أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس يوم 15 مارس الجاري قرارا استثنائيا يعد سابقة قضائية بعد الثورة وفي علاقة بمسار العدالة الانتقالية، حيث أصدرت حكما بإلغاء ومعدومية الاتفاقية التحكيمية التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة مع عماد الطرابلسي وذلك على خلفية الطعن الذي تقدم به المكلف العام بنزاعات الدولة في نوفمبر 2020. والمعدومية حسب ما ورد في صحيفة الصباح الصادرة اليوم الثلاثاء 23 مارس 2021، "هي نظرية في القانون الغداري بالأساس تنطبق عندما يكون القرار أو الاجراء مشوبا بعيب فادح أو خطأ فاحش يجعله من قبيل العدم أي كأنه لم يكن". وتابعت ذات الصحيفة أنه و"بالرغم من أن هذا الحكم قابل للاستئناف، إلا أنه ولأول مرة يرفع القضاء تلك الهالة القدسية التي أحاط بها المشرع القرارات التحكيمية الصادرة عن هيئة الحقيقة والكرامة عندما نص الفصل 50 من القانون الاساسي عدد 53 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية أن القرار التحكيمي نهائي وغير قابل لاي وجه من اوجه الطعن او الابطال أو دعوى تجاوز السلطة". وكان قد ورد في اتفاقية التحكيم مع عماد الطرابلسي بعد طلبه الاعتذار هلنا من الشعب التونسي أنه ملزم بخلاص 235 مليون دينار لفائدة الدولة 35 مليون دينار منها نقدا والبقية يتم خلاصها من الأملاك المصادرة مع تكفل الدولة بخلاص شيكاته، بالإضافة إلى أن مجلس هيئة الحقيقة والكرامة قد صادق بتاريخ 28 جانفي 2018، على طرح الاملاك المصادرة من قيمة الأضرار الواجب تعويضها للدولة واحتفاظ طالب التحكيم بأولوية الشراء لأملاكه المصادرة. وكان الزج بالاملاك المصادرة في اتفاقيات الصلح دون أن ينص قانون العدالة الانتقالية على ذلك أحد الأسانيد التي اعتمدها المكلف العام بنزاعات الدولة في طعنه في اتفاقية التحكيم وقد يكون ذلك احد اسباب الحكم بمعدومية الاتفاقية.