خطوة خطيرة تلك التي اتخذتها الحكومة التونسية بطرد السفير السوري في تونس وسحب الاعتراف بنظام بشار الأسد قرار لم تتوقعه الطبقة السياسية التونسية بعد أن اتخذ بطريقة فجئية وارتجالية. مختلف الأحزاب السياسية رفضت القرار المتسرع لحكومة الجبالي واتهمت الحكومة بالولاء لأجندات غربية وخليجية أولها دولة قطر المتهمة بلعب دور مشبوه في السيطرة على الثورات العربية ورهنها للمصالح الأمريكية والغربية. دولة قطر متهمة من قبل الكثيرين بأنها تمول حركة النهضة الحزب الرئيس المشكل لحكومة حمادي الجبالي وهنا يأتي تساؤل المعارضة المشروع "هل بدا القطريون يجنون ثمن دعمهم للنهضة في السياسة الخارجية". طبعا من حق المعارضة أن تتساءل عن أسباب اتخاذ هذا القرار الاستراتيجي الذي غير جملة وتفصيلا المنهج الذي كان معتمدا في السياسة الخارجية التونسية المعروفة بحيادها واتزانها والتي تتمتع بثقة من قبل كافة الدول العربية ويبدو أن هذه الثقة بدأت تتزعزع وأصبحت تونس التي تعيش مشاكل اقتصادية وسياسية داخلية كبيرة تتدخل في سيادة بعض الدول العربية. فهذه أول مرة في تاريخ العلاقات الخارجية التونسية يتم فيها طرد سفير دولة عربية وسحب الاعتراف بنظام عربي لأسباب تتعلق بالمعارضة وهذه السابقة لديها انعكاسات جد خطيرة فسوريا لديها حلفاء في المنطقة كالنظام الجزائري مثلا ولا نعرف إن أخذت السلطات التونسية أخذت هذه الجزئية على محمل الجد. ثم إن لتونس جالية ليست بالقليلة في سوريا وهنالك أنباء تقول عن تعرض بعض المواطنين في دمشق لتهديدات بالقتل بعد قرارات الحكومة المتسرعة. من حق المعارضة أن تحتج على قرار طرد السفير السوري خاصة وأنها الدولة العربية و الإسلامية الوحيدة التي تقوم بمثل هذه الخطوات فحتى قطر وتركيا التي تعرف علاقاتها تأزما مع سوريا لم تقم بهذه الخطوة بل إن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا سحبتا سفيريهما ثم قامتا بإعادة السفيرين من جديد لأسباب تتعلق بمصالحهما في المنطقة. لكن السلطات التونسية للأسف تتخذ مثل هذه القرارات المصيرية بناء على العواطف والاملاءات الخليجية القطرية والتي لا يمكن أن تؤسس لدولة مستقلة ذات قرارات وطنية واضحة. نرجو أن لا يواصل سياسيونا الذين انتخبناهم بعد ثورة الحرية والكرامة والاستقلالية رهن قرار الدولة التونسية في أيدي وكلاء قطر بتعلة حقوق الإنسان وقيم الثورة لان مصلحة الشعب التونسي قبل كل شيء.