جندوبة: إنطلاق عملية التنظيف الآلي واليدوي لشواطىء طبرقة    طقس اليوم الأحد...أجواء ربيعية    مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في إطلاق نار بحفل في نيويورك الأمريكية    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    نبيل عمّار يُلقي كلمة رئيس الجمهورية في مؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي    مع الشروق .. خدعة صفقة تحرير الرهائن    استرجاع مركب شبابي بعد اقتحامه والتحوّز عليه    الاعتداء على عضو مجلس محلي    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة وإصابة 3 آخرين في حادث مرور    تدشين أول مخبر تحاليل للأغذية و المنتجات الفلاحية بالشمال الغربي    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    انعقاد ندوة المديرين الجهويين للنقل    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    وزير الفلاحة وممثّل منظمة الفاو يتّفقان على دعم التنمية والأمن الغذائي والمائي لمواجهة التحديات المناخيّة    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    قاضي يُحيل كل أعضاء مجلس التربية على التحقيق وجامعة الثانوي تحتج    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاذاعات على الانترنت: دوافع التأسيس ذاتية... ومذيعون ليست لهم وضعية قانونية: المضمون يفلت من الرقابة
نشر في الشروق يوم 18 - 05 - 2010

راديو الجرة، راديو أوسيان، راديو بلاتين، راديو قرطاج، راديو تونس زون، راديو تونيزيا وايف، راديو ياسمين، راديو تونس بلادي، راديو فرصة CA، راديو جوهرة رادس... هذه مجرد عينة من أسماء الاذاعات علىالانترنت التونسية التي يبلغ عددها في الواقع قرابة عشرين إذاعة تبث على شبكة الانترنت.
وقد انتشرت هذه الاذاعات بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. وسبب هذا الانتشار هو تطور استخدام الانترنت من ناحية وسهولة بعث هذه الاذاعات من ناحية أخرى.
وقد تكون هناك في بعض الاحيان دوافع شخصية لانشاء إذاعة على الانترنت ما يدفعنا الى التساؤل: هل أن هذه الاذاعات تأتي استجابة لحاجة الجمهور أو استجابة لحاجات خاصة لدى باعثيها كحب المغامرة والهواية؟ وماذا عن الخلفية التشريعية لهذه الاذاعات خصوصا في ظل غياب قوانين تنظم صحافة الانترنت في تونس؟ ثم ماذا عن المضمون؟ هل يخضع للتنظيم والانتقاء والمراقبة أم أنه يفلت من القيود؟
ظهرت إذاعات الانترنت في تونس منذ عدة سنوات وكانت في البداية موسمية ذات بث متقطع لم يسمح لها بالانتشار والشهرة. الى حدود 21 مارس 2005 تاريخ بعث إذاعة تونس بلادي التي مازالت تبث الى اليوم الى جانب مجموعة من الاذاعات التي جاءت بعدها. ويتمثل السبب الرئيسي لبعث إذاعة تونس بلادي في أن صاحبها فوزي عبد الكافي المقيم في كندا أرادها وسيلة للتواصل مع عائلته المقيمة في تونس. وليس هذا سوى مثال عن الدوافع الشخصية لتأسيس إذاعات الانترنت. فهي لا تأتي استجابة لحاجات ورغبات الجمهور وإنما استجابة للرغبات الشخصية لمؤسسيها أو العاملين بها.
فقلما نجد بين هذه الاذاعات واحدة شاملة تقدم برامج مختلفة تستهدف مختلف الاعمار والاهتمامات والاذواق. بل إنها في معظمها إن لم نقل كلها تكون موجهة حسب رغبة أصحابها. فنجد إذاعات تختص في الموسيقى فقط مثل راديو تونيزيكا أو راديو سهرية. بل إن منها ما يختص في نوع معين من الموسيقى مثل راديو Tunisia Dj Station الذي يقدم موسيقى الDj أو راديو زنزانا الذي يقدم موسيقى الروك.
وهناك إذاعات أخرى لا تهتم سوى بالرياضة كإذاعة فرصة CA التي تخصص كل برامجها للحديث عن النادي الافريقي ومتباعة أخباره وتشجيعه.
ويبقى الدافع المشترك بين كل هؤلاء هو حب المغامرة الذي يتجسد في بعث هذه الاذاعات والرغبة في ممارسة هواية التنشيط حتى على حساب الجمهور. ولكننا نتساءل في هذا السياق عن الوضعية القانونية والمالية لاصحاب إذاعات الانترنت والعاملين فيها.
