قدّم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي – بمناسبة عيد المرأة – مبادرة تتمثّل في المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة. كما طلب من وزير العدل سحب منشور 73 الذي يمنع زواج التونسية بغير المسلم. وقد كانت ردة فعل الشعب التونسي متباينة إذ رحبت أقلية بهذه المبادرة واعتبرتها ثورة في مجال تحرير المرأة، في حين رفضتها الأغلبية الساحقة لأنها تتعارض مع ثوابت ديننا الإسلامي، بينما ذهب بعض السياسيين إلى أن مبادرة رئيس الجمهورية تتنزّل ضمن حملة انتخابية مبكرة، لكننا نشير بأنّ المسألة أعمق من ذلك بكثير، إذ لها صلة بحدث وقع سنة 2011 – في غفلة من الشعب وفي ظروف استثنائية، خاصة غياب السلطة التشريعية – يتمثّل في إمضاء السيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت في 24 أكتوبر 2011 على المرسوم 103 لسنة 2011، المتعلق بالترخيص في المصادقة على سحب بيان وتحفظات صادرة عن الحكومة التونسية وملحقة بالقانون عدد 68، لسنة 1985، المؤرخ في 12 جويلية 1985، المتعلّق بالمصادقة على اتفاقية القضاء على "جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، المعروف باتفاقية "سيداو" والتي تتكوّن من ديباجة و30 مادة، منها 14 مادة إجرائية و16 مادة متعلقة بإزالة ما يعرف ب"التمييز". وللعلم تعتبر المادة 16 – التي رفع عنها التحفّظ – من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق لأنّها تخصّ التشريعات الأسرية فهي تدعو – على سبيل المثال لا الحصر – إلى المساواة بين الرجل والمرأة في عقد الزواج أي السماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم، والمساواة فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنّيهم، والمساواة التامة في الإرث بين الرجل والمرأة.. وبالتالي إلى تقويض أركان الأسرة المسلمة و أسسها المستمدة من الوحي قرآنا وسن. لذلك أصبحت تونس بعد رفع التحفظ ملزمة باتخاذ كافة التدابير للالتزام بالمادة 16 سواء على مستوى الحياة العامة فيما يتعلق بممارسة جميع الحقوق: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية وفي التمتع بهذه " الحقوق " أو على مستوى الحياة الخاصة وعلى وجه الخصوص في الإطار الأسري. وما طرحه رئيس الدولة لا يخرج عن هذه " الالتزام ". لذا وجب الانتباه لخطورة الموقف وعليه يجب توجيه الاهتمام إلى ممارسة الضغط على الدولة والمطالبة بإلغاء رفع التحفظ خاصة وأن المادة: 26 تسمح لأي دولة من الدول الأطراف في أن تطالب – في أيّ وقت – بإعادة النظر في هذه الاتفاقية وذلك عن طريق إشعار كتابي يوجّه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وتقرّر الجمعية العامة ما يتخذ من خطوات إن لزمت، فيما يتعلق بذلك الطلب.