لازال خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي... لازال خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 13 أوت 2017 بمناسبة عيد المرأة، يسيل الكثير من الحبر والجدل لا على الصعيد الوطني فقط بل على مستوى عدد من الدول العربية. ولئن كان السبسي أول رئيس عربي يعلن عن قرارات تصبّ في مسار تحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل من خلال تكليف لجنة بدراسة الحريات الفردية والمساواة في الإرث والدعوة إلى إلغاء منشور 1973 الذي يمنع المرأة التونسية من الزواج بغير المسلم إذا لم يشهر إسلامه أمام مفتي الجمهورية، فإن هذا الإعلان جاء بعد سنوات من نضال منظمات نسوية وحقوقيين دافعوا عن المساواة التامة بين الجنسين منذ عقود. وبعيدا عن الجدل "الديني" الذي أثير في علاقة بهذا الموضوع، لفت عدد من المتابعين للشأن العام والمفكرين إلى أن تصريحات السبسي لن تكون ذات جدوى إذا لم يتمّ تفعيلها حقيقة ودون إحداث ثورة ثانية بعد ثورة مجلة الأحوال الشخصية. ويضيف هؤلاء أنه كان من الأجدى أن يعلن رئيس الدولة عن إلغاء منشور 1973 عوضا عن الدعوة إلى مراجعته، وأن يكون العمل على تغيير القوانين لصالح تكريس المساواة في الإرث بين المرأة والرجل جديا وبعيدا عن الجدل الديني الذي رافق إعلان تكليف لجنة بدراسة الحريات الفردية والمساواة في الميراث. ويعتبر البعض الآخر أنه كان بإمكان الباجي قائد السبسي أن يكلّف الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بدراسة هذا الملف عوضا عن تكليف لجنة أخرى تترأسها النائب بالبرلمان بشرى بلحاج حميدة. هذه اللجنة وصفها البعض ب"المخيفة" نظرا لتركيبتها التي اعتبروا أنها إقصائية وأحادية، في حين ذهب آخرون إلى القول إنها غير دستورية باعتبار أن هناك هيئة أخرى كان من الأحرى تكليفها بما تقوم به اللجنة الجديدة. وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، في تصريح لحقائق أون لاين، إنه من الناحية القانونية لا شيء يمنع رئيس الجمهورية من تكوين لجنة لتقوم بمهمة استشارية. وأشار بن مبارك إلى أنه ليس مطلعا على صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية مضيفا أنه من الممكن أن تكون هذه الأخيرة غير قادرة على النظر في مثل هذه الأمور. وأكد أنه لا يوجد أي مانع قانوني يحول دون تكليف رئيس الدولة للجنة استشارية. هذا وقد صدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 111 لسنة 2017 أمر رئاسي مؤرخ في 13 أوت 2017 أُحدثت بموجبه لجنة لدى رئيس الجمهورية تتولى إعداد تقرير حول الإصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة استنادا إلى مقتضيات دستور 27 جانفي 2014 والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتوجهات المعاصرة في مجال الحريات والمساواة. وستتمتع اللجنة بطبيعة استشارية، حيث تعمل على تقديم جملة من التصورات والمقترحات حول الحريات الفردية وكيفية حمايتها دستوريا واجتماعيا، فضلا عن تقديم مقترحات حول كيفية تدعيم مبدأ المساواة بشكل عام وبين الجنسين على وجه الخصوص.