ارتفاع عائدات تونس من صادرات التمور    جدة لامين جمال توجه رسالة للمغاربة الغاضبين    وفد الملعب التونسي يصل إلى وهران و 22 لاعبا في مواجهة اتحاد العاصمة    حالة الطّقس ليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    منح اعفاءات عمرية للترسيم بالسنة الأولى من التعليم الاساسي    نصر الله يكشف قيام الحزب بتعطيل تفجيرات إسرائيلية جديدة لأجهزة "البيجر" بعد الضربة الأمنية الكبرى    هذا الأحد بالمسبح الروماني بقفصة ... المحطّة الأخيرة لقافلة «سينما آرينا»    أبرزها أيام قرطاج المسرحية والسينمائية ومعرض تونس الدولي للكتاب ...انطلاق الموسم الثقافي الجديد من مدينة الثقافة    كلام من ذهب...مهم لكل الفئات العمرية ... !    ثمة مشكلة في تعاملنا مع المرفق العام .. ...فأين الخلل؟!    اسألوني    ارتفاع عائدات صادرات التمور بنسبة 22،7 بالمائة    تعيين ر م ع جديد للتلفزة التونسية    التمديد في "الصولد"    الاضخم منذ اندلاع الحرب: انفجار بقوة زلزال في مخزن أسلحة روسية    الخطوط التونسية تعلن إلغاء رحلاتها نحو جمهورية مالي حتى إشعار آخر    بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لدعم التغطية الصحية الشاملة    عاجل/ تقلبات جوية الليلة: الحماية المدنية تحذّر وتتخذ هذه التدابير    اقصاها في صفاقس: كميات الامطار المسجلة بولايات مختلفة    هام/ المتحور الجديد لكورونا: د. دغفوس يوضّح ويكشف    رئيس الدولة يعرب خلال لقائه مع وزير الثقافة والسياحة العراقي عن تطلعه لتطوير آليات التعاون الثنائي في المجال الثقافي    عدد من نواب الشعب يطالبون لجنة المالية بالتسريع بعرض مجلة الصرف على الجلسة العامّة    ردا على طلب من جامعة التنس: وزارة الرياضة تؤكد عدم وجود منتخب وطني للبادل    وضع حجر أساس إنجاز المحطة الشمسية الفولطاضوئية بولاية سيدي بوزيد    نصر الله: "تعرضنا لضربة قاسية"..    الخطوط التونسية تعلن عن إلغاء رحلاتها من وإلى العاصمة المالية « بوماكو » إلى حين إشعار آخر    ألمانيا تعلّق تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل    عاجل :وزير الشباب و الرياضة يحل جامعتين تونسيتين    مسرحيتا "شكون" لنادرة التومي ومحمد شوقي بلخوجة و "مقاطع" لفتحي العكاري ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    إنقاذ مركب تعطل قبالة سواحل المنستير وإجلاء 28 مجتازا    سليانة: التحاق 321 تلميذا وتلميذة بمراكز التكوين المهني    وزير الصحة اللبناني يعلن ارتفاع عدد الشهداء نتيجة تفجيرات أجهزة البيجر إلى 37    قابس: تراجع ملحوظ لصابة الرمان    المركز الثقافي الدولي بالحمامات دار المتوسط للثقافة والفنون يحتفي بالذكرى 50 لرحيل مؤسس دار سيباستيان    رحلة 404 المرشح الرسمي في سباق الأوسكار    المنستير : إنتقاما منه..سممته وقتلته ثم أضرمت في جسده النار    جلسة تفاوضية مرتقبة بين جامعة الثانوي ووزارة التربية بداية الشهر المقبل    '' الستاغ '' تعلن عن انطلاق المسح 9 لتقييم الاستهلاك لدى الأسر التونسية    في نشرة متابعة للرصد الجوي: أمطار غزيرة تصل الى 80 مليمترا بهذه المناطق    سلمى بكار رئيسة للمكتب التنفيذي الجديد للنقابة المستقلة للمخرجين المنتجين    بطاقة ايداع بالسجن ضد المعتدي على طبيب في قسم الاستعجالي بالمنستير    المنتخب التونسي يقفز 5 مراكز في التصنيف الشهري للفيفا    أمل جربة: ثنائي يجدد .. ورباعي يعزز المجموعة    بطولة إفريقيا لكرة اليد: المنتخب الوطني يستهل مشواره بملاقاة نظيره الليبي    عاجل - تونس : 4 رجات أرضية في أقل من 24 ساعة    الخارجية الفلسطينية تطالب بتنفيذ فوري لمشروع قرار معتمد من الأمم المتحدة..    