لم يكن من السهل الحديث معها دقيقة كاملة دون مقاطعة، فهاتفها الجوال لا يكفّ عن الرنين، والتزاماتها على أكثر من صعيد، تحاول الاستجابة لكل من يطلب منها خدمة أو تسهيل خدمة، سواء قاطع حوارنا معها مباشرة أو عبر الهاتف الجوّال. لكنها مع ذلك فإن الابتسامة لا تفارقها ولا تتهرّب من أي سؤال نوجهه لها. هكذا هي مديرة تظاهرة «اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس» سهام بلخوجة، وفي لقائنا معها تحدثت عن سلبيات هذه التظاهرة وايجابياتها كما تحدثت عن إدارتها لتظاهرتي الرقص والموضة وعن دوافع بعثها لهذه التظاهرات، كان الحوار التالي: بعد نهاية فعاليات الدورة الخامسة لتظاهرة اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس، ما الذي نجح وما الذي لم ينجح حسب رأيك كمديرة للتظاهرة؟ ما كان ناجحا في هذه الدورة بالنسبة إليّ، هو الفريق العامل معي لانجاحها، فبعد 10 سنوات من الكفاح في «ناس الفن»، تفطّنت الى أن الفريق العامل معي على قدر كبير من الحرفية، والمسؤولية ونجح في غيابي في حلّ أصعب الأمور، رغم تدخلي بالهاتف أحيانا لحلّ بعض المشاكل بما أنني كنت مسافرة في بداية الدورة. ماهي الصعوبات أو المشاكل التي اعترضتكم في هذه الدورة؟ قبل سفري الى «كيبا» بأسبوع، أخلّت بنا قاعات السينما، التي اتفقنا مع أصحابها على كرائها لعروض المهرجان، وأنا أشكرهم على ذلك، لأنني اكتشفت أن أبنائي الذين وضعت فيهم ثقتي كانوا محل هذه الثقة طبعا بقيادة كل من هشام بن عمار وخميس الخيطاي وحاتم بالأكحل. وقد كان عملهم أفضل من عملي أنا. لكن رغم هذه الصعوبات، فأنت تحظين بالدعم من أطراف مختلفة؟ أجل وهذا من فضل اللّه، فأنا كان لي الشرف بأن يساعدني ثلاثة وزراء، وكان لي الشرف الأول مرة بأن يحضر السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث في افتتاح التظاهرة، وقد شاهد ذلك الاقبال الكبير في افتتاح انتظم في قاعتي الفن الرابع والمسرح البلدي وهذا يحدث لأول مرة في تونس. تقريبا تحدثت عن الايجابيات، فماهي سلبيات هذه الدورة؟ قبل المرور الى السلبيات هناك نقطة ايجابية يجب التنويه بها، وهي وقفة التلفزة التونسية الى جانبنا، فلولاها، لما كانت هذه الدورة من اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس، حيث أنّ تقنيات بث الأفلام مكّنتنا منها مؤسسة التلفزة التونسية، وإلاّ لما تمكنا من عرض هذه الأفلام. وماذا عن السلبيات؟ النقطة السلبية الأولى، هي أنني في كل دورة أبرمج أفضل الأفلام في التاسعة ليلا، وأكتشف أن الشبّان الذين يحضرون هذه الأفلام ليست لديهم أموال للعودة الى منازلهم بسبب عدم تواجد وسائل نقل في ساعات متأخرة من الليل، ويجب أن أتدارك ذلك في الدورات القادمة، ومن الآن أقول إن أفضل الأفلام سيبرمج بثها في الساعة السادسة مساء في قادم الدورات. وماهي النقاط السلبية الأخرى؟ النقطة السلبية الثانية والأخيرة حسب رأيي هي أننا نبث شريطين وثائقيين في الاختتام، وهذا أحدث لخبطة عند التحاور مع المخرجين بعد عرض الفيلمين. وهل من المعقول أن يظل الجمهور ينتظر ساعة ليشاهد فيلما؟ هذا غير معقول، وربما على وجه الخطإ بثت الومضات الاشهارية مرتين بسبب التعب والارهاق، لكن من المفترض أن لا تتجاوز مدة ما قبل العرض بما فيها من تقديم واشهارات الربع ساعة من الزمن. وما الجديد في هذه الدورة بما أنّك مديرتها؟ الجديد هو أننا تخطّينا مرحلة جديدة مع وزارة السياحة، ستكتشفون ثمارها في الدورات اللاحقة، هذه الخطوة الجديدة يمكن أن نلخصها في ما يطلق عليه بالسياحة الثقافية وكذلك الثقافة السياحية. فاليوم فهمنا أن استقطاب السائح يقتضي وجود مواعيد ثقافية وسياحية في تونس. سهام بلخوجة المختصّة في الرقص، تبعث أول مدرسة سينمائية في تونس. هل هذا حبّ للسينما أم نوع من التحدي الخاص؟ ليس هناك أي شكل من أشكال التحدّي. فأنا بعثت أول مدرسة للسينما في تونس، وعشقي للسينما لا حدود له وخاصة منها الوثائقية. أما أفكار التظاهرات التي أديرها، فإنها جاءت نتيجة لأحداث 11 سبتمبر. وما دخل أحداث 11 سبتمبر في تظاهراتك الثقافية؟ أنا عشت في هذا الوطن، ولم أدافع عنه يوما، لكن ما راعني بعد أحداث 11 سبتمبر إلاّ وأنّ أتفطن الى أنّ المجتمع الذي أعيش فيه قد تغير. فربع المجتمع أصبح لا يشاهد سوى «الجزيرة»، وبعض البرامج الدينية في قنوات عربية، فما كان مني إلاّ محاولة ردّ الجميل لهذا البلد. وكيف كان ردّ الجميل هذا؟ بعد أحداث 11 سبتمبر، أنشأت أول مهرجان مجاني للرقص عنوانه «ملتقى قرطاج للرقص» وكان ذلك يوم 1 ماي 2002، وبعد أربع سنوات أنشأت تظاهرة «اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي بتونس»، وفي سنة 2009 أنشأت تظاهرة «ابتكار وموضة» رغم أنني أكره الموضة والملابس باهضة الثمن. لماذا أنشأتها إذن؟ لأنني تفطّنت الى أنّنا نستطيع منع فيلم يسيء للأخلاق أو غير محترم كما نستطيع منع رقصة إباحية من البث، لكننا لا نستطيع منع الموضة من دخول بيوتنا، فالموضة لا تسأل أحدا وليس لها رخص العبور أو «الفيزا» (كما جاء على لسانها)، وقادرة على التغيير، وبالتالي لها إرادة سياسية واجتماعية ومن واجبنا أن نتفطن الى ذلك.