استيقظت تونس صبيحة اليوم على خبر ايقاف الناشط والمدوّن عزيز عمامي بتهمة استهلاك المخدّرات "الزطلة"...وكان بامكان الخبر أن يمرّ مرور الكرام في بلد يضمّ ما لا يقلّ عن 200 ألف مستهلك لمادّة الزطلة حسب آخر احصائيات الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدّرات...لكنّ المستهلك هذه المرّة مواطن تونسيّ عرف بدوره الرائد في تغطية أحداث ثورة 14 جانفي وحشد المناصرين للاحتجاجات والمسيرات ضدّ النظام البائد، وهو أيضا مطلق حملة "حتى أنا حرقت مركز" المساندة للموقوفين بتهمة حرق مراكز الأمن أثناء الثورة. حقائق أون لاين اتّصلت بمديرة مكتب منظمة هيومن رايتس واتش في تونس آمنة القلاّلي التي أكّدت تحوّل وفد من الحقوقيين وممثّلي المجتمع المدني الى مركز الشرطة العدلية بسيدي بوسعيد أين يتمّ التحقيق مع عزيز عمامي على خلفية اتّهامه باستهلاك المخدّرات، موضّحة أن الهدف من ذلك هو الاستفسار حول التهمة وظروف الايقاف خاصّة وأنّ المنظمة قد تبلّغت بتعرّض الموقوف للتعنيف ممّا انجرّ عنه اصابته على مستوى الأنف حسب قولها. ولم تستبعد القلاّلي أن يكون لايقاف عمامي بعد حقوقي وسياسي، قائلة:"يمكن أن يكون لذلك علاقة بكونه رمزا من رموز الثورة وناشطا حقوقيا." من جهتها، قالت ممثّلة الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان في تونس يسرى فراوس لحقائق أون لاين انّ ايقاف الناشط والمدوّن عزيز عمامي يأتي في سياق سلسلة من الايقافات التي طالت شباب الثورة، مضيفة بالقول "الشباب قبل 14 جانفي وبعده مستهدفون من قبل الأنظمة المتعاقبة على تونس." وعدّدت فراوس في ذات السياق أسماء لنشطاء ومثقّفين وفنانين تمّ ايقافهم أو سجنهم بتهم شتّى لخلفياتهم السياسية على غرار عدد من مغنّيي الراب والسينمائي عبد الله يحي وحلمي الشنيتي أخي الشهيد غسان الشنيتي اضافة الى المدوّن جابر الماجري. وذكّرت يسرا فراوس بممارسات النظام البائد الذي كان يزجّ بالشباب المعارض في السجون عبر تلفيق تهم متعلّقة بقضايا حقّ عامّ لهم الأمر الذي يمكن أن ينسحب على قضية الحال. من جهة أخرى، تعدّ عقوبة استهلاك "الزطلة" المبيّنة بالقانون عدد 52 المورّخ في 18 ماي 1992 من زاوية نظر حقوقية عقوبة سالبة للحرية بحكم تنصيص القانون في الفصل الرابع على أنّه "يعاقب بالسجن من عام الى خمسة أعوام وبخطية من ألف الى ثلاثة آلاف دينار كل من استهلك أو مسك لغاية الاستهلاك الشخصي نباتا أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانونا والمحاولة موجبة للعقاب. " وفي هذا السياق، استنكرت ممثّلة الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان يسرى فراوس تواصل فرض عقوبة السجن على مستهلكي "الزطلة"، معتبرة أنّه لا بدّ من التصدّي اليوم لكلّ العقوبات السالبة للحرية، ممّا لا يعني حسب تعبيرها عدم معاقبة من يتجاوز القانون، بل ايجاد حلّ جذري لما بلغته السجون التونسية من افلاس لا يسمح بالاصلاح واعادة ادماج السجين في المجتمع بعد تمضيته فترة العقوبة وانّما يزيد من حالة الاحتقان والغضب التي يشعر بها. ودعت فراوس الى تطبيق العدالة الغائبة حتى الآن في التعامل مع ملفّ المخدّرات، حيث ترى أن المسؤولين عن ادخالها الى تونس مفلتون من العقاب ووحده الفقير من يتمّ محاسبته وفرض عقوبة سالبة للحرية عليه بتعبيرها. يذكر أنّ وزارة الداخلية لم تصدر بعد أيّ بيان بخصوص ايقاف الناشط والمدوّن عزيز عمامي، ولا يعرف حتى الآن نتيجة التحليل الذي أخضع له هذا الأخير للتأكّد من صحّة استهلاكه للمخدّرات من عدمه.