حادث مرور قاتل بالطريق السريعة الجنوبية..وهذه التفاصيل..    الكاتبة العامة للفرع الجامعي للبلديات بالقيروان "وفاة والدة موظفة بلدية القيروان بعد دخولها في غيبوبة"    بنزرت:حجز حوالي 82,5طن من الخضر وإعادة ضخها بالمسالك القانونية    التمديد في آجال استقبال الأفلام المرشحة للمشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة    عاجل : القبض على ''تيكتوكوز"'' عربية مشهورة    التقلبات الجوية: وزارة الفلاحة تحذر الفلاحين    بانتظار كلمة نصرالله اليوم.. حزب الله يتوعد إسرائيل ب"عقاب خاص على هجمات البيجر"    "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"...الفة يوسف    الشّركة التّونسيّة للصّناعات الصّيدليّة تستأنف أنشطة تصنيع محاليل الحقن    التهاب القصيبات الحاد للأطفال ...وزارة الصحة تقدت توصيات للأولياء    مصر.. التيجانية تعلق على اتهام أشهر شيوخها بالتحرش وتتبرأ منه    ضربة مزدوجة للأمراض.. طبيب ينصح بخلط عشبتين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد والشاهد والشهيد
نشر في حقائق أون لاين يوم 30 - 08 - 2016


المشهد
نجح السيد يوسف الشاهد إلى حدّ مهم في كسب معركة المشهد (spectacle) فأقنع، صوتا وصورة وحضورا ركحيا، واستحق بذلك التصفيق والإعجاب والتعليقات الإيجابية. والواقع أنّ المشهد مهم جداً في لحظة كهذه وقياسا بالحكومات السابقة بعد الثورة التي أصابها عطب اتصالي فادح وخطير أحيانا. وقد بيّن ذلك عديد المعلقين.
وفي المشهد السياسي خلق رئيس الحكومة الجديد ديناميكية غير مسبوقة (قد يجد صعوبة كبرى في توجيهها)، فقد فتح المجال أمام أطياف سياسية متنوعة، بنسب وتوازنات مختلفة طبعا، للتواجد في حكومة واحدة. وورّط عديد الأطراف وأحرج فرقاء سياسيين وجمع الأضداد، كما بيّنتُ ذلك في تعليق سابق.
الشاهد
وقف رئيس الحكومة الجديد من أمر تونس موقف الشاهد على ما آلت اليه والمنذر بقرب الخراب. وكأني به يقول ألا هل بلّغت؟ اللهمّ فاشهد. أو قل لقد جاءنا قائلا: أشهد أمامكم بقرب خراب عمران إفريقية على يد أهل المال من صندوق النقد الدولي إلى بارونات التهريب (أحد نواب الشعب سمّاهم، سهوا أو جهلا، بالونات التهريب).
هل شهد زورا أم حقاً؟ لا علم لي. الأهم أنّه شهد من موقع العارف بحكم قُربه من الدوائر المالية العالمية وتجربته مع وكالة التعاون الدولي الأمريكية ووجوده داخل الحكومة السابقة وحركة نداء تونس وغيره. هو عارف بما يُعدّ لتونس أو ما يتنظرها - لا يهم القصد فالمصير واحد - ممّا أصاب اليونان مثلا، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
والملفت أنّ أزمة اليونان لم تُدخِل ذلك البلد في دوّامة العنف والحرب الأهلية وهو أمر ممكن تماماً في تونس لأسباب يطول شرحها. ولم يأت السيد يوسف الشاهد على ذكر هكذا سيناريو حين اكتفى بالتهديد بسياسة تقشّف تكاد تكون حتمية. والنوايا والقدرة الاتصاليه هنا لا تهمّ بقدر أهمية المصير في حدّ ذاته.
