الCNSS ينفي تخصيص رابط للحصول على منحة بقيمة 350 دينار    يهدد علم الفلك.. تسرب راديوي غير مسبوق من أقمار "ستارلينك"    الزهروني: براكاج مروع لتاكسيست    "دريم سيتي" يحل ضيفا على مهرجان الخريف بباريس بداية من اليوم    رم ع الصيدلية المركزية: "توفير الأدوية بنسبة 100% أمر صعب"..    إنتقالات: مهاجم مانشستر يونايتد السابق ينضم لأيك أثينا    إنتقالات: مهاجم نادي النصر يعزز صفوف النادي البنزرتي    "هنموت".. ذعر داخل طائرة مصرية (فيديو)    المنستير: قاتلة صديقها تعترف وتكشف الأسباب    السيرة الذاتية للرئيس المدير العام الجديد لمؤسسة التلفزة التونسية شكري بن نصير    سعر الذهب يتجه نحو مستويات قياسية..هل يستمر الإرتفاع في الأشهر القادمة ؟    علماء يُطورون جهازا لعلاج مرض الزهايمر    أبرز اهتمامات بعض الصحف التونسية ليوم الجمعة 20 سبتمبر    ابتداءً من اليوم: الدواجن تعود للأسواق وأسعار اللحوم البيضاء في تراجع    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي في طريق مفتوح .. والإتحاد المنستيري في مهمة محفوفة بالمخاطر    سليانة: رفض جميع مطالب الإفراج عن العياشي زمال ومن معه    وزيرة الأسرة تؤدي زيارة تفقد للمركز المندمج للشباب والطفولة بحي الخضراء    الحماية المدنية تسجيل 368 تدخلّ وعدد366 مصاب    المنستير: إعترافات إمرأة قتلت صديقها    نصر الله للإسرائيليين: الرد هو ما سترون وليس ما تسمعون    عاجل/ عملية طعن في مدينة روتردام..وهذه حصيلة الضحايا..    تضييق الخناق على المهاجرين: إيطاليا تمنع شراء شرائح SIM بدون تصريح إقامة    تونس تشتري 225 ألف طن من القمح في مناقصة دولية    رفض الإفراج عن الموقوفين على ذمة حادثة رفع علم تركيا فوق مبنى للشيمينو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل: البحرية التونسية والفرنسية تجريان مناورات بحرية مشتركة    ثامر حسني يفتتح مطعمه الجديد...هذا عنوانه    محكوم ب100 سنة سجنا: وزير جزائري سابق يطالب فرنسا برفض تسليمه إلى سلطات بلاده    Xiaomi تطلق واحدا من أفضل هواتف أندرويد    تحذير طبي: جدري القردة خارج نطاق السيطرة في إفريقيا    الصيدلية المركزية : تونس تستعد لدخول مجال الأدوية البيولوجية    توزر: وضع حجر الأساس لانجاز المحطة الفولطوضوئية الجديدة بطاقة انتاج قدرها 50 "مغواط" بجانب المحطة الأولى    مصادر أمريكية: إسرائيل خططت على مدى 15 عاما لعملية تفجير أجهزة ال"بيجر"    ارتفاع عائدات تونس من صادرات التمور    وفد الملعب التونسي يصل إلى وهران و 22 لاعبا في مواجهة اتحاد العاصمة    علٌمتني الحياة ...الفنانة العصامية ضحى قارة القرقني...أعشق التلاعب بالألوان... وتشخيص نبضات المجتمع    حكايات من الزمن الجميل .. اسماعيل ياسين... الضاحك الحزين(1 /2)...العاشق الولهان... والحبّ من أول نظرة !    كظم الغيظ عبادة عظيمة...ادفع بالتي هي أحسن... !    والدك هو الأفضل    كلام من ذهب...مهم لكل الفئات العمرية ... !    ارتفاع عائدات صادرات التمور بنسبة 22،7 بالمائة    الليلة.. أمطار مؤقتا رعدية وغزيرة بالجنوب والجهات الشرقية    اقصاها في صفاقس: كميات الامطار المسجلة بولايات مختلفة    هام/ المتحور الجديد لكورونا: د. دغفوس يوضّح ويكشف    عاجل :وزير الشباب و الرياضة يحل جامعتين تونسيتين    سيدي بوزيد: وزيرة الصناعة تضع حجر الأساس لمشروع إحداث محطة الطاقة الفولطاضوئية بالمزونة    إنقاذ مركب تعطل قبالة سواحل المنستير وإجلاء 28 مجتازا    قابس: تراجع ملحوظ لصابة الرمان    المركز الثقافي الدولي بالحمامات دار المتوسط للثقافة والفنون يحتفي بالذكرى 50 لرحيل مؤسس دار سيباستيان    رحلة 404 المرشح الرسمي في سباق الأوسكار    مستقبل قابس يتعاقد مع الحارس علي الفاطمي ويمدد عقد اللاعب محمد عزيز فلاح    المنتخب التونسي يقفز 5 مراكز في التصنيف الشهري للفيفا    في نشرة متابعة للرصد الجوي: أمطار غزيرة تصل الى 80 مليمترا بهذه المناطق    سلمى بكار رئيسة للمكتب التنفيذي الجديد للنقابة المستقلة للمخرجين المنتجين    بنزرت:حجز حوالي 82,5طن من الخضر وإعادة ضخها بالمسالك القانونية    التمديد في آجال استقبال الأفلام المرشحة للمشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يحاكم الزميل المولدي الزوابي؟
نشر في كلمة تونس يوم 30 - 07 - 2010

لم تشهد حرية التعبير والصحافة في تونس انتهاكات وتضييقات بقدر ما يحدث في الآونة الأخيرة.
