بعد أن هفت الحديث قليلا عما يصدر عن السفير الفرنسي بتونس أوليفيي بوافر دارفور من شطحات استعراضية من خلال تدخله "الطفيلي" في الشأن التونسي، حان دور إحدى المسؤولات بالقنصلية الفرنسية بتونس لتأخذ المشعل عن دارفور وتواصل ما بدأه هو بعد ان نهره رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن "الشوو" ودعاه إلى الالتزام بعمله صلب السفارة. وقد نشرت المستشارة في القنصلية الفرنسية في تونس مارتين فورتين جديدي ، وهي مقيمة في تونس منذ عشرات السنوات، إبان الاحتجاجات التي شهدتها تونس خلال الأيام القليلة الماضية، تدوينة دعت فيها بشكل شبه مباشر الى انقلاب عسكري في تونس. وقد دونت مارتين على صفحتها في موقع فيسبوك «العنف والاحداث المتفرقة في كل مكان في تونس. هل سيكون هناك عقيد في غرفة العمليات في انتظار أن يقود طائرة تونس?» في إشارة إلى احتمال وقع انقلاب عسكري في تونس. تدوينة المستشارة الفرنسية أثارت حفيظة التونسيين، الأمر الذي دفع عددا من الحقوقيين والنشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي إلى شن هجوم كبير عليها مطالبين بإقالتها وطردها من البلاد. وأثارت تدوينة جديدي موجة استنكار كبيرة حيث أنشأ نشطاء غاضبون عددا من الوسم المهاجمة لفرنسا، أبرزها «فرنسا العدو والعدو فرنسا» و»سفارات الدسائس حول المغرب العربي الكبير»، وكتب أحدهم «هذه الفرنسية مارتين فوترين ذات الديانة اليهودية تعمل في السفارة الفرنسية بتونس تدون على صفحتها قبل أيام منذ اندلاع الاحتجاجات بأن هناك تحضير لقائد عسكري سيقود تونس في المرحلة القادمة بمعنى أنها تدعم انقلابا عسكريا في تونس على الطريقة المصرية. والغريب بعض النخب التونسية اعجبتهم التدوينة»، ودعا آخرون إلى استدعاء السفير الفرنسي في تونس وإقالة جديدي وطردها من البلاد. وعبّرت جديدي في تدوينة لاحقة عن حزنها الشديد ل»الهذيان الشديد من قبل النشطاء التونسيين والتعليقات العنيفة ضدي وضد فرنسا وفق نظرية المؤامرة المعتادة بعد التدوينة «الفكاهية» حول الانقلاب العسكري»، وأضافت مشيرة إلى النشطاء المطالبين بطردها من البلاد «يجب أن يعرفوا أنني انتخبت من قبل الفرنسيين في تونس وليبيا ولست مسؤولة في الدولة الفرنسية ولا أمثل سفارتها (...) هناك من يعرفوني منذ 40 عاما بمواقفي الديمقراطية وصراعاتي لسنوات عديدة لدعم القوى التقدمية في هذا البلد ». ومن جهته، كتب القاضي ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني تعليقا على ما كتبته جديدي «ومن الواضح ان السيدة مارتين لم تعمل بمقولة «جُعل الكلام لنخفي ما نريد!» بل كان واضحا انها تفضل ( ان لم تكن تحرض) تدخل الجيش في الاحداث المدنية التي اندلعت على اثر دخول قانون المالية الجديد حيز التنفيذ . ورغم ان موقفا كهذا (على غرابته!) لم يكن ليثير في الاوقات العادية انتباه الاعلام اودائرة واسعة من المتحمسين الا انه كان كافيا ليشعل (في الوقت غير الملائم! ) تعاليق المتابعين بالشبكات الاجتماعية وبعض البرامج السياسية مع اصناف الشتم والكلام العنيف (وحتى المقذع ) فضلا عن اتهامها (ومعها فرنسا) بالتدخل والدعوة الى ارساء دكتاتورية جديدة وبالعنصرية والممارسة الاستعمارية، الى حد المطالبة بترحيلها!». وأضاف عل صفحته في موقع «فيسبوك»: «لكن (وهذا ما اكتشفناه ) لم يكن ذلك اول تعليق تناقلته وسائل الاعلام والتواصل عن صديقتنا الفرنسية من ذلك حديثها في تدوينة سابقة (18 ديسمبر 2015) عن الاعتداءات الموجهة ضد حقوق الانسان والحريات الفردية وعن الايقافات التعسفية من اجل سلوكات شخصية (اشارة الى ايقافات قضائية لبعض المثليين) اوفي صفوف بعض النشطاء السلميين دون اي ارتباط مع حالة الطوارئ او مكافحة الارهاب (...)الا ان السيدة مارتين لم تجد امام ذلك الهجوم غير المسبوق الا التعبيرعن شدة حزنها واصفة تلك التعاليق (العنيفة للغاية !) بالهذيان الكلي ضد شخصها و ضد فرنسا و ضد السفارة! فهل وقعت «المسكينة « (دون ان تقصد) في شرك «مزاحها الغليظ» ام انها كشفت – حقيقة – عن وجهها الاستعماري البغيض؟».