أظهرت نتائج تقرير الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري حول التعددية السياسية بعد القرارات الرئاسية الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021، اختلالا كبيرا في التغطية نتيجة عدم الالتزام بمبادئ التعدّد والتنوّع والتوازن سواء كان ذلك على مستوى المدّة الزمنيّة المخصّصة لمختلف المواقف والفاعلين السياسيين أو طريقة التناول للمواضيع ذات الصلة. وقالت الهيئة في تقريرها الذي نشرته اليوم 13 سبتمبر 2021 إنّها رصدت "إخلالات جسيمة" ارتكبتها القنوات التلفزية (4) والإذاعية (6) طالت حق مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في النفاذ لفضاءات هذه القنوات. وكشف التقرير عن اختلال فادح في التغطية الإعلامية للقناة الوطنية الأولى (الإعلام العمومي)، للإجراءات المتخذة مساء 25 جويلية، حيث خصصت 3 ساعات و39 دقيقة و39 ثانية للمواقف المناصرة لسعيد، بنسبة 92,7 بالمائة، مقابل 17 دقيقة و18 ثانية للمواقف الرافضة، بنسبة 7,3 بالمائة. وجرت أعمال رصد مدى التزام القنوات التلفزية والإذاعية العمومية والخاصة بمبادئ التعددية السياسية خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 جويلية 2021. ووقع رصد أداء القناة الوطنية الأولى وقناة تلفزة تي في وقناة التاسعة وقناة الإنسان، وشمل رصد الإذاعات، الإذاعة الوطنية وإذاعة المنستير وإذاعة موزاييك وإذاعة جوهرة وإذاعة ابتسامة (IFM) وإذاعة الديوان. ونبّهت الهيئة إلى أنّ "الطموح السياسي لبعض أصحاب المؤسسات الإعلامية أو رغبتهم في التموقع في المشهد السياسي لتحقيق مصالح خاصة أو الحفاظ عليها يشكل خطرا جديّا على مستقبل الإعلام في تونس". وحسب التقرير بلغت المدة الزمنية المخصصة، في القنوات التلفزية، للمواقف المناصرة لقرارات قيس سعيد يوم 25 جويلية، خلال الفترة المرصودة، 10 ساعات و10 دقائق و39 ثانية، مقابل ساعتين و45 دقيقة و38 ثانية للمواقف الرافضة للتدابير الاستثنائية، أي بمعدل 79 بالمائة للمناصرين لقيس سعيد، على حساب معارضيه (21,3 بالمائة). وعلى المنوال نفسه كان أداء الإذاعات المرصودة التي خصصت 16 ساعة و52 دقيقة للمواقف المناصرة لقيس سعيد، بنسبة 66 بالمائة، مقابل 5 ساعات و39 دقيقة لمعارضي سعيّد، أي بنسبة 34 بالمائة. وبيّنت الإحصائيات الزمنية أنّ الإذاعات التزمت، نسبيا، بمعايير التمثيلية السياسية في الحضور الإعلامي وخصصت 5 ساعات لشخصيات غير منتمية، يليها حزب حركة النهضة ب3 ساعات و52 دقيقة ثم حركة الشعب بساعتين ودقيقتين وحزب الوطد (ساعة و33 دقيقة)، فيما حلّ حزب قلب تونس في المرتبة 13 من حيث حصته من التعبير عن موقفه ب26 دقيقة. وفي المقابل، كان خرق قاعدة التمثيلية السياسية كان عنوان التغطية التلفزية، حيث تصدرت حركة الشعب المرتبة الأولى في التعبير عن مواقفها بثلاث ساعات، ثم حركة تونس إلى الأمام (غير الممثلة في البرلمان) بساعة و36 دقيقة، ثم حزب العمال وحركة تحيا تونس والحزب الاشتراكي وحزب مشروع تونس. وحلت حركة النهضة في المرتبة الثامنة يليها حزب قلب تونس. وخلص التقرير إلى أنّ "العديد من القنوات التلفزية والإذاعية وقعت تحت تأثير التجاذبات والحسابات السياسية وهو ما أثر سلبا في التزاماتها بتنوع الآراء وتعدد زوايا التناول الإعلامي لموضوع 25 جويلية مما انجر عنه مس بقواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها". ونبّهات "الهايكا" إلى أنّ الإعلام العمومي لا يزال يثير الجدل حول مدى استقلاليته في التعاطي مع الأحداث السياسية المفصلية وتغيّر موازين القوى. كما دعت الهيئة الصحافيين إلى مزيد الالتزام بمبادئ الحياد والموضوعية وبأخلاقيات المهنة الصحفية والتمسك باستقلاليتهم بعيدا عن الرقابة الذاتية. وفي ما يأتي النسب المائوية لمساحات التغطية الإعلامية المرصودة في التقرير، حسب المواقف من إجراءات قيس سعيد (مع) أو (ضد) يوم 25 جويلية الماضي: الوطنية الأولى: 92,7 بالمائة (مع)، 7,3 بالمائة (ضد). التاسعة: 70 بالمائة (مع)، 30 بالمائة (ضد). تلفزة تي في: 75,2 بالمائة (مع)، 24,7 بالمائة (ضد). الإنسان: 67 بالمائة (مع)، 33 بالمائة (ضد). الإذاعة الوطنية: 77,3 بالمائة(مع)، 22,6 بالمائة (ضد). إذاعة المنستير: 82 بالمائة (مع)، 18 بالمائة (ضد). موزاييك: 74 بالمائة (مع)، 26 بالمائة (ضد). جوهرة: 83 بالمائة (مع)، 17 بالمائة (ضد). ابتسامة (IFM): 71,1 بالمائة (مع)، 28,8 بالمائة (ضد). الديوان: 61 بالمائة (مع)، 36 بالمائة (ضد).