في برنامج تلفزي بث على قناة «نسمة» ليلة 7 فيفري أدلى الصحفي زياد الهاني بتصريحات في غاية الخطورة مفادها أن المدير العام للمصالح المختصة في وزارة الداخلية رجل معين بشكل مباشر من قبل الحبيب اللوز القيادي في حركة النهضة، وذلك بحسب مصدر أمني قدم له المعلومات أثناء تشييع جنازة المعارض السياسي اليساري شكري بلعيد. ونقل الهاني أن «الزواري انتدب 20 شابا بوزارة الداخلية دون أن تكون لهم علاقة مباشرة بالوزارة، وهي تتدرب على الفنون القتالية وعلى القنص». وكان خالد طروش، الناطق باسم وزارة الداخلية، قد تدخل ليلة الجمعة مباشرة في البرنامج التلفزي وقال: «إن الوزارة سترفع قضية ضد الهاني» لتعمده ما اعتبره «بث البلبلة»، وفعلا تم استدعاء الهاني يوم السبت على سبيل الاسترشاد، كما ذكر فريق الدفاع الذي دعا إلى الاستماع إلى أقوال مجموعة أخرى من القياديين، من بينهم الحبيب اللوز وراشد الغنوشي القياديان في حركة النهضة، ومحرز الزواري المدير العام للمصالح المختصة واستجاب صباح السبت 9 فيفري الصحفي زياد الهاني للدعوة المستعجلة التي وجّهت له من قبل قاضي التحقيق يوم 7 فيفري وحضر في الموعد للإدلاء بأقواله فيما يتعلق بالاتهامات التي وجّهها لبعض الاطراف المتنفذة في قضية مقتل الشهيد شكري بلعيد. وقد قرر حاكم التحقيق الاستماع الى الهاني صباح الاثنين 9 فيفري بعد ان استمع فقط الى محامييه. وحضر الهاني يومها في بهو المحكمة صحبة عدد من الصحفيين وعدد كبير من المحامين الذين دخلوا مكتب التحقيق ال 13 للاستفسار حول ما إذا كان الهاني متهما أو وجهت له الدعوة للشهادة فحسب، وأكد المحامي عبد الستار المسعودي للصحافة أن القضية تحوم حولها شكوك كبيرة وان الملف خال من كل وثيقة. كما أن الاستدعاء الذي سلم للهاني دقائق فقط بعد تصريحه في قناة نسمة للمثول أمام حاكم التحقيق تشوبه عديد الخروقات الشكلية أبرزها انه لا يتضمن عدد القضية ولا سبب الاستدعاء ولا الصفة التي سيمثل بها الهاني كمتهم أو كشاهد وهو ما يوحي بأنّ الأمر سياسي بحت وأن الاوامر صدرت عن اطراف غير قضائية لفتح الملف بهذه السرعة الغريبة والاستثنائية لذلك تمّ تأجيل استنطاق زياد الهاني إلى يوم الاثنين 11 فيفري على السّاعة 10 صباحا كشاهد وليس كمتهم .وفعلا مثل الصحفي زياد الهاني الاثنين أمام قاضي التحقيق بالمكتب 13 بالمحكمة الابتدائية بتونس للإستماع إليه بصفته شاهدا. واستمع قاضي التحقيق بحضور عدد كبير من المحامين إلى شهادة الهاني الذي أعاد ما كان صرح به من وجود خلية صلب وزارة الداخلية وراء عملية الاغتيال وقدّم كل المعطيات التي لديه ومصدرها أحد الأمنيين مؤكدا أن هدفه مما صرح به هو دفع النيابة العمومية الى فتح تحقيق والمساعدة على الكشف عن الاطراف التي نفذت او أعطت الاوامر لتنفيذ الجريمة وذكر المحامي فوزي بن مراد أن موكله أدلى بمعلومات على غاية من الخطورة تورط عديد الاطراف من احزاب وهياكل في الدولة مطالبا القضاء باستدعائهم وسماعهم. وذكرت مصادر صحافية ايضا ان هؤلاء الاطراف يوجد بينهم راشد الغنوشي وسامية عبو وسمير بالطيب وسفيان بن فرحات والطاهر بن حسين وغيرهم ممن ذكروا في تصريحاتهم التلفزية والاذاعية وفي الصحافة المكتوبة معلومات خاصة بقضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد يمكن ان تفيد القضاء .