عاجل/استدعاء مدير وأستاذ بمدرسة إعدادية للتحقيق: محكمة سوسة 2 توضح..    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    اعتداء مهاجرين من جنوب الصحراء على أمنيين.. إدارة الحرس تكشف وتوضّح..#خبر_عاجل    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    تقلبات جوية منتظرة خلال اليومين القادمين (وثيقة)    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    الحماية المدنية:15حالة وفاة و361إصابة خلال 24ساعة.    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    أنس جابر تتقدم في التصنيف الجديد لللاعبات المحترفات    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذيان
نشر في الحوار نت يوم 19 - 03 - 2020

خشينا ألّا يكون الرّئيس رئيسنا، لكثرة ما هام به غير التونسيّين. عرّفوا به في المنابر ورفعوه على الأكتاف والهامات، في المشرق والمغرب وفي إفريقيا السوداء وأدغالها وأحراشها. ارتفعت الأكفّ تدعو له ولتونس يرونها المثال الوحيد القادر على صنع أمل يذهب بالظّلم والديكتاتوريّة. احتلّ الشّاشات وشدّ إليها النّاس. "يتعبّدون" فيه خصالا لم تأت بها الصناديق المدعومة بالمال والسّواد المعربد من قبل.
رئيس جاءت به الأقليّة في غياب الإشهار التقليديّ المدلّس على النّاس.
رئيس تنافسه الشّباب وباهوا به غيرهم، أنانيّين لا يريدون مشاركته أحدا من الآخرين.
رئيس "فلتة" انفرد بلغته العربيّة واستشهاداته القرآنيّة واتّباعه الواضح للسنّة النّبويّة.
ارتاد المقهى فشدّ إليها النّاس يعشقون من خلالها الاجتماع بالنّاس والاستماع إليهم وكيف يمكن أن يكون رئيس البلاد واحدا منهم.
بالغ بعضهم - جهلا - حتّى ما اقتدى بأهل يوسف عليه السّلام، فخرّ له ساجدا، ولا بصحابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاستقام له - كما استقاموا لسعد بن معاذ - واقفا. شرب في المقهى القهوة واقفا، فأظهرها غيرَ مانعة للعمل ولا هي مُقعدة للنّاس السّاعاتِ الطويلة في انتظار تحقيق الأمل.
رئيس لم يترك مجالا للاجتهاد في رفض التعامل مع الكيان أو الاقتراب المشبوه المفضي إلى التطبيع اللعين الجبان. كان واضحا صريحا قاطعا حتّى خاف عليه النّاس ورأوها ضحيّة بعد مرسي الرّجل رحمه الله تعالى.
كان في بدايته نشطا حتّى أرهق الوزير الأوّل المكلّف. لم يترك حادثا إلّا سابقه فكان قبل حدوثه في مكان الحدث.
انتقد البعض سلوكه فكنت أدفع عنه وأحميه بتعلّقه بنصوص الدستور.
انتقد البعض اختيار مستشاريه فكنت أدفع عنه بطبيعة ميل الإنسان إلى من يعرفه فيجعله من بين مستشاريه.
تقوّل النّاس أنّ الرّئيس لم ينجح في الخروج من الأزمة التي صنعتها أنانيّة السّياسيّين.
لم يكن اختياره صائبا - كما ردّدوا - في تكليف الذي اختاره وكلّفه.
عمل ربع السّاعة الأخير في تمرير الذي اختاره وكلّفه.
تعلّقت أعين النّاس بالرّئاسات الثّلاث.
تحدّث بعضهم عن تنافس "ممتع" بين رئاستين من الرّئاسات الثّلاث، واحدة في باردو وأخرى في قرطاج.
يميل النّاس كثيرا إلى الثّنائيات والحديث عنها.
تستفيد الفرق الرّابضة وراء الثّنائيات من ذلك، فتتسلّل آمنة في القطاعات دون انتباه إليها ولا سؤال عنها، تُحدث ما تُحدث في البلاد وفي القطاعات.
القصر للرّئيس، حتّى إذا مات - كما مات - تحدّث النّاس عن الرّئيس وعمّا حدث في قصر الرّئيس.
تحدّثوا عن حياده وكيف كان الكثير من المستشيرين يستفيدون من وجوده ويمرّرون سياساتهم ويفرضون قناعاتهم مستغلّين وجوده.
تحدّث النّاس عن استغلال مرض الرّئيس وكيف تقوّلوا به عليه ومنعوا إمضاء قرار مجلس النوّاب القاضي بعدم ترشّح فلول الردّة.
بات الحديث اليوم عن قيس سعيّد مرتفعَ الصّوت وواضحا أكثر من وضوح الحديث عن ذلك الرّئيس.
جاء الأمر مخالفا للعادة هذه المرّة، فالعادة أن يكون الحديث بعد موت الرّئيس.
فهل جاء الرّئيس الحاليّ بالجديد أم جاء ميّتا كما مات الذي من قبل، فأباح ما يباح بعد موت الرّئيس؟!.
يقولون أنّ اليهود الصهاينة لا ينسون ولا يغفرون، وأنّهم يصبرون كثيرا قبل أن تراهم ينفّذون.
يقولون أنّ اختيار أدوات تنفيذهم سهلة ممتنعة، لعلّها تكون مستشارا تعب الرّئيس في اختياره كي تكون محاولات الوصول إليه ممتنعة.