الشهيد
اختار رئيس الحكومة المكلّف مقولة التصقت بالشهيد شكري بلعيد (يلزمنا ناقفو لتونس) كخاتمة لخطابه وكصرخة تحميس وتعبئة. والواقع أنّ بلعيد أطل من خلال بيان يوسف الشاهد ومن خلال مسار تشكيل حكومته في اكثر من مناسبةً وأكثر من شكل. فقد ذكره يوسف الشاهد تصريحا ثم استعار مقولته دون ذكر اسمه، فعدّ البعض ذلك سرقة أدبية أو سطوا مقصودا، ونعته آخرون بالتلميح ومحاولة إفراغ المقولة من محتواها أو الإنحراف بها عن مقاصدها الأصلية.
المهم هو أنّ يوسف الشاهد التجأ الى معجم الشهيد بل حاول تقليده في أسلوب الخطابة، فبان الفرق بينهما جليّا، كالفرق بين المطبوع والمصنوع. بلعيد حضر أيضاً وأساسا في حضور اليسار والتوجه الاجتماعي عموما داخل حكومة الشاهد. إذ لا يمكن أن نتجاهل أنّ بعض من وزّرهم الشاهد قريبون جداً من بلعيد، سياسيا وفكريا وعاطفيا، وقد حمّلهم العديد والمنطق مسؤولية الدفاع عن دمه ومبادئه وتوجهاته العامّه، وعلى عكس الحملات ضدّ هؤلاء لن أسمح لنفسي بالتشكيك فيهم حتى يتبيّن العكس.
علاوة على ذلك، اعتقد أنّ جملة الخطوات التي كان عنوانها البارز النائب منجي الرحوي، وآخرها قراره الإحتفاظ بصوته عكس بقية نواب الجبهة الشعبية، هي الإطار الأوسع لهذا التوجه. ولعلّ تواجد مجموعة يساريةِ الماضي والمرجع ضمن فريق حكومي ليبرالي ويميني جزء من هذه الحركية التي تجاوزت أطر الجبهة الشعبية والأحزاب المكوّنة لها.
أعتقد أن كل ذلك يمثّل توجها لدى طيف يساري وتقدّمي مهم لم يعد بإمكانهم الاصطفاف وراء الجبهة بصيغتها الحالية. وإن كان الأمر كذلك، فمن المهم التساؤل عن موقف حزب مشروع تونس من هذا الطيف وهذا التوجّه، وهو الحزب الذي يبحث عن موقع على يسار الوسط ويسعى إلى جذب من قارب ذلك ممّن لم يجد مكاناً في الجبهة وأحزابها أو تناغما معها. واعتقد أنّ انخراط الإتحاد العام التونسي للشغل في مسار تشكّل الحكومة ووثيقة قرطاج يأتي في إطار السعي إلى إيجاد موقع للدفاع عن تونس وعن اختيارات وقيم جاءت بها الثورة واغتيل من أجلها بلعيد.
وإذا ما أضفنا إلى كلّ ذلك الإعتماد الكلي للجبهة وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد على إرث شكري بلعيد ورصيده في معارضتهم لحكومة الشاهد، يمكن القول، بنوع من االتحليل الضدي أو المعاكس للتيّار، إنّ الشهيد بلعيد يواصل الفعل في المشهد التونسي ويساهم في إعادة تشكّله، ثلاث سنوات ونصف بعد اغتياله. ... شكري حي. وهذا أمر يدعو إلى التفكير والعمل.
فكيف للوطنيين والمواطنين أن يحوّلوا لحظة الخطر هذه، خطر يتهدّدد تونس برمّتها وخطر وجود حكومة غير منحازة إلى الفئات الضعيفة والتوجّهات الوطنية، إلى فرصة أو إلى لحظة أمل يستعيدون فيها معنى شكري ومعنى "يلزم ناقفو لتونس"، لا فقط بالمعارضة المطلقة وإنّما أيضا وأساسا بتجميع القوى السياسية والمدنية في كتلة واسعة تتسم بالمرونة في تعاملها مع السلطة والذكاء وتبتعد عن التخوين والتشكيك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.