في قراءة للزيارة التي أدّاها امس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى تونس وإعلانه انه وقع الاتفاق مع بلادنا على دعم حكومة السراج في ليبيا، اعتبر الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي ان السياسة الداخلية والخارجية لتونس لا تحددها الخطابات وانما وضعها الاجتماعي والاقتصادي والعسكري. وقال العبيدي في حديثه لحقائق اون لاين، اليوم الخميس 26 ديسمبر 2019، إنّ هناك مجموعة من العناصر هي التي تحدد توجهات البلاد في أيّ مجال من المجالات، وعند التفكير في المجال الاقتصادي وجد التفكير أيضا في مختلف الأبعاد الأخرى، باعتبار أنّ كل قطاع مرتبط بالآخر، وتونس اليوم دون حكومة وبالتالي فإن رئيس الجمهورية بمفرده لا يستطيع تحديد المسار لأن توجهات تونس تحددها الحكومة برمّتها.
وبيّن الدبلوماسي السابق العبيدي، أنّ الاهم في كل هذه الاحداث المتعلقة بليبيا، هو تموقع تركيا، معتبرا انّ أنّ الرئيس التركي الآن في "قلب الرحى" ويسعى الى سبق القوى الاخرى لأنه في تنافس كبير مع مختلف الدول، حيث يعمل اردوغان عبر هذه المناورات على أن يكون له موقع في مجريات الأحداث مستقبلا.
وأوضح ان مساعي تركيا للتموقع في ليبيا تأتي لسببين اثنين، أولهما الثروات الطبيبيعة التي تزخر بها ليبيا، وثانيهما تتمثل في صفقات إعادة البناء التي تقيّم بين 250 و300 مليار دورلار.
تابع بالقول: الكل يتسابق من اجل التموقع، وتونس بدورها لها وضعها الخاص مع الشقيقة ليبيا التي كانت تشغّل 200 الف تونسي، كما بلغ حجم التبادل التجاري معها نحو 6 مليار دينار، ولم تخل جهة في تونس من سوق ليبيا الذي يمثل مصدر رزق لآلاف التجار.
وأضاف، بالتالي تونس لا يمكنها ان تدافع عن مصالحها الا اذا ربطت شبكة من العلاقات وهذا ما يفسر أنّ تونس دائما تعلن عن تمسكّها ب"الشرعية الدولية" لانها لا تملك وزن ذاتي يسمح لها بتحديد مسارها وحدها مستقلّة عن غيرها، لذلك "يجب ان نكون ضمن منظومة علاقات خارجية التي تتماهى معها مصالحنا".
وأشار الى انّ الامر الذي لم تنجح فيه تونس هو توظيف الموقع الاستراتيجي لبلادنا، "حيث اصبحنا كأننا معبر، كما يوجد مساع لتحويلنا الى قاعدة خلفية دون مقابل، لذلك يجب ان على تونس انّ تتعاون مع هذه المنظومة التي تتماهى مع مصالحها وتتفاوض معها".
وأكّد انّ مصالح تونس سواء مع ليبيا أو تركيا او غيرها لا يمكن ان تتحدّد إلا بعد تشكيل حكومة تحدد التوجهات والسياسيات.
ولفت محدثنا إلى ان كل حساسيّّة سياسية في تونس لها علاقاتها مع الخارج وتحتمي به، وجهة تجذب نحو الغرب واخرى نحو الشرق وجهة تسعى نحو تركيا، وأخرى نحو السعودية والامارات، ولذك وجب على تونس قبل كلّ شيء التمركز حول الذات وتحدد مصالحها.
وختم محدثنا بالتأكيد انّ على تونس الانكباب على شؤونها وتكوين حكومة، أما في علاقتها بليبيا فلابد لبلادنا أن تتصفح جيدا ميزان القوى وتبحث لنفسها عن موقع لانها لا تستطيع أن تفرض سياسة خاصة بها تجاه ليبيا، باعتبارها لا تحدد ميزان القوى وانما تتموقع في التوجهات التي تتتماشى مع سياسيتها، حيث الغرب يبحث عن اكثر المنافع ونحن نبحث عن أقل الاضرار.