رئيس الحكومة يشرف على مجلس وزاري حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025    وزير الخارجية يتحادث في نيويورك مع نظيرته الاندونيسية    حزب الله: القائد العسكري علي كركي بخير وانتقل إلى مكان آمن    المنتخب الوطني يتأهل إلى نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة اليد أصاغر    المتحف الوطني بباردو: افتتاح معرض "صلامبو من فلوبار إلى قرطاج"    الفلاسفة والحب ..«كانط» و«شوبنهاور»... والعزوبية !    قصة مثل : «أكرم من حاتم الطائي»... !    جندوبة: إحالة شابين بحالة حرجة على المستشفى بعد حادث انزلاق دراجة كبيرة    سؤال وجواب... ما الفرق بين المطر والغيث النافع؟    يوسف معرّف يعزّز صفوف الزمالك    قبلي .. موسم جني التمور ينطلق في أكتوبر ...نقص في الصابة وتحسّن في الجودة    البنك المركزي ..مقاييس جديدة لتمويل البنوك لزراعة القمح والبقول والأعلاف    القلعة الكبرى: مقتل حارس سوق الجملة بعد عملية دهس    اتصالات تونس تشارك في طلب عروض الجيل الخامس من الهاتف الجوال الرقمي    نقص كبير في التزود باللحوم البيضاء    الهيئة تنشر قائمة مراكز الاقتراع    تفكيك شبكة مختصة في تهريب المواد المخدرة وحجز 05 صفائح من مخدر القنب الهندي .    تحديث لضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان: 356 شهيدا وأكثر من 1246 جريحا    قفصة: التساقطات المطرية التي شهدتها معتمديات لها تأثير إيجابي على الزراعات والغراسات المروية والمطرية    الكاف: الكاف: 9 إصابات في انزلاق سيارة أجرة    البريد التونسي: 269 ألف و 342 تلميذ قاموا بالتسجيل المدرسي عن بعد بمؤسساتهم التربوية للسنة الدراسية الحالية باستعمال وسائل الدفع الالكتروني    الرابطة 1- هيثم الطرابلسي يدير مباراة مستقبل سليمان والترجي الرياضي واشرف الحركاتي يقود لقاء النادي الصفاقسي واتحاد بنقردان    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحين إلى وضع مواشيهم والآلات الفلاحية والتجهيزات بعيدا عن مجاري الأودية    عاجل/ انفجار بمنجم للفحم في إيران..وهذه حصيلة الوفيات..    سعر الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية بتاريخ 20/09/2024    عاجل/ العدوان على جنوب لبنان: ارتفاع حصيلة الشهداء الى 182 شهيدا    عاجل/ العدوان على لبنان: ارتفاع حصيلة الشهداء الى 274 شهيدا و1024 جريح    هذه الدولة تسجل أول حالة إصابة بالسلالة (1 بي) من جدري القردة..#خبر_عاجل    ليبيا: وفاة شخص جرفته مياه السيول    ثقافة : الإسراع في انجاز البرامج والمشاريع ذات العلاقة وخاصة مشروع ترميم سور القيروان    سوريا.. تسمية فيصل المقداد نائبا للرئيس الاسد    توزر: تاثير ايجابي لتهاطل الامطار مع هبوب الرياح على صابة التمور    مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين: قونة في مدينة الثقافة.. مسرح التجريب.. ولؤلؤة بحار    مهرجان الشّعر الغنائي: دورة المرحوم بلڨاسم بوڨنة أكتوبر المقبل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات - انس جابر تصعد الى المركز الحادي والعشرين    إصابات في انزلاق '' لواج'' بسليانة    الوثائقي التونسي "لا شيء عن أمي" يشارك في الدورة 17 لمهرجان فيلم المرأة بمدينة سلا المغربية    يبكي في دار مسنين : ما قصة أشهر مخرجي أغاني كاظم الساهر و صابر الرباعي ونجوى كرم ؟    عاجل: إنقلاب حافلة في طريق سوسة    كيف تختارين ''البوت الفرو'' في شتاء 2025؟    