صفاقس (وات) "الثقافة التونسية اليوم، إلى أين ؟ "... كان ذلك محور لقاء فكري نظمه منتدى حوار واختلاف بصفاقس مساء السبت بالمركب الثقافي محمد الجموسي مع الأستاذ مصطفى الكيلاني. وفي تشخيصه لواقع الثقافة في تونس، لاحظ الكيلاني أن التهميش الذي يعاني منه المثقف والثقافة عموما بالأمس واليوم هو ذاته وان اختلفت أشكاله مشيرا إلى أن تغييب المثقف في المنابر الحوارية السابقة والراهنة يعد من باب الإقصاء المتعمد للمثقفين. وأوضح انه منذ إنشاء الدولة في تونس هناك ثقافتان الأولى هي ثقافة المؤسسة والثانية هي ثقافة الفرد حيث لم تقترن السياسة الثقافية بحرية الفكر وإنما اقتصرت على الوظيفة الإخبارية الدعائية في ممارسة حكمها المتسلط والكلياني داخل تونس وخارجها. وأكد مصطفى الكيلاني أن التأسيس لثقافة إستراتيجية وطنية ديمقراطية يفرض تثقيفا جديدا للسياسة والاقتصاد والثقافة أيضا وعدم الخلط بين الثقافة القطاعية والثقافة الإستراتيجية مقترحا أن تكون وزارة الثقافة مستقبلا "وزارة السيادة الأولى". ولاحظ في ختام مداخلته ان مستقبل الثقافة في تونس اليوم هو رهين مصير المجتمع المدني ككل بعيدا عن التعصب الفكري. وقد شكلت أعمال مصطفى الكيلاني النقدية محور جدل في هذا اللقاء أثارها الأستاذ عبد المجيد بن البحري بمداخلة تحت عنوان "القراءة والتأويل بحث في النقد المختلف" بين فيها أن النشاط النقدي عند الكيلاني يتنزل في إطار البحث الفلسفي الانطولوجي. وأشار إلى ان الاختلاف عند الكيلاني هو فكر فلسفي يقوم على التعدد وحق الفرد في إبداء الرأي مع احترام الآخر أي أن الاختلاف هو فلسفة الذات في علاقتها بالآخر وبالتالي مراجعه في ذلك هم فلاسفة التأويل مثل نيتشه وهايدغر وغيرهما. وبين الأستاذ البحري أن النقد الأدبي عند الكيلاني يشتغل على التناص والتاويل باعتبار ان النص وحدة قائمة على التعدد من الداخل ويستدعي قراءة باحثة تستخلص أدواتها النقدية من داخل النص. وقد أثار الحاضرون مسالة القطع مع الثقافة القطاعية وموقع المثقف والدور المنوط بعهدته داخل المجتمع ومسالة المثقف العضوي واصطدامه بقضايا المجتمع.