رسالة وجهتها المناضلة الحقوقية التي ذاع صيتها منذ سنين سهام بن سدرين إلى الوزير الأول االمؤقت الباجي قائد السبسي . هذه الرسالة التي اتخذت منها السيدة سهام بن سدرين متنفسا فكريا فضحت ... من خلاله وبكل جرأة سياسية وثقة في النفس كلّ تجاوزات حكومة السبسي بكل اجهزتها القمعية ( على حد تعبيرها ) وسياستها الديكتاتورية التي تعمل على " سرقة حرية الشعب التونسي وثورته" من خلال التآمر الفاضح ضدّ أول مؤسسة شرعية ستلدها انتخابات 23 اكتوبر بعد الثورة . حكومة السبسي استمرار لدكتاتورية بن علي " يبذل كثير من الذين يتبوءون الصفوف الامامية في الساحة السياسية كل الجهود لابتكار ألاعيب تحدّ من مدة هذه المؤسسة ودورها وصلاحياتها ..." هكذا اتهمت سهام بن سدرين حكومة السبسي بالتواطؤ مع بقايا النظام الفاسد لتشويه مسار الانتقال الديمقراطي وخنق ما أنجبته ثورة الأحرار من حرية وسير نحو الديمقراطية . في مستهل رسالتها إلى السيد الباجي قائد السبسي حرصت بن سدرين على تأكيد تهمة تآمر حكومة السبسي مع أطراف بن علي على إجهاض الثورة من خلال تشويه البعد الإسلامي في تونس والتحريض على إقصاء الأحزاب الدينية من الخارطة السياسية التونسية من خلال أعمال عنف مموهة في شكل هجومات " سلفية" وذلك محاولة لمنح مصداقية لسيناريوهات بن علي المبتذلة وحصنه المنيع ضدّ التطرّف الإسلامي . تهم بالجملة إلى الباجي قائد السبسي منن جانب آخر ، ذكّرت بن سدرين السيد الباجي قائد السبسي بقداسة الثورة التونسية وقيمتها العالمية نظرا لسلميتها وقوة دوافعها وأسبابها . واعتبرت أن قيام حكومة مؤقتة بعد 15 يوما من هروب بن علي لم يغير من الوضع شيئا بل زاده تعقيدا . هذا واعتبرت بن سدرين ان انجازات حكومة السبسي " هزيلة" و" غير شفافة" باعتبارها تجاهلت القضايا الأساسية وانحرفت نحو شكليات سياسية مبتذلة تستبله الشعب التونسي وتتلاعب بعواطفه . قضايا بالجملة وتهم عديدة وجهتها بن سدرين إلى حكومة الباجي قائد السبسي من بينها قضية اتلاف أرشيف وزارة الداخلية الذي كان فرصة ذهبية للشعب التونسي من اجل محاسبة المجرمين الحقيقيين وإرجاع لكل ذي حق حقه . تهمة أخرى توجهها بن سدرين للباجي قائد السبسي وهي تبرئة شخصيات سياسية أجرمت في حق تونس وترقيتها إلى مواقع سامية. تطويع الإعلام لخدمة ديكتاتورية جديدة هكذا اعتبرت بن سدرين تجاوزات الحكومة المؤقتة وسعيها المستمر إلى التعتيم الإعلامي وتطويعه لخدمة التجاوزات السياسية التي تقترفها حكومة السبسي من خلال " استنساخ نماذج جديدة عن عبد الوهاب عبد الله وتحويل " الهيئة العليا لإصلاح الإعلام والاتصال إلى هيئة ضغط ولوبي جديد وسلطة تنظيمية متسلطة لخدمة سياسة القمع والديكتاتورية التي يتّبعها السبسي وحكومته الورقية. من جانب آخر، اتهمت بن سدرين حكومة السبسي بالسيطرة على المنظومة القضائية في خدمة أوامر الأقوياء إلى جانب الإبقاء على مجموعة " التكاري" الذي التزم بحماية مجرمي النظام السابق والتلاعب بالقوانين والتشريعات لصالح زبانية التجمع . وفيما يتعلق بموضوع محاكمة بن علي اتهمت بن سدرين الباجي قائد السبسي باستبلاه الشعب من خلال إصدار قضايا مبتذلة في حق السفاح بن علي وهي تعاطي المخدرات ومخالفة قوانين الصرف ... هذا وقد نددت بن سدرين بغوغائية الخطاب السياسي لحكومة السبسي وغياب الانجازات الفعلية وأهمها السكوت التام عن كيفية تصرف الحكومة في المال العام والمال المسترد من مسروقات بن علي وأصهاره. كما اتهمت بن سدرين الحكومة المؤقتة وعلى رأسها الباجي قائد السبسي بتجاهل مطالب التونسيين والانحراف عن أهداف الثورة وعدم الاهتمام بمشكل البطالة والتنمية الجهوية . على صعيد آخر اعتبرت سهام بن سدرين إعلان الباجي قائد السبسي قانون الطوارئ هو جريمة نكراء في حق الشعب التونسي وثورته . ونعتت هذا الخطاب ب " الإهانة" لأنه يقمع الثورة ويغير مسار الانتقال الديمقراطي الذي سفكت دماء التونسيين من أجله . اقتسام الزعامة بين السبسي