فبعد محاكمة بن بريك وسجنه تعرّض الصحفي الزميل الفاهم بوكدّوس بدوره لغضبة الثور الهائج وحوكم وسجن على خلفية تغطيته لأحداث الحوض المنجمي وفضحه للأسباب الحقيقية لتلك الانتفاضة التي قام بها بعض أبناء هذا الشعب من أجل الشغل والعيش الكريم في وجه الفساد والظلم المسلّط على المنطقة المنسية.
ومن المنتظر أن يمثل الزميل المولدي الزوابي للمرة الثانية أمام أنظار الدائرة الجناحية بمحكمة ناحية جندوبة يوم 4 أوت المقبل في القضية التي تحول فيها من متضرر إلى متهم ب"الاعتداء بالعنف والقذف العلني" في ظل انتهاك خطير لأبسط الإجراءات القانونية.
ولئن كان الانتهاك في حق الزميل المولدي خطيرا إلا أنه ليس الأول في حقه، فقد حوكم سنة 2006 بتهمة الثلب عن طريق الصحافة طبق الفصلين 50 و52 من مجلة الصحافة في القضية عدد 3536 بالمحكمة الابتدائية بجندوبة وذلك على خلفية مقال نشر بجريدة الموقف بتاريخ 18 مارس 2005 تعرض فيه لمعاناة مدرسي التعليم الخاص والظروف المهنية والاجتماعية التي يعيشونها.
وبذلك حصل الزوابي على شرف لقب أول صحفي يحاكم بموجب مجلة الصحافة في عهد النظام القائم، حيث يعمد النظام دائما لمحاكمة الصحافيين المستقلين والأصوات غير المدجّنة بموجب قضايا حق عام تحوّل الصحافي والإعلامي من شخص مثقف منخرط في قضايا شعبه إلى مجرّد صعلوك أو بلطجي يعتدي على الذوات والممتلكات ويمتهن القانون، بحيث يجد النظام بذلك مخرجا من الاتهامات التي قد توجّه له بخنقه لحرية الصحافة من جهة ويشوّه صورة الصحفي في محاولة لتفتيت التعاطف الذي قد تتلقّاه قضيته محلّيا ودوليا.
ولئن لم يفلح من وقف وراء القضية المرفوعة ضدّ الزوابي سنة 2006 في تحقيق مبتغاه على الوجه الذي خطّط له فبرّأ القضاء بدرجاته الثلاث ساحته بحكم يقضي بعدم سماع الدعوى، فإن السلطة لم تن تلاحق الزميل وتطلق في وجهه كل ألاعيبها وأساليبها.
فقد تعرض في مناسبات عديدة إلى اعتداءات بلغت حد الاختطاف وإشهار السلاح في وجهه واحتجازه لساعات طويلة.
ولنذكر على سبيل النثال لا الحصر الاعتداء والإيقاف التعسفي بمركز شرطة مرور بوسالم (05 ديسمبر 2007) أثناء قيامه بتصوير حريق شب بأحد الأسواق اليومية وبمركز الحرس الحدودي ببوضلعة ( 13 ماي 2008 ) بسبب تصويره لملف حول الفقر بالمنطقة وبمراكز أمن أخرى من بينها مركز مونبليزير بتونس العاصمة (28 جانفي 2010) عندما كان متوجها لمحاورة الدكتور بوعبدلي رئيس الجامعة الخاصة، وغيرها من الانتهاكات والإيقافات التي من شأنها أن تجعل من مراكز الأمن وقبضات البوليس محطّات قارة للصحفي المستقل.
وقد ترافقت الاعتداءات دائما بافتكاك أدوات عمله الصحفي وبعض ملابسه فضلا على تلفيقهم تهما أخرى واعتداءات متنوعة طالت أفراد أسرته تراوحت بين التهديدات بالسجن والمداهمات في ساعات متأخرة من الليل وإخراجه بواسطة القوة العامة من مكتب خاص به والضغط على أحد أصحاب الكتاتيب لحرمان ابنه البالغ من العمر 4 سنوات من التعلم وغيرها .
