يُمكن أن نعرف " الإقامة الجبرية " بكونها ذلك الإجراء الذي تتمكن من خلاله السلطة التنفيذية في شخص وزير الداخلية بالحد من حرية أي شخص يقيم بالمناطق الترابية المشمولة بحالة الطوارئ لما يمثله هذا الأخير من خطر عن الأمن العام و السلم الإجتماعي و ذلك بوضعه قيد الإقامة الجبرية بنفس المكان أو المنطقة المشمولة بحالة الطوارئ . و على هذا الأساس فإنه يُشترط في الوضع تحت الإقامة الجبرية 4 شروط : أولا : أن يتم الوضع تحت الإقامة الجبرية بعد سبق إعلان حالة الطوارئ إما بكامل الجمهورية التونسية أو ببعض مناطقها و ذلك تطبيقًا للفصل الأول من أمر عدد 50 لسنة 1978 مؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ ثانياً : أن يتم الوضع تحت الإقامة الجبرية بقرار من طرف وزير الداخلية و في هذا الخصوص لم ينص القانون حول طبيعة هذا القرار سواء كان كتابيًا أو شفاهيًا و لم يشترط القانون كذلك أن يتم تعليله و بيان أسباب إتخاذه أو إعلام عائلة المتخذ في شأنه القرار بفحوى هذا الأخير. ثالثًا : أن يتم الوضع تحت الإقامة الجبرية بنفس المكان أو المنطقة المشمولة بحالة الطوارئ أما إذا تم إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية فيمكن حينئذ وضع المتخذ في شأنه القرار بأي مكان تحدده وزارة الداخلية . رابعًا : أن يكون من إتخذ في شأنه قرار الإقامة الجبرية يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين بمعنى أن عدم إخضاعه للإقامة الجبرية سيكون له أثر خطير على الأمن العام و السلم الإجتماعي . خامسًا : يتعين على السلط الإدارية اتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم و لم يوضح القانون ماهية الإجراءات التي يستوجب على السلطة توفيرها , كتمكين المُتخذ في شأنه القرار من مقابلة عائلته أو محاميه أو غيرها من الحقوق الأخرى الملتصقة بالذات البشرية . و عموما يتبين بما لا يدع مجال للشك أن الوضع تحت الإقامة الجبرية هو إجراء إستثنائي جدًا من حيث زمن إتخاذه إذ لا يمكن تطبيقه إلا بعد سبق إعلان حالة الطوارئ إما بكامل الجمهورية التونسية أو ببعض مناطقها و ذلك تطبيقًا للفصل الأول من أمر عدد 50 لسنة 1978 مؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ . أما بالنسبة للطبيعة القانونية للوضع تحت الإقامة الجبرية فإنه لا يمكن أن يُشكل نوع من العقوبات المنظمة بالمجلة الجزائية و بالنصوص الخاصة و إنما يبقى إجراء و تدبير إحترازي غير قضائي بما أنه لا يصدر عن سلطة قضائية . هذا و لا يمكن حرمان الخاضع للإقامة الجبرية من حقوقه حيث يتعين على السلط الادارية اتخاذ كل الاجراءات لضمان معيشة هؤلاء الاشخاص الموضوعين تحت الاقامة الجبرية وعائلاتهم يتمتع الشخص المعني وعائلته بالرعاية الصحية وكل المستلزمات المعيشية كما لا يمكن ممارسة التعذيب ضده او تسليط اي معاملات او عقوبات قاسية او مهينة او غير انسانية عليه او على عائلته. هذا و يتيح القانون التونسي لمن صدر ضده قرار في الاقامة الجبرية اللجوء الى المحكمة الادارية لطلب الغائه او توقيف تنفيذه وفق اجراءات دعاوى الالغاء . كما يسمح الاجراء بطلب التعويض من الدولة في حال الغاء القرار لعدم شرعيته. قضتْ المحكمة الإداريّة عن الدائرة الابتدائية الأولى في مناسبتين، بتاريخ 2 جويلية 2018، في دعاوى تجاوز السّلطة ضدّ قراريْ وزير الداخلية بوضع مدعييْن تحت الإقامة الجبرية (القضيّة عدد 150168 والقضية عدد 146676) بعدم دستورية سندهما القانوني أي الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرّخ في 26 جانفي 1978 والمتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ بسبب: *خرقه أحكام دستور 27 جانفي 2014 المتعلّقة بالشروط الدستورية الدنيا للحدّ من الحقوق والحريات المضمونة به (الفصل 49) *انتهاكه الحقوق الأساسية المكفولة لكلّ مواطن ومواطنة بموجب الفصل 24 منه وهما بالتحديد حق التنقل و حق إختيار مقر إقامة .