ورشيد عمار في خضم هذه الرسالة المطولة حذرت بن سدرين حكومة السبسي من التفكير في تقليد قوات الجيش مناصب هامة على رأس مؤسسات الدولة الاقتصادية أو الولايات وأشارت إلى رفض الشارع التونسي إلى عسكرية النظام كما حذرت من جعل رشيد عمار زعيما جديدا لتونس . كما اتهمت سهام بن سدرين حكومة السبسي بعدم احترامها للقانون والاخلال بشرعيّة أحكامه وقراراته من أجل خلق منافذ قانونية لكل التجاوزات السياسية . تصفية حسابات بين بن سدرين والسبسي في هذا الاطار بالذات سعت سهام بن سدرين إلى تبرئة نفسها من كل التهم "الكيدية" التي لفقتها لها أجهزة الداخلية وحكومة السبسي والتي تجعل منها مخربة لأمن تونس وتورطها في أي ممارسة انقلابية على الشعب والثورة ومخالفتها للقانون التونسي . كما اتهمت بن سدرين أجهزة حكم السبسي بتكثيف حملاتهم الاعلامية أو السياسية ضدّها وضدّ كلّ الثوريين من أجل إخماد روح المقاومة داخلهم وإفشال كل محاولات التغيير الذي يسعون إلى خلقه في عمق الثورة التونسية . وفي هذا الصدد كشفت بن سدرين عن " دناءة " جريدة " المساء" التي سعت إلى تشويهها وتلويث صورتها لدى الرأي العام واعتبرتها بن سدرين بؤرة اعلامية تجمع فيها بقايا البوليس السياسي لبن علي . آغتصاب فضيع لشهادات الزور جريمة أخرى تتهم بها سهام بن سدرين السبسي وحكومته التي تقتل عمدا كل مظاهر الحرية والديمقراطية ، هنا استعرضت بن سدرين ملف القضية التي انتجتها الداخلية وحبكت أطوارها داخل مسرح الجريمة وسمتها " ادخال البلاد في حائط" نوع جديد من القضايا عبرت عنه بن سدرين في رسالتها إلى الباجي قائد السبسي حيث اتهمت الشرطة بآغتصاب شهادة زور من الشاب أسامة عاشوري الذي تمّ القبض عليه في أحد الاعتصامات وأجبرته " المافيوزا التونسية" على الادعاء باطلا بأن سهام بن سدرين هي من حرضته على أعمال العنف والشغب وتم عرض هذه الشهادة على الفضائيات التونسية ثم عرضت قناة الجزيرة تصريحا للشاب أسامة ينفي فيه كلّ ما صرّح به ويعترف أن هذه التصريحات كانت تحت التعذيب والاكراه على إمضاء المحاضر التي تتهم حمّة الهمامي وسهام بن سدرين ب " إدخال البلاد في حائط" . حكومة مؤقتة تعمل بأجندا أجنبية في خاتمة رسالتها إلى الباجي قائد السبسي ، اعتبرت سهام بن سدرين تمكين الأجانب من دخول وزارة الداخلية والوصول إلى دهاليزها وأرشيفها وكل خفاياها فيه تداعيات سياسية مفضوحة وعمل وفق اجندات أجنبية . في حين نددت بكلّ ما قامت به وزارة الداخلية من حرمان المجلس الوطني للحريات بتونس وممثلي المجتمع المدني من حقهم في الدخول إلى دهاليز وزارة الداخلية والاطلاع على كل الملفات المتعلقة بخروقات الحريات الاساسية الموروثة عن النظام السابق والمرتكبة حاليتا . السيد الوزير الأول : إذا كانت لديكم الرغبة فأنتم تعلمون ما بقي عليكم فعله لتتركوا للتونسيين ذكرى طيبة لتوليكم مقاليد السلطة في البلاد ...ومهما حدث اعلموا سيدي الوزير الاول أن الخوف قد غادر إلى الابد عقول وقلوب التونسيين وأن أي مستبد لن تكون له هيمنة على مصيرنا" . بهذه الكلمات الاستفزازية أنهت سهام بن سدرين رسالتها إلى الباجي قائد السبسي ووضعته في مأزق سياسي سيجعله تائها بين الردّ و السكوت . هذه الجرأة السياسية والتحدي القوي من المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين للوزير الأول الباجي قائد السبسي يدخلنا مرحلة جدال واختلاف سياسي حادّ ونحن في مرحلة حساسة جدا وهي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي لم يبق لها إلا ثلاثة أيام . فرضيات عديدة وتساؤلات مختلفة ستولدها هذه الرسالة الجريئة وستخلق جدلا سياسيا وفكريا واسعا في الشارع التونسي بكل مستوياته خاصة ونحن في ظل هذه المرحلة السياسية الحساسة .ولكن مثل هذه التصريحات السياسية ستنير الرأي العام التونسي وستفضح تلاعبات الحكومة الحالية وتحتقن الشارع التونسي من أجل التصدّي لكلّ التجاوزات التي قد تفكّر الحكومة المستقبلية في ارتكابها.