في ظل غياب التشريعات
لا يوجد في تونس قانون ينظم صحافة الانترنت الى حد اليوم. فلا يخضع تأسيس إذاعة على الانترنت الى ترخيص مسبق أو كراس شروط. وإنما يكفي أن يعد الباعث تجهيزاته ويختار مسدي خدمات الانترنت الذي يريد التعامل معه لينطلق بث إذاعته. وللباعث كامل الحرية في اختيار مسدي الخدمات سواء كان تونسيا أو أجنبيا. ولكن خلال حديثنا مع السيد محمد حمدان وهو رجل قانون وأستاذ قانون الاعلام في معهد الصحافة وعلوم الاخبار قال: «الاشكال في هذه الاذاعات هو أنها لا تلتجئ الى مسدي خدمات تونسي، حينها تصبح خاضعة لقانون البلاد التي ينتمي اليها وليس للقانون التونسي». كما سألنا السيد محمد حمدان عمن يتحمل المسؤولية القانونية لهذه الاذاعات فأجاب: «مسدي الخدمات هو المسؤول قانونيا على كل ما ينشر عبر الواب وصاحب الاذاعة شريكه فهما يخضعان لقانون الصحافة كشركاء». إذ يقع في حالة ثلب الاشخاص أو المس من النظام العام غلق الموقع من قبل الشركة التونسية للانترنت. وذلك بوجوب مجلة الصحافة التي لا تتضمن سوى بعض القواعد العامة حول ما ينشر علانيا للجمهور.
المذيع والتشريع
لا تختلف مواقع إذاعات الانترنت التونسية كثيرا عن مواقع الاذاعات المحترفة من حيث أناقتها وما توفره من معلومات للمستمع. كما يوفر عدد مهم من هذه الاذاعات استوديوهات عمل تكاد تكون محترفة مثل إذاعة تونس بلادي وإذاعة «الجرة». إضافة الى الاشهار أو الاعلانات التي تقدمها هذه الاذاعات على مواقعها. ولكنها مع كل هذا تقوم على العمل التطوعي. أي أن مذيعيها يعملون دون مقابل كما لا يتمتعون بامتيازات الصحفي أو حتى الاساسية منها كالحماية القانونية أو امتلاك بطاقة صحفي.
وفي هذا الصدد يقول السيد محمد حمدان أستاذ قانون الاعلام: «هؤلاء الصحافيون ليست لهم وضعية قانونية، هم غير محميون ولا يتمتعون ببطاقة صحفي فليس هناك حاليا قانون خاص بصحافة الانترنت في تونس «أما عن سؤال مدى شرعية عمل هؤلاء المذيعين دون مقابل فيجيب السيد محمد حمدان: «إنه أمر عادي لان هناك رضا مسبقا من الصحفي للعمل في هذه الظروف. فالعمل في هذه الاذاعات يقوم على التطوع وليس إجباريا».
ولكن حتى إذا كان العمل في هذه الاذاعات تطوعيا لماذا لا يحظى العاملون بها بمنحة عمل خصوصا أن لها مداخيلها؟ طرحنا هذا السؤال على أحد أصحاب هذه الاذاعات فتوجهنا عديد المرات الى إذاعة «تونس بلادي» ولكنها كانت مغلقة. ولما اتفقنا بواسطة الهاتف على موعد مع المسؤولة عن الاذاعة قابلتنا ولكنها امتنعت عن مدنا بأية معلومة. فطرحنا السؤال على الصحفي صابر السليطي الذي كان سابقا مذيعا ومشرفا وتقنيا في إذاعة «تونس بلادي» فكانت الاجابة: «صحيح أن عددا من هذه الاذاعات له مداخيل مثل راديو «تونس بلادي» التي تتأتى من دعم الشركات الكبرى التي تطمح الى توسيع أسواقها من خلال الاشهار على موقع الاذاعة. لكن هذه المداخيل لا تكفي لخلاص العاملين بالاذاعة خصوصا مع تكاليف الانتاج والتجهيزات الباهظة. وتقديم منحة لا تفي بالغرض».