أعيب على الرّئيس ميله إلى معارف المهنة والدّراسة، فغالبا ما يخفي ذلك الصنف أحقادا تراكمت منذ زمن الدّراسة.
كنت أميل إلى اختيار شخصيات وطنيّة معروفة عاديّة، لا ماركسيّة ولا لينينيّة ولا مدّعية الماركسيّة أو اللينينيّة.
كانت التلفزة بئيسة لمّا استدعت "لينين" في سهرة تونسيّة!..
كنت أميل إلى مساهمة الشّباب في اختيار تلكم الشّخصيات، فلعلّهم نصحوا بما تفرضه أعرافنا وبما اختارته لنا نصوصنا الدّستوريّة. فهي نصوص عربيّة إسلاميّة تونسيّة ليس فيها ميل للّينينيّة.
كنت أميل إلى التنوّع حتّى باختيار بعض الوجوه المستقلّة الإسلاميّة، فإنّ الأحداث بيّنت بجلاء خلوص الأعمال الوطنيّة الإسلاميّة. فمهما كان، تظلّ وجوها تونسيّة وإن اتّهمت بغير الحياد في غمار استحواذها على الأغلبيّة...
لست مع جلد الرّئيس على المباشر، ولكنّي مع مراجعته باللقاء المباشر.
لست مع التساؤل عن "انقلابه" ولكنّي مع البحث العميق عن سبب "انقلابه"، فلعلّه في وضعيّة كتلك التي مرّ بها الرّئيس السبسي مع مستشاريه الذين كانوا من أصدقائه وطلّابه.
لست مع استنكار قلّة اتّصاله، ولكنّي مع معرفة الدّواعي التي منعت اتّصاله. فقد يكون اتّصل لمّا توفّرت له وسائل الاتّصال وتغيّب لمّا تمنّعت عنه وسائل الاتّصال...
لقد بتنا بالإعلام نعايش الرّئيس القديم وأساليبه.
لم يعد يصلنا صوت الرّئيس - كما كان - إلّا عبر تصريحات الذين قابلوه واستمعوا إليه أو أسمعوه ما يريدون التصريح به للنّاس...
لست مناصرا لنظريّة المؤامرة ولكنّي أحذّر من وقوع المؤامرة...
أشعر أنّ هناك محاولات حثيثة لإفساد ما استبشر جانب كبير من التّونسيّين باكتشافه داخل صفوفهم...
أشعر أنّ هناك محاولات للانتقام من "رمز" وقف موقفا غير مناسب، فوجب تتفيهه...
أشعر أنّ طريقة الانتقام قد تأتي بتمرير الكلمة السوء على أفواهنا وألسنتنا...
فنحن الذين رحّبنا ونحن الذين يجب علينا رفع شعار "ديقاج" قبل أن تذهب حرارة التصفيق عن أيادينا...
ونحن الذين مدحنا ونحن الذين يجب علينا هجاء ما مدحنا لنكون من الكاذبين السّفاء...
ونحن الذين استبشرنا ونحن الذين يجب علينا لبس السّواد حزنا على اختيار ما به استبشرنا...
ونحن الذين ناصرنا ونحن الذين يجب علينا التنكّر للمبادئ التي على أساسها ناصرنا...
ليس بريئا أن يقع الحديث عن تونسيّة تحتمي بالكيان الصهيوني، هروبا من الكورونا في زمن نادى فيه الرّئيس والأحرار بتجريم التطبيع مع الكيان والامتناع عن الاقتراب منه امتناع العاقل عن أسباب الإصابة بفيروس كورونا...
عمليّة خبيثة جدّا، تقول أين المفرّ إن لم يكن فراركم من الكرونا إلى الكيان محارب الكورونا... فبلادكم لا تقوى على مواجهتنا أو مقاطعتنا ناهيك عن تجريمنا، ولو قدرت لقدرت على مواجهة الكورونا...

سمّيت حروفي هذه هذيانا، وقد تعلّمت أنّ النّاس الصالحين هم الذين ينظرون في الأسباب التي جعلت الإنسان يهذي، وليسوا أولئك الذين ينفضّون من حوله استنكافا وهروبا من سماع الهذيان...

عبدالحميد العدّاسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.