حذر رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض من مخاطر الكارثة المائية التي تهدد قطاع غزة بسبب نوعية المياه المتوفرة ومحدوديتها، جرّاء استنزاف الحوض الساحلي، وأشار إلى أن نسبة المياه الصالحة للشرب لأكثر من مليون و600 ألف مواطن فلسطيني في القطاع "لا تزيد عن 10%". وقد خصص فياض حديثه الإذاعي الأسبوعي، حول المياه في فلسطين بمناسبة اليوم العالمي للمياه، وطالب بمناقشة جملة قضايا أهمها "ضمان وفاء الدول والجهات المانحة كافة بالتزاماتها المالية، وفي الوقت المُحدد لذلك، وكذلك ضرورة إزالة العقبات والمعوّقات التي تضعها إسرائيل أمام جهود السلطة الوطنية ومسؤولياتها في تنمية المناطق المُسماة (ج)"، وشدد رئيس الوزراء على مواصلة جهود السلطة الوطنية في تنمية المناطق "ج"، كما في كل شبرٍ من بلاده، والتي تعتمد في جزءٍ أساسيّ منها على الاستخدام الأمثل للموارد، وبخاصة الموارد المائية. وأكد فياض أن قطاع غزة "كان دومًا على رأس الأولويات والتدخلات الحكومية". وأعرب عن أمله في أن يتمكن مؤتمر المانحين المُنعقد في بروكسل من "توفير الأموال اللازمة للبدء في تنفيذ مشروع تحلية المياه في قطاع غزة، والبالغة نحو نصف مليار دولار". وشدد رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية "أولت، خلال الأعوام الماضية، اهتمامًا خاصًا بقطاع المياه والصرف الصحي، على اعتباره أحد أهم القطاعات الخدماتية الحيوية، من خلال سلسلة الإجراءات استهدفت التغلب على الأزمة المائية وشُح المياه وتلوثها وحماية المياه الجوفية". وهنأ رئيس الوزراء الأمهات الفلسطينيات بمناسبة حلول عيد الأم، وقال "اسمحوا لي أن أتوجه إلى الأم الفلسطينية بالتحية والتهنئة على دورها الهام في تنشئة الأجيال، وعلى إسهامها في تحقيق الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال". وجاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الأسبوعي لفياض، ألقاه استثناء من العاصمة البلجيكية بروكسل حيث يشارك في اجتماع المانحين للسلطة الوطنية، والذي خصّ به "واقع المياه في فلسطين والتحديات التي يُواجهها شعبنا جرّاء ممارسات الاحتلال، وبشأن الجهود التي تبذلها السلطة الوطنية لمواجهة هذه التحديات وتوفير المياه اللازمة وتطوير مصادرها للتخفيف من حدة الأزمة المائية التي يُواجهها شعبنا". واستهل رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بالقول "أحدثكم من بروكسل، الأربعاء، حيث أشارك في اجتماع المانحين للسلطة الوطنية، وعلى جدول أعمال هذا الاجتماع جملةً من القضايا الأساسية، أهمها ضمان وفاء الدول والجهات المانحة كافة بالتزاماتها المالية، وفي الوقت المُحدد لذلك، وذلك لمساعدة السلطة الوطنية في التغلب على الأزمة المالية الحادة التي تُواجهها منذ عامين، ولتمكنها من الوفاء بالتزاماتها إزاء احتياجات شعبنا، وكذلك ضرورة إزالة العقبات والمعوّقات التي تضعها إسرائيل أمام جهود السلطة الوطنية ومسؤولياتها في تنمية المناطق المُسماة "ج"، وفي القدسالشرقية، وتمكينها من تنفيذ المشاريع التنموية في هذه المناطق استجابةً لاحتياجات المواطنين فيها، وبما يُساهم في تعزيز قدرتهم على الصمود والبقاء على أرضهم". وشدد رئيس الوزراء على أن "جهودنا المتواصلة في تنمية المناطق "ج"، كما في كل شبرٍ من بلادنا، تعتمد في جزءٍ أساسيّ منها على الاستخدام الأمثل للموارد، وخاصةً مواردنا المائية. فالمياه هي عصب الحياة، وحجر الأساس في التنمية ولضمان قدرتنا على تطوير البنية التحتية لدولة فلسطين وقدرتها على النمو والتطور". وقال "لمناسبة اليوم العالمي للمياه، الذي يُصادف الثاني والعشرين من آذار/مارس، حيث يُشارك شعبنا ومؤسساته الرسمية والأهلية كافة شعوب الأرض في إحياء هذه المناسبة، فقد فضلت أن يكون حديثي الإذاعي لهذا الأسبوع عن واقع المياه في فلسطين والتحديات التي يُواجهها شعبنا جرّاء ممارسات الاحتلال حول الجهود التي تبذلها السلطة الوطنية لمواجهة هذه التحديات وتوفير المياه اللازمة وتطوير مصادرها للتخفيف من حدة الأزمة المائية التي يعيشها شعبنا". وأوضح رئيس الوزراء أنه "في الوقت الذي يُحرم فيه أصحاب الأرض من أبناء شعبنا من التمتع بالمياه، بل ويُصادر حقهم في تنفيذ مشاريع تطوير وإعادة تأهيل البنية التحتية لها، ولمشاريع الصرف الصحي، ومحطات المُعالجة، تُمعن إسرائيل في استنزاف مواردنا المائية، وتستخدمها في التوسع الاستيطاني، حيث أشارت تقارير دولية، بما فيها تقارير البنك الدولي ومنظمة العفو الدولية، والأمم المتحدة، وتقرير البرلمان الفرنسي، لا بل ومنظمات إسرائيلية، إلى