واكد الهاني من جهته انه وأمام خطورة الملف وامام الاتهامات الموجهة لاطراف امنية وحتى يأخذ التحقيق مجراه الطبيعي سيطالب باحالة الملف على القضاء العسكري باعتبار ان احد المشتبه بهم في القضية والذي اشار اليه بالاسم يعمل اطارا ساميا في وزارة الداخلية. كما رافق عملية ادلاء الهاني بشهادته طلب اخر يتمثل في استدعائه مباشرة من وكيل الجمهورية للاستماع اليه «في قضية أخرى» وكان يوجد حينها في المحكمة عناصر تابعة لفرقة مقاومة الارهاب وهو ما رفضه لسان الدفاع مطالبا باستدعاء موكلهم بالطرق القانونية، واعتبر الدفاع هذا الاجراء محاولة لاستدراج زياد الهاني واعتقاله. وفي صلة بظروف التحقيق التي حفت بها ملابسات غريبة صرح المحامي فوزي بن مراد ايضا ان قاضي التحقيق لم يكن على علم باستدعاء الصحفي زياد الهاني وهو ما يفسر تأخره في الحضور الى مكتبه يوم السبت وهو يوم عطلة حيث طُلب منه صباح السبت نفسه وبصفة استثنائية الالتحاق بالمحكمة لمباشرة الملف. وعرّج بن مراد على الخروقات الاجرائية التي شابت هذه القضية منها أن الاستدعاء لم يكن يحمل ختم قاضي التحقيق وصدر عن فرقة أمنية مما يعني ان هناك اطرافا سياسية معينة هي التي اتخذت هذا القرار في اطار اسكات الإعلاميين وكبت الإعلام والتضييق على المعلومة خاصة في أخطر قضية تشهدها تونس في تاريخها الحديث. وأضاف بن مراد ان الهاني مجرد ناقل لمعلومة يمكن ان تفيد العدالة، من جهتها ذكرت المحامية سعيدة قراش ان الدفاع طالب بالاستماع كذلك الى كل من ادلى بمعلومات او وجه اتهامات في قضية اغتيال شكري بلعيد مثل سامية عبو التي اتهمت مباشرة الباجي قائد السبسي بقتله ومثل راشد الغنوشي وسفيان بن فرحات الذي يبدو انه تلقى على هاتفه الجوال رسالة تشير الى وجود مخطط لاغتيال شخصيات سياسية اخرى وغيرهم وكذلك من صرح علنا بانه سيتم اخراج جثة الشهيد بلعيد من قبرها... وهو ما لم يمانع فيه قاضي التحقيق الذي اكد على اهمية الملف وانه لن يتأخر في توجيه الاستدعاء لهؤلاء للإدلاء بأقوالهم وتبرير اتهاماتهم .كما حمّل زياد الهاني في تصريح للصحافة مسؤولية ما يمكن ان يتعرّض له من أذى ومسّ من سلامته الجسدية او سلامة عائلته وفي نفس السياق، صرح الهاني لجريدة «الشرق الأوسط» ايضا بأن «فتح تحقيق فوري ضد وزارة الداخلية التونسية مسألة ضرورية وحساسة»، وأضاف أن «عملية الاغتيال تخفي وراءها مجموعة معقدة من الحقائق السياسية والأمنية التي لا يمكن السكوت عنها»، واعتبر أن «مستقبل تونس لا يطمئن إذا حرم الإعلاميون من حرية التعبير والإدلاء بالمعلومات التي تنير العدالة « على حد قوله.