 3 مليار دينار سنة 2020 مقابل 2259 مليار دينار السنة الماضية. واشار الشاهد الى أن القطاع الصناعي، يوفر حاليا 505 الاف موطن شغل,مشددا على أن الهدف المنشود في افق 2020، بلوغ 580 الف موطن شغل في حدود سنة 2020 أي بمعدل 25 الف موطن شغل، سنويا.