بسبب الأمطار: انزلاق حافلة تقلّ سيّاحا في بوفيشة    فيديو : أمطارغزيزة بالمتلوي    النادي الصفاقسي يراسل مكتب الرابطة    منتدى الصيدلة 2024: الابتكار الرقمي في خدمة الصيدلي والمريض    وزارة الشؤون الثقافية تنعى العرائسي عبد الحق خمير    الإتحاد المنستيري يدين أحداث مقابلة المولدية ويدعو سلطة الإشراف والجامعة للتدخل    كأس الكاف: قائمة الأندية المتأهلة إلى دور المجموعات    عاجل - إسبانيا: فتح تحقيق بعد هروب 3 رياضيين من بعثة تونس لرفع الأثقال    سليانة: المشرفون على حملة قيس سعيد يعتمدون على الدواب للقيام بالحملة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    غوتيريش يحذر من تحول لبنان إلى غزة أخرى    الرئاسية: لجنة التشريع العام تبدأ في أولى جلساتها للنظر في مقترح تعديل القانون الانتخابي    اليوم: انطلاق تداول القسط الثالث من القرض الرقاعي الوطني    الدكتور دغفوس: توفير 280 ألف جرعة من تلقيح القريب والأسعار تتراجع    أي علاقة بين القهوة وبناء العضلات؟ دراسة تكشف    اليوم الاعتدال الخريفي للنصف الشمالي للكرة الأرضية    توفير نحو 300 ألف جرعة تلقيح مضادة لل0نفلوانزا    الاعتدال الخريفي يحدث في تونس غدا الأحد على الساعة 13 و43 دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا صدام بين قيادة النقابات اليسارية وحكومة النهضة اليمينية
تونس. إشارات التفاهم لم تبطئ
نشر في الشعب يوم 07 - 01 - 2012

خصّصت قناة «القارة» التي تبثّ من العاصمة الفرنسية باريس ويديرها الاعلامي التونسي المتألق نجيب قويعة فقرة لمؤتمر الاتحاد جاء فيها:
بسعادة زائدة للفائزين ومرارة صعبة الهضم للمخفقين، لكن بفرح غمر الجميع بنجاح الفعالية وحب مفرط للاتحاد العام التونسي للشغل، اعرق واقوى المنظمات النقابية العربية والافريقية، ختم المؤتمر الثاني والعشرون للمنظمة المنعقد من 25 الى 29 ديسمبر كانون الثاني اشغاله الدسمة وافرز قيادة جديدة انتخبها 515 نائب نقابي جاؤوا الى مدينة طبرقة الباردة الواقعة في الشمال الغربي للبلاد من مختلف القطاعات والجهات.
ومثلما تنص عليه قوانين المنظمة وتفعيلا للعبة الديموقراطية المعمول بها، اجتمع الاعضاء المنتخبون واختاروا من بينهم زميلهم حسين العباسي امينا عاما جديدا للاتحاد. وتعتبر هذه من المرات القلائل التي ينتخب فيها امين عام لاتحاد الشغل من غير المخازن التقليدية لهذا الصنف من القادة وهي في العادة جزيرة قرقنة الواقعة عرض مدينة صفاقس ثاني مدينة بعد العاصمة تونس والمشهورة بوفرة نشاطها الاقتصادي وبالتالي بوفرة عدد العمال فيها وقد انجبت مؤسس الاتحاد الزعيم الشهيد فرحات حشاد الذي قاد الحركة التحريرية التونسية مما ادى الى اغتياله في ديسمبر1952 من طرف عصابة اليد الحمراء صنيعة سلطات الاستعمار الفرنسي. كما انجبت الجزيرة نفسها زعيما اخر لا يقل قيمة ولا عزيمة الا وهو الحبيب عاشور الذي تصدى للرئيس الحبيب بورقيبة واختلف معه وقضى سنوات طويلة من عمره في السجن. كما انجبت قادة نقابيين كثيرين منهم اخر امين عام وهو عبدالسلام جراد.اما الجهة الثانيه فهي قفصة في الجنوب الغربي التونسي والتي اشتهرت بمناجم الفسفاط. فقد اهدت للحركة النقابية التونسية والعربية والافريقية احد ابرز قادتها المرحوم احمد التليلي الذي تولى الامانة العامة للاتحاد من سنة 1957 الى سنة 1963. ويذكر لهذا الرجل انه قاد المقاومة المسلحة في جهته وانه تولى امانة مال الحزب الحرالدستوري كما عني بشكل خاص بالمقاومة الجزائرية ابان اقامة قادتها في تونس وانه اشرف سنة 1961على تنظيم اول مؤتمر للشعوب الافريقية المستقلة حديثا وانه توفق في انشاء الفرع الافريقي للاتحاد الدولي للنقابات الحرة.
