خصص رئيس الجمهورية المؤقت السيد منصف المرزوقي لقاءه امس برجال الاعمال في مقر اتحاد الاعراف للحديث عن خطورة الوضع الاقتصادي اليوم في بلادنا بسبب ظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات لكنه دعا رجال الاعمال في الآن نفسه الى ضرورة تحمل مسؤوليتهم. المرزوقي الذي فضل الحديث امام الحضور المكثف لرجال الاعمال بارتجال معتبرا ان الخطاب الذي اعده له قسم الاقتصاد برئاسة الجمهورية طويل للغاية ، قال اننا استطعنا اليوم بناء مؤسسة سياسية سليمة لأنها شرعية وكل من يعمل فيها وطنيون ولا يريدون لهذا البلد الا كل الخير. لكن هذه المؤسسة مهددة في رأيه اليوم بالموت اذا لم تعد «الماكينة الاقتصادية» للعمل، فالناس لا يأكلون حرية الرأي ولا حرية التعبير ولا يشربون استقلال القضاء ولا النقاشات السياسية الفلسفية، بل يريدون الحرية والخبز معا. وتواصل تعطل ماكينة الاقتصاد سيغيب الخبز عنا. لهم آلامهم و مطالبهم
واصل المرزوقي متوجها بالقول لرجال الاعمال أن «هذه الاعتصامات والاضطرابات التي تقلقنا مفهومة ولها جذور تاريخية ونفسية بعد 50 سنة الاحتقار والتهميش والفساد والاستغلال و.. اليوم ندفع ثمن تلك السياسات الخاطئة التي استهدفت الانسان واستهزأت بالجهات واحتقرتها . الدولة ارتكبت أخطاء وكلنا ارتكبنا وكلكم ارتكبتم أخطاء في حق الناس والشباب والجهات وكرامة الشعب ويجب الاعتراف جميعا بالمسؤولية تجاههم . ليسوا كلهم من المخربين والمجانين والمشطين في مطالبهم ، لقد تحدثت معهم ولهم حاجيات مثلنا جميعا ولهم مطالب حقيقية و يشعرون بآلام البطالة والجوع ..فكيف لا نفهمهم و كيف نعتبرهم مخربين .» أكل الحجر !! هناك مفارقة صعبة حسب المرزوقي ، اذ بقدر التعاطف مع المعتصمين وتفهمهم «أقول انهم بصدد التسبب في كارثة لانفسهم ولنا جميعا وللبلاد هم بصدد قص الغصن الذي نجلس فوقه جميعا واغراق الباخرة التي تقلنا جميعا .هذه هي المفارقة ..هذا انتحار جماعي ، اتعاطف مع هذه الحقوق لكن طريقة المطالبة بها غير مجدية . هي طعن لتونس في الظهر.. اطالبهم باسم الوطنية والوطن تعليق الاعتصامات مدة الهدنة 6 اشهر وبعد ذلك مستعد للحساب واتحمل المسؤولية .لا نريد تكرار ما حصل مع يازاكي في ام العرائس و لو يتكرر ذلك اكثر من مرة سنظطر لاكل «الحجر « بدل الخبز !!» قد نضطر لتطبيق القانون يقول منصف المرزوقي أنه لا وجود لدولة في العالم تقبل بهذا الانتحار الجماعي ، سيأتي وقت نقول فيه للمعتصم بعد استنفاذ كل طرق الاستلطاف والمرونة « اتكى غادي القانون هو الفيصل» ..مؤكدا ان السلطة لا تريد الوصول لهذا الوضع طبعا ، فالمهم الآن هو قليلا من الصبر والوطنية حتى نحمي المصلحة العليا اذ لا وجود في اية دولة في العالم لشيء اسمه كن فيكون . الحكومة جدية وبرنامجها جدي وننتظر منها وتنتظر منا الكثير ، لكن لا بد من الصبر عليها . عقليات من جهة اخرى اعتبر رئيس الجمهورية المؤقت انه لا بد لكل هذا من اعادة ترميم العقليات والتصرفات التي نماها بداخلنا الاستبداد وهي عقلية «اسكت لا تتكلم في السياسة، الدولة ستتكفل لك بكل شيء» فنمت بذلك في المواطن عقلية السلبية والخمول و«اعطيني كل شيء وهاني ساكت في السياسة».. انتهى هذا العهد واليوم نحن في منظومة جديدة لا بد من العمل والكد والجد والحديث في السياسة ولا ننتظر من الدولة كل شيء وهذا معمول به في اي دولة من العالم. عقد اجتماعي حدد المرزوقي ملامح العقد الاجتماعي الذي يجب ان يربط الدولة (رجال السياسة) بالاقتصاديين (رجال الاعمال) . فالدولة تتعهد من جهة بتوفير الاستقرار والامن لكن ليس بنسبة مائة بالمائة اذ لا بد على الجميع بما في ذلك رجال الاعمال من التأقلم مع كل التغيرات والتقلبات واعتبار الوضع دوما استثنائيا ولا بد من مجهود استثنائي لحماية النفس والممتلكات . كما تتعهد بتوفير ادارة فعالة تسهل عمل المستثمرين بعيدا عن البيرقراطية وتوفر القضاء المستقل لضمان التطور والاستقرار السياسي والاقتصادي وتتعهد بمنع الفساد والرشوة والابتزاز الجبائي والسياسي. وقال بالخصوص «من يطلبكم لمساعدته بالمال على تمويل حملته الانتخابية قولوا له «ديقاج» اعرف ان بعضكم اعطى المليارات للاحزاب في الانتخابات الاخيرة لكن الشعب لم ينطل عليه ذلك ..اتركوا اموالكم عندكم ووظفوها لما ينفع البلاد، لا تتدخلوا في الامور السياسية ولا تلعبوا لعبة السياسة والاحزاب حتى لا تذهب اموالكم هباء منثورا .» اما رجال الاعمال فمطالبون حسب المرزوقي باحترام حقوق الشغالين و بتفادي الجشع لان الاستغلال يؤدي في النهاية الى ثورة وباحترام البيئة و بدفع الضرائب لان هناك من رجال الاعمال من لا يدفعها و بالانخراط في الحرب المقدسة ضد البطالة.