لقد ورد على مكتب الضبط التابع لهيئة الحقيقة والكرامة في 06 جويلية 2018 مراسلة من طرف مجموعة من جمعيات الضحايا تحتوي على مطلب تجريح ضد عضو هيئة الحقيقة والكرامة ورئيس لجنة حفظ الذاكرة الوطنية، السيد عادل المعيزي، مرتكز على وثيقة مسربة تحتوي على اهداء في كتاب شعر لرئيس الجمهورية سنة 2002 . وقد تعامل مجلس الهيئة بجدية مع هذا الطلب نظرا لاحترامه لمقتضيات الفصل 62 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية عدد 53 لسنة 2013 المؤرّخ في 23 ديسمبر 2013 والذي نصّ " يمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي له مصلحة في ملف معروض على الهيئة أن يُجرّح في أي عضو من أعضائها وذك بمكتوب معلّل يوجّه إلى رئيس الهيئة يتمّ البت في مطلب التجريح من قبل الهيئة في أجل أسبوع من تاريخ إيداعه بأغلبية الأعضاء الحاضرين ولا يُشارك في التصويت العضو المجرّح فيه. ولا يقبل قرار الهيئة أي وجه من أوجه الطعن ولو بدعوى تجاوز السلطة". حيث التأمت جلسة عامة في غضون الأسبوع المنصوص عليه بالقانون وضُمّن في جدول اعمالها النظر في موضوع التجريح خلال جلسته المنعقدة يوم 12 جويلية 2018. وحيث قدّم العضو المجرّح فيه ردّه على التجريح، مُذكّرا بمواقفه من منظومة الاستبداد وما تحمّله من مضايقات على مصدر رزقه ومن اعتداءات مادية ومعنوية منذ 1998 إلى حدود ديسمبر 2010 بعد تأسيسه لنقابة كتّاب تونس دفاعا عن الحرية وقدّم المراجع التي تثبتُ ذلك. ثمّ انسحب من الجلسة ليستمرّ التداول دون حضوره. وتوقف المجلس خلال التداول على الحيثيات التالية: - إنّ التجريح لا يستند على أي شكل من اشكال " النفع الشخصي والقرابة العائلية أو المصاهرة أو أي نوع من الالتزامات والعقود" كما نص على ذلك الفصل 61 من قانون العدالة الانتقالية. - وحيث وعلى فرض أن الوثيقة المسربة غير مدلّسة (عكس ما يؤكّد ذلك المعني بالأمر ويحتفظ بحقه في اللجوء إلى القضاء للطعن بالتزوير) لا يشكل الاهداء في كتاب في حد ذاته، وجه من أوجه الموانع المنصوص عليها في الفصول 22 و24 و25 من قانون العدالة الانتقالية. - وحيث أنّ مسيرة المعني بالأمر، منذ تحمله المسؤولية صلب الهيئة، تفيد الالتزام بمسار العدالة الانتقالية والدفاع عنه. كما ان التزامه بالقانون وبواجب التحفظ يثبت حياده ونزاهته وعدم انحيازه لأيّة جهة كانت رغم الضغوط التي تُسلط عليه. وبعد التداول قرّر مجلس الهيئة رفض التجريح المقدّم في شأن السيد عادل المعيزي. وبعد التحري في مصدر وتاريخ التسريب تبين ان هذه الوثيقة موجودة حاليا في القصر الرئاسي تحت اشراف مدير الأرشيف الوطني الذي قام بجردها منذ جويلية 2015. وتسريبها اليوم ان دل على شيء فهو يدل على النية في ضرب الهيئة في فترة اعمالها الختامية والتشويش عليها. ودون انتظار رد الهيئة على رسالة التجريح، بادرت ضحية بنشر رسالة مفتوحة تتضمن نفس الموضوع، مع إضافة منحى خطير في قلب الحقائق والتشهير، كانت نتيجتها التشويه وليس اعتماد اجراء قانوني سليم. وهذه حركة - مهما كانت حسن نية القائم بها - لا تليق بمن كان ضحية الاستبداد وعانى من أساليب قلب الحقائق والتضليل. وتوصي الهيئة في هذا المجال بالحذر من الانخراط دون وعي في حملات يقوم بها أعداء المسار تسعى الى النيل من مسار العدالة الانتقالية برمته ومن ذلك النيل من مصالح الضحايا أنفسهم. وعليه فان الهيئة تطمئن كل الضحايا على سلامة المسار وحماية حقوقهم وتؤكد على أنّ القرارات التي تتعلق بحفظ الذاكرة هي من صلاحيات مجلس الهيئة وليست موكولة لأي عضو من الأعضاء مهما كانت المسؤولية التي يتقلدها بما في ذلك رئاسة الهيئة أو رئاسة اللجان. كما تؤكد على أنّ حفظ الذاكرة الوطنية حق لكل الأجيال المتعاقبة من التونسيات والتونسيين وهو واجب تتحمّله الدولة وكل المؤسسات التابعة لها أو تحت اشرافها، وستعمل الهيئة من جهتها على إصدار التوصيات التي تراها ضرورية لحفظ الذاكرة الوطنيّة وتخليد ذكرى الضحايا واتخاذ التدابير المناسبة لضمان حفظ إرث الهيئة من كل توظيف.