وبالعودة الى الامين العام الجديد، تجدر الاشارة الى انه اصيل جهة القيروان الواقعة وسط البلاد والتي لم تعرف نهضة نقابية حقيقية الا على يديه عندما تولى الامانة العام لفرع الاتحاد بالجهة مدة نحو عشر سنوات حيث زاد في عدد المنتسبين وخاض العديد من النضالات وتمكن بالتالي من تحقيق الكثير من المكاسب المادية والمعنوية للعاملين هناك. لكن لا شك في ان ابرز ما حققه حسين العباسي لجهته عند توليه امور اتحاد النقابات انه اخرج هذا الاخير من القمقم الذي كان محصورا فيه وفتحه على المحيط الدائر به وخاصة محيط منظمات وجمعيات المجتمع المدني التي اشتهرت بمعارضتها لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وفي مقدمتها رابطة الدفاع عن حقوق الانسان. ويذكر لفرع الاتحاد بالقيروان لما كان العباسي مسؤولا عليه انه اصدرقرارا شديد اللهجة نشرته جريدة الشعب في ابانه عارض فيه ترشح الرئيس المخلوع لانتخابات سنة 2004.
معه وفي نفس القائمة انتخب 12 عضوا 10 منهم يرتقون الى قيادة النظمة لاول مرة وينحدرون من قطاعات نشاط مختلفة ابرزها التعليم بمختلف فروعه تليه الصحة والسياحة والنفط ومن الجهات الوفيرة العمالة مثل العاصمة وصفاقس وبنعروس والساحل، فيما حجزت جهة الشمال الغربي المعروفة تقليديا بتصدير اليد العاملة الى خارجها مقعدين كاملين. اما سياسيا فان الاغلبية الساحقة من الفائزين ينحدرون من تيارات اليسار الوسطي رغم عدم انتسابهم تنظيميا الى اي كان من الاحزاب حتى بعد الثورة. ومن بين الاعضاء 13 ثلاثة محسوبون على الحركة القومية وتحديدا على التيار الناصري. ويعاب على الاتحاد الذي لعب دورا حاسما في الثورة وعلى مؤتمره الخير انه لم يوفق في تصعيد امراة الى قيادته العليا رغم ان 40 بالمئة من منتسبيه نساء. وهذه مسالة ارجئ النظر في حلها الى مجلس وطني ينعقد للغرض في اجل اقصاه سنة من الآن.
لم يبرز المؤتمر فقط بالانتخابات التي ترشح لها خمسون نقابيا ولكن ايضا بمجموعة من المواقف والملفات التي حددت موقفه ومجالات تصرفه في المستقبل ازاء عديد المسائل. ولا جدال في ان أبرز معطى اخذ الجميع بعين الاعتبار هو ان السلطة الحاكمة الجديدة تتركب من طرفين رئيسيين لا يتحمسان تقليديا للنقابات وهما حزب حركة النهضة الاغلبي وحليفه الثاني حزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي. ولئن التقى الرئيس في مناسبتين مع الامين العام المتخلي عبدالسلام جراد وبعث برسالة تهنئة الى المؤتمر مبرزا «دور الاتحاد في انجاح الثورة وحمايتها» ومعربا عن» ثقته بان المنظمة ستواصل دعم المجهودات الضرورية لتهدئة الاوضاع حتى تستطيع الحكومة التفرغ للمشاكل العاجلة والطلبات الشرعية لتحسين اوضاع الشغالين»، فان قيادات من حزبه شنت قبل اسابيع هجومات واسعة على الاتحاد وقياداته ناسبة إليها اقذع النعوت منها الاستقواء بالاجنبي بل ان مجموعات من شبابه تظاهرت امام مقرات الاتحاد وكالت لقياