دعت منظمات وجمعيات، في بيان مشترك، إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وعدم اعتماده. وطالب البيان بالعمل على "إقرار قانون جديد لحماية البيانات الشخصية، يرّكز في جوهره على المواطن، ويحترم حقوقه، ويضمن حماية المواطن التونسي لمعلوماته الشخصية الخاصة والفردية". وقعت البيان 32 منظمة وجمعية بينها الاتحاد العام التونسي للشغل ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابة الوطنية للصحفيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات ومنظمة البوصلة والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان. ونبّهت المنظمات الموقعة على البيان إلى أنّ توجه وزارة الداخلية نحو تنفيذ المشروع المذكور يأتي "دون سابق إعلام وفي غياب تام لمبدأي الشفافية والتشاركية المعمول بهما في التشريعات التي تمس حقوق المواطنين التونسيين وعلى رأسها الحق في الخصوصية". وكانت وزارة الداخلية، أفادت في بلاغ يوم 17 جانفي الحالي، بأنّها نظّمت بمقرها سلسلة من الجلسات المتعلّقة باستئناف بعث مشروع إنجاز جواز السفر البيومتري وبطاقة التّعريف البيومتريّة وتعجيل تنفيذه. وقالت الوزارة إنّ ذلك "يندرج في إطار تنفيذ مقتضيات المنظّمة العالميّة للطيران المدني المتعلّقة خاصّة بالتّعاون الدّولي على حماية أمن وسلامة جوازات السفر سيما التّوصية التي تُلزم الدّول بإنهاء العمل بجوازات السّفر المقروءة آليا في موعد أقصاه سنة 2015، وأيضا في إطار الإصلاحات المبرمجة لرقمنة الخدمات الإداريّة لفائدة المواطن والتّبادل الالكتروني للمعطيات"، حسب تعبير البيان. وأضاف البيان أنّه تمّ الاتّفاق خلال جلسات العمل على تعديل بعض النّقاط القانونيّة للمشروع وتحديد إطاره القانوني ورصد ميزانية خاصّة باقتناء وتركيز التّجهيزات والمنظومات الخصوصيّة والمعدّات الفنيّة الخاصّة بهذا المشروع طبقا لمواصفات السّلامة والمعايير الدّولية. لكنّ المنظمات الرافضة لهذا المشروع، ذكّرت بأنّه تم تقديم مشروع بطاقة التعريف البيومترية، لأول مرة لمجلس نوّاب الشعب من قبل وزارة الداخلية في عام 2016. وقد عارضت منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية في تونس بشدة آنذاك مشروع القانون لعدم توفيره ضمانات قانونية وتقنية وفنيّة كافية لحماية الحق في الخصوصية والمعطيات الشخصية للمواطنين. وبناء على ذلك، وبعد عامين، تم سحب مشروع القانون رسميًا من قبل الوزارة قبل أن يعاد إيداعه من طرف رئاسة الحكومة في صيغة جديدة في جوان 2020، مرفقا بمشروع قانون جواز السفر البيومتري، لتنطلق النقاشات حوله في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب سنة 2021. وفي غياب الشفافية حول التعديلات القانونية الجديدة والجدول الزمني للمشروع المعلن عنه في بيان وزارة الداخلية، عبّرت منظمات المجتمع المدني عن استغرابها من طرح هذا المشروع مجددا والدعوة لتعجيل تنفيذه في ظل الأحكام الاستثنائية التي تعيشها البلاد منذ 25 جويلية 2021. وشدّد البيان على أنّ "هذا الغموض والتسرّع يزيد من تخوفات المنظمات والجمعيات من اعتماد نص تشريعي في صيغة مرسوم رئاسي غير قابل للطعن، واستيائها من الغياب الكلّي للتشاور والحوار مع مكونات المجتمع المدني والأطراف الشريكة من هيئات وطنية وخبراء ذوي العلاقة". وأكّد البيان أن إنشاء قاعدة بيانات بيومترية قد يمكّن من زيادة مراقبة المواطنين والمواطنات وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في ظل غياب أي توضيح أو إجابة لعدد من التساؤلات التي تم طرحها سابقاً وأبرزها: ماهية البيانات التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية وأين سيتم تخزينها، ومن هي السلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية، ومن هم المؤسسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات الشخصية المشفرّة، وما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمان هذه البيانات.