إنعقد المؤتمر الحادي والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل وفاز عن استحقاق قناعة من المؤتمرين وغادر المكتب التنفيذي من غادر مرفوع الرأس لأنها كانت تلك قوانين اللعبة الديمقراطية النقابية التي اعلنا عن مولدها في مؤتمر جربة والتي ساور البعض الشك في استمراريتها رسوخها داخل المنظمة وبين النقابيين على امتداد الفترة بين المؤتمرين وحتى داخل قاعة المؤتمر وكانت التخوفات مأتاها أساسا عديد النقاط والملفات الهامة والحساسة المطروحة بكل إلحاح على النقابيين وبالاحرى على الاتحاد العام التونسي للشغل العنصر الاساسي في القوى الحية بالبلاد والمساهمة الفعال في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية بها إعتمادا على ارثه التاريخي وكذلك على قاعدته الشعبية العريضة التي اثبتت أنها متشبعة بالروح الديمقراطية وتحسن التعامل مع الاحداث والمحطات الكبرى التي تقبل عليها البلاد والتي تتطلب من الاتحاد مزيدا من التكتل والجرأة في اتخاذ المواقف الشجاعة والقرارات الصائبة، هذه القرارات التي لا بد لها من بداية فكانت إنطلاقتها من المنستير حيث مارس النقابيون ديمقراطيتهم بكل حرية وشفافية وكانت نتائج المؤتمر تبرهن بما لا يدع مجالا للشك بأن الوعي النقابي بلغ درجة كبيرة من النضج والمسؤولية حيث أن وجوها معروفة بنضاليتها داخل الاتحاد كثر الحديث عن امكانية إسقاطها (لا أريد هنا أن أتعرض للأسماء لأننا نحتفل بديمقراطيتنا فلا مجال لتعكير صفو ذلك أو إثارة بعض الحساسيات)، وأسماء أخرى كانت تطمع في دعم الأمين العام وهي ممارسات دأبت عليها بعض النفوس الضعيفة والتي تريد احتراف العمل النقابي وكثيرا ما تحاط القائمة (الرسمية) أو قائمة الأمين العام كما يحلو للبعض بتسميتها بهالة إعلامية وضجة ترويجية داخل قاعة المؤتمر وكواليسه يجند لها البعض مسبقا يكون لهم تأثير كبير على المؤتمرين والنتائج بصفة عامة لكن هذه المرة وإمتدادا لما وقع في مؤتمر جربة كسرت هذه القاعدة المغلوطة والشاذة عن كل القيم والاخلاقيات النقابية ولما أعطى النقابيون حرية التعبير والقرار كان الخيار مميزا لحد ما حيث تم تدعيم المكتب التنفيذي بإطارات نقابية فاعلة ومناضلة قطاعيا وجهويا نأمل أن تعطي الاضافة المرجوة منها في دفع عجلة العمل النقابي ليرتقي الى مستوى طموحات المؤتمرين والاطارات النقابية والقواعد العمالية بصفة عامة وهذا لا ينقص من قيمة الاخوة الذين غادروا المكتب التنفيذي في شيء لكننا نؤمن بأن لكل مرحلة رجالها وأن من حق كل نقابي أن يأخذ فرصته على غرار الذين سبقوه وهكذا هي الحياة مداولة بين الناس والمثال يقول لو دامت لغيرك ما وصلت اليك حتما وتلك هي أصول الديمقراطية التي مازالت عديد الاطراف في البلاد لم تتوصل اليها حيث تسود إنتخاباتها التوصيات والمجاملات لكن داخل الاتحاد فإن النضالية هي الفيصل والدفاع عن مكانة الاتحاد والمكاسب العمالية داخل هياكل القرار وفي الاطر الرسمية هي المحدد الوحيد لعضوية المكاتب التنفيذية الجهوية والقطاعية والوطنية وأن لا مقياس مستقبلا لمثل تلك العضويات إلا بقدر ما يأتيه النقابي من مواقف نضالية جريئة مازجة بين الصلابة والمرونة، صلابة المواقف ومرونة التفاوض التي تميز بها النقابيون منذ جامعة عموم العملة لمحمد علي الى الاتحاد العام التونسي للشغل لحشاد العظيم وما كان النقابي عبر تلك الأحقاب سوى مفاوض كريم أو مناضل عظيم وتاريخ منظمتنا يزخر بالمحطات العظيمة التي تضم أمثال هؤلاء، إن مخزوننا النقابي وتاريخنا النضالي ونحن أمام التحديات الكبيرة التي تواجهنا هذه الأيام يفرض على الجميع وخاصة الاخوة أعضاء المكتب التنفيذي بتركيبته الجديدة أن يطور خطابه النقابي في الداخل ومع الاطراف الاجتماعية الأخرى وأن يسمع صوتنا وتحترم مواقفنا وتأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتنا في كل ما يهم الحياة المهنية والصحية والاقتصادية والتربوية بالبلاد وأن يتعامل معنا الجميع بدون استثناء على أننا شركاء في التأسيس لمستقبل البلاد كما كنا شركاء كبار في استقلالها والخروج بها من تحت نير الاستعمار ثم بعد ذلك النهوض بها من التخلف والفقر والجهل والخصاصة، أقول هذا لأنه من غير المقبول داخل الاتحاد الذي ينتخب مكتبا تنفيذيا بكل روح ديمقراطية وأن يختار النقابيون هذه المجموعة الكريمة من جملة حشد كبير من المترشحين والمترشحات والتي كانت تحمل طموحات وآمال وربما برامج وتصورات تصب كلها في النهج الديمقراطي الذي نرمي اليه جميعا، إذا فإنه من غير المقبول أن لا يمارس الديمقراطية والشفافية في التعامل مع الملفات النقابية من انتخب بصفة ديمقراطية ومن غير المقبول أبدا أن يمارس أي كان الفردية والانفراد بالرأي من جاء عبر صندوق الاتحاد الديمقراطي و ليعلم الجميع بأن الديمقراطية التي مورست في مؤتمر المنستير هي ذاتها التي سوف تمارس على كل من يذنب أو يسرف في حق العمال وكذلك في حق منظمتنا الاتحاد العام التونسي قلعة النضال والديمقراطية والذي سوف يبقى كذلك الى أبد الآبدين وللحديث بقية وكل عام والجميع بخير والاتحاد بألف خير. عبد الخالق قفراش عضو الجامعة العامة للكهرباء والغاز