ومع كل هذا فإننا نجد إقبالا كبيرا من قبل المذيعين الشبان للعمل في هذه الاذاعات. وقد تختلف دوافعهم جزئيا ولكنهم يتفقون على أن الدافع الاساسي هو اكتساب التجربة حتى ولو كانت بسيطة. إذ تقول إيمان الطرابلسي وهي مذيعة في راديو تونس بلادي: «أنا أدرس الصحافة. والعمل في هذه الاذاعة يقدم لي التجربة والخبرة في ميداني حتى ولو كانت بسيطة. وهذا الكسب المعنوي يعوض بالنسبة إليّ الكسب المادي. ثم إن الاذاعات المحترفة لا تعطيك فرصة المحاولة التي تعطيك إياها هذه الاذاعات». أما الصحفي صابر السليتي فلقد لخّص دوافع العمل في هذه الاذاعات في النقاط التالية: «أولا «الابواب الموصدة» من قبل وسائل الاعلام في تونس وذلك برفض إدماج طلب الصحافة في هذه الهياكل بتعلة كونه متربصا ولا يمتلك الخبرة. ثانيا النزعة العصامية التي سعيت لها وهي تكوين خبرة أو علاقة زمالة أو العلاقة الحميمة مع الميكروفون. ثالثا العلاقات التي يمكنك منها العمل في هذه الاذاعات. رابعا المسؤولية الذاتية في كل ما تقوم به».
وبالتوقف عند النقطة الاخيرة المتعلقة بالمسؤولية الذاتية للمذيع تثار مشكلة أخرى من مشاكل الاذاعات الافتراضية وهي مشكلة حرية المضمون.
المضمون بين المسؤولية الذاتية والحرية المفرطة
محتوى ما تقدمه اذاعات الانترنات لا يخضع للرقابة الكلية. ففيما عدا ثلب الناس أو المس من النظام العام فإن هذه الاذاعات لا تحاسب عما تقدمه من برامج ومعلومات. لذلك فإننا نجد في المادة التي تقدمها تجاوزات كثيرة لقواعد الممارسة الصحفية وللضوابط الاخلاقية في بعض الاحيان، سواء على مستوى طريقة تقديم المذيع أو المواضيع التي يتناولها وتتسم بالحرية المفرطة. هذه الحرية التي يصفها العاملون في تلك الاذاعات بالعفوية. ولكنها في الحقيقة عفوية تتجاوز في كثير من الاحيان حدود المقبول. فيتهيأ لك وأنت تستمع الى برنامج ما أنك جالس في مقهى أو على رصيف في الشارع. والمشكل هنا هو أن أصحاب هذه الاذاعات أو المشرفين عليها يعطون الحرية المطلقة للمذيع في ممارسة عمله. إذا تقول إيمان الطرابلسي: «لنا الحرية المطلقة في اختيار الموضوع لكن الادارة قد تتدخل في بعض الاحيان عندما يتفوه المذيع بأشياء غير مقبولة بإنذاره أولا ثم طرده إن لم يصلح».
فالمسؤولون في هذه الاذاعات يكتفون ببعض الملاحظات ولا يمارسون رقابة فعلية على محتوى البرامج. كما لا يهتمون كثيرا بتنظيمها وتحسينها. لذلك فإن مسألة جودة المادة الاعلامية المقدمة غير مطروحة كليا. ويبقى السبب الرئيسي هو أن معظم باعثي هذه الاذاعات إن لم نقل كلهم ليسوا من أهل الاختصاص وبالتالي فإن دوافعهم ليست إعلامية.
ما هو الحل؟
نستنتج من كل ما تقدم أن إذاعات الانترنات في تونس ليست مجالا للمذيعين ليختبروا قدراتهم بقدر ما هي فضاء لاستغلال طاقاتهم في ظل غياب إطار قانوني يحميهم. إضافة الى المضمون الذي يفتقد الى الجودة في ظل غياب الرقابة. في حين أنه يمكن استغلال إذاعات الانترنات هذه لفائدة المذيعين خصوصا وقطاع الاعلام عموما. وقد جاء ذلك على لسان الصحفي صابر السليتي الذي توجه بمجموعة من الاسئلة الى مسؤولي وسائل الاعلام ضمنها اقتراحه قائلا: «هل أن مثل هذه الفضاءات تساهم في منظورهم في تكوين وتهيئة مذيعين وصحافيين قادرين على كسر أبواب قلاعهم المحصنة؟ إن كان الرد بنعم، لماذا يتم تجاهل هذه الكفاءات في بعض الاحيان كما يتجاهلون هذه الاذاعات في بعض المحافل الاعلامية الرسمية؟ لماذا اذا لا يتم تفعيل دور هذه الاذاعات الافتراضية وجعلها محاضن تكوين قادة رأي وإعلاميين قادرين على تغيير المشهد الاعلامي بصفة فعلية في تونس»؟
صبرين الحاج فرج (طالبة معهد الصحافة وعلوم الاخبار)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.