سيطرة إسرائيل على مصادرنا وحقوقنا المائية، حيث ما زالت تُسيطر على نحو 90% من هذه الموارد. وتقل حصة الفرد الفلسطيني من المياه في معدلها العام عن الحد المقبول الذي تقره منظمة الصحة العالمية، فيما تزيد الحصة المتاحة للإسرائيليين عن ثلاثة أضعاف ما هو متاح للمواطن الفلسطيني، وتتضاعف هذه الأرقام، ويتضاعف هذا التباين، في منطقة الأغوار، التي تبلغ نسبة المياه المُتاحة للمستوطنين 18 إلى 1 بما هو مُتاح للمواطن الفلسطيني". كما أوضح فياض مخاطر الكارثة المائية التي تتهدد قطاع غزة، وقال "أما في غزة، فالواقع المائي خطير جدًا، بل ويُنذر بكارثة مائية بسبب نوعية المياه المتوفرة ومحدوديتها جرّاء استنزاف الحوض الساحلي، حيث أن نسبة المياه الصالحة للشرب لأكثر من مليون 600 ألف مواطن فلسطيني هناك لا تزيد عن 10%"، وأمام هذه الكارثة المائية التي تتهدد القطاع، والواقع الصعب في الضفة الغربية، عملت السلطة الوطنية حول مواجهة هذه الأزمة والتصدي لها بالتركيز على مسارين أساسين متلازمين، يتمحور الأول على الانتقال من إدارة الأزمة إلى الإدارة الرشيدة لما هو مُتاح من موارد، وبما يضمن العدالة في التوزيع والإدارة السليمة للمصادر المائية على الرغم من العقبات والقيود الإسرائيلية. أما المسار الثاني فيتركز بالأساس على حشد الدعم الدولي في اتجاه استرداد حقوقنا المائية وفق القانون الدولي، وإننا نتطلع أن يكون بالإمكان عقد اجتماع خاص للمانحين المهتمين بهذا الموضوع في وقت قريب". وشدد فياض على أن قطاع غزة "على رأس سلم الأولويات والتدخلات الحكومية في السنوات الماضية ولا يزال الأمر كذلك، حيث انصب الكثير من الجهد على مواجهة خطر انهيار الحوض المائي في قطاع غزة، وعلى النقص الخطير والحاد في المياه الصالحة للشرب فيه". وتوجه بالشكر إلى مؤتمر المانحين، قائلا "في هذه المناسبة، فإنني أتوجه بالشكر للحكومة الفرنسية التي بادرت إلى الإعلان عن تمويل المشروع بمبلغ عشرة ملايين يورو في افتتاح أعمال المنتدى العالمي السادس للمياه، كما أشكر أيضًا الاتحاد من أجل المتوسط على جهوده لإقرار هذا المشروع ومتابعته لضمان تنفيذه، وعدد من المانحين الآخرين كالبنك الإسلامي للتنمية، وصندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعدد آخر من المانحين كالصندوق السعودي للتنمية، ممن أعربوا عن استعدادهم لدعم ولتمويل هذا المشروع". وشدد رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية أولت، خلال الأعوام الماضية، اهتمامًا خاصًا بقطاع المياه والصرف الصحي، على اعتباره أحد أهم القطاعات الخدماتية الحيوية، من خلال سلسلة الإجراءات استهدفت التغلب على الأزمة المائية وشُح المياه وتلوثها وحماية المياه الجوفية، وقال "لقد باشرت السلطة الوطنية العمل لإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي الإقليمية في أريحا ونابلس وطوباس والخليل ورام الله، وتأهيل القائم منها في جنين ووسط غزة. كما عملت على زيادة المصادر، وحفرت المزيد من الآبار في منطقة جنوب الضفة الغربية، وفي جنين وفي الأغوار، في قلقيلية، وأريحا وطوباس. وقامت بتأهيل عدد من آبار الشرب المركزية في بيت لحم والخليل وجنين وبقية المحافظات، كما تعمل على تطوير شامل للخطوط الرئيسية ومحاربة التعدي عليها"، وأضاف "نعم لقد قطعنا بالفعل، شوطًا مهمًا في توسيع عدد التجمعات المخدومة، وفي الحد من التلاعب في العدادات والمحابس الرئيسية. ولكن، على الرغم مما تحقق، فإننا ما زلنا بحاجة إلى القيام بالمزيد لتطوير المصادر المائية المتاحة والاستخدام الأفضل لها وحل مشكلة تلوث المياه، والاستمرار في حشد الدعم الدولي لضمان استعادة حقوقنا المائية، ولإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها لمصادر المياه، وإنهاء احتلالها وسيطرتها على مياهنا وفقًا للقانون الدولي". وجدد رئيس الوزراء دعوته للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته ووضع حد لاستهتار إسرائيل بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وقال "نحن مصممون على القيام بكل ما نستطيع لتوفير مياه الشرب لكل مواطن في فلسطين، فهذا حقٌ له، وواجبٌ علينا في كل الأحوال". وفي ختام حديثه، هنأ رئيس الوزراء الأمهات الفلسطينيات بمناسبة حلول عيد الأم، وقال "اسمحوا لي وحيث يُصادف اليوم عيد الأم، أن أتوجه إلى الأم الفلسطينية بالتحية والتهنئة على دورها المهم في تنشئة الأجيال، وعلى إسهامها الفاعل مع كافة أبناء شعبنا لتحقيق أهداف مشروعنا الوطني وللخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال".