تُحاول أحزابُ التجمّع العودة للساحة السياسية مدجّجة بأحزابها و قواعدها لاستعادة الدولة التي يعتبرونها ملكا شرعيّا لهم، عادوا دون اعتذار حاملين معهم رايات التمجيد للعهد السابق، عادوا رغم عن انف الشعب و القانون، عادوا تدريجيّا وبواسطة استخدام "القوّة الناعمة" وبمباركة احزاب سياسية مندسّة أسْندت لهم مُهمّة ضرب المسار الثوري لفتح الطريق امامهم. و من ملامح هذه القوّة النّاعمة، المحاولات التدريجية التي تتبنّاها بعض الاحزاب السياسية، أوّلا عبر تمرير قانون المصالحة و ثانيا عبر سنّ قوانين تبدّد العراقيل امّا عودة التجمعيّين شيئا فشيئا. و يبدو أنّ الفصل القانوني الذي يمنع قيادات في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، من الترشح لعضوية الفرق المشرفة على مكاتب الاقتراع، في طريقه الى التنقيح ان لم نقل الى الزوال نهائيا، ليعبّد الطريق من جديد للتجمعيين الذين عرفوا باختراقهم لكامل مفاصل الدولة و بتحالفهم مع أحزاب ولدت بعد الثورة. وتوقّع عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون أن يتمّ في القريب، تنقيح الفصل المتعلق بمنع التجمعيين للترشح لعضوية مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية، وفق القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في فيفري 2017 والمتعلّق بالانتخابات والاستفتاء. وقال خلال إشرافه يوم السبت في صفاقس على ملتقى تكويني إقليمي حول الإنتخابات البلدية اليوم السبت 10 مارس 2018″ إن الدستور شامل لكل التونسيين، فهو يضمن الحقوق ويعزز الحريات". في الواقع تصريح بافون، يأتي استجابة لدعوات و مطالب أطراف سياسية تطالب ليلا نهارا وفي مختلف الوسائل الاعلامية بعودة التجمعيين من الباب الكبير، و لعل اكثر المدافعين عن هذه الفكرة حزب النداء و افاق تونس و حركة مشروع تونس ، الاحزاب التي عُرف عنها تفانيها في خدمة التجمّع و تعبيد الطريق لعودته، و لعلّ المصالح التي تجمع بين حزب نداء تونس والتجمع اكثر من الخلافات التي قد تفرق بينهما، ذلك ان نداء تونس لا يمكنه تعبئة رصيد انتخابي يؤهله لتصدر السلطة دون الاستعانة بأصوات تجمعيّة . ويرى الباحث و الجامعي انور الجمعاوي، أنّ الخزّان الانتخابي الذي يقف وراء حزب نداء تونس مثلا يستمدّ عنفوانه من حضوره المكثّف لاطارات و أنصار حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي المُنحلّ، فقد كان النداء الجسر الذي عاد من خلاله هؤلاء إلى الفعل في الحياة السياسية، وكان له الدّور في تجنيبهم سياسة العزل والإقصاء، وله الفضل في تمرير قانون المصالحة الإدارية الذي استفاد منه إداريون ورجال أعمال "تجمّعيون" كثيرون حامت حولهم شبهات فساد، كذلك فان حركة نداء تونس، على الرغم مما اعتراها من انقسام، ما زالت تستهوي طيفا واسعا من التجمّعيين والليبراليين الذين فشلت في احتوائهم الأحزاب الدستورية التقليدية، وفي مقدّمتها الحزب الدستوري الذي لم يُقدّم سوى 32 قائمة، فيما اكتفى حزب المبادرة الدستوري بتقديم ثماني قوائم فقط. و حذر سياسيون ، من العودة المريبة للتجمعيين الى صفوف المشهد السياسي دون حسيب او رقيب و التي قد تعصف بالانتقال الديمقراطي ،و قال الامين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي ، "لا يمكن أن نأتمن التجمعيين على الانتخابات البلدية، ونضمن إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وشفافة بمشاركة قيادات التجمع في تنظيمها".