هذه اللمحة العابرة حول ما تعرض له الزميل الزوابي من تضييقات تضع أقدامنا على طريق فهم خلفية هذه المحاكمة الأخيرة.
فالمتابع لما يكتبه المولدي الزوابي وما يصوره وما يذيعه عبر موجات راديو كلمة وما ينشره بجريدة الموقف وما كان بثّه في قناة الحوار التونسي من تحقيقات تقودنا إلى اعتبار أن التحقيقات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والسياسية التي تناولها ساهمت في كشف الصورة الحقيقية لخيارات السلطة وأزالت الزيف عن بهرجتها الدعائية ومسحت المساحيق عن الإنجازات الوهمية التي يتشدّق بها الحكم، كما فضحت البون الشاسع بين الخطاب الرسمي الذي تتغنى به السلطة وواقع يبعد فيه واقع المواطنين الاقتصادي والاجتماعي خاصة ومطالبهم الحياتية اليومية عن ذلك الخطاب مسيرة سنوات ضوئية.
تلك التحقيقات التي وضعت أسئلة هامة وعميقة حول استشراء الفساد الإداري والمالي في عديد القطاعات الحساسة وفي عدد من جهات البلاد خاصة منها في مناطق الشمال الغربي التي أهملها ونسي وجودها الإعلام الرسمي وشبه الرسمي - تلك المناطق التي كان بالإمكان أن تكون "جنة" أو "مطمورة" جديدة لو احترمت خيراتها وكفاءاتها وحقوق مواطنيها ولم تنتهب - والتي كشف من خلالها الزميل عن جملة من التجاوزات المرتكبة في حق المجموعة العامة وهدر لطاقات بشرية واقتصادية وطبيعية هامة بقيت بعيدة عن الاستثمار الذي يمكن أن يفتح آفاق تنموية قادرة على امتصاص الفقر والبطالة لعشرات الآلاف من المهمشين، هي في أصل القضية وفروعها – وما دمنا في رحبة القضاء فلنستعمل مصطلحاته – وهي الكابوس المقيم للنظام الذي يحاول بكل الوسائل أن لا يتحوّل الشمال الغربي إلى حوض جديد، وأن يخفي حقيقة فشله في إرساء تنمية عادلة، وهي السبب الذي لأجله يسعى الحكم لإخراس كل صوت يرتفع ليلفت الأنظار لما يجري من جرائم في حق مواطني الجهات المنسية، وكان الزوابي ذاك الصوت المقضّ لمضجع السلطة.
من هنا يمكننا أن نقول أن محاكمة الزميل الزوابي تندرج في سياق كتمان الأصوات الناشزة عن الجوقة الرسمية وتصفية حسابات السلطة مع خصومها الإعلاميين المستقلين والمعارضين الذين تبنوا الدفاع عن المصلحة العامة بل هي محاكمة لوسائل الإعلام المستقلة والحرة التي يعمل الزميل لفائدتها، في سعي منها لإخراسه وإخراسها.
ولكن كذلك عقابا له على التجائه إلى القضاء والى السلط الإدارية.
فمعلوم أن الزميل الزوابي كثيرا ما تقدم شاكيا للمحكمة كلما تعرض إلى انتهاك أو اعتداء من بينها الشكاية التي قدمها ضد رئيس المركز سمير السعيدي وأخرى ضد رئيس فرقة الإرشاد عمار العبيدي ولطفي الورقلي وشعبان العزيزي والطاهر العرفاوي والتي حفظت لعدم كفاية الأدلة رغم شهادة شهوده وتقديمه شهادة طبية تضمنت راحة ب 18 يوم وأخرى ضد رئيس فرقة الأبحاث والتفتيش المدعو علي القايدي ورئيس مركز حرس بوعوان منير البريني ورئيس مركز الأبحاث الناصر الهذلي اللذين اختطفاه ليلا ورميا به في إحدى المسالك الفلاحية بعد أن افتكا منه أدوات عمله وملابسه والتي لم تقرر النيابة العمومية بعد في شأنها أي قرار رغم تقديمها منذ يوم 10 جويلية 2008 .
ولعل الاعتداء الأخير الذي تعرض له الزميل في غرة أفريل 2010 والذي بلغ حد افتكاك بطاقته الصحفية ووثائقه الشخصية ووسائل عمله فيه - وقلبت فيه السلطة الوقائع فحوّلت الضحية إلى جلاّد والمعتدي إلى ضحية - يحمل دلالة على عزم السلطة تجريم الزميل وتصفيته بتوظيف جديد للقضاء لم يعد غريبا عنها وهو ما يدل على ضيق صدر السلطة بأصوات من لا يمتثلون لها.
فهل سيلعب القضاء دوره الحقيق به ويتخذ موقفا ينصف الزميل ويبرئ ساحته أم ستتكرر مهزلة التوظيف من جديد وتلفيق القضايا والأحكام الجائرة، وتسجّل بلادنا درجة أخرى على سلّم التقهقر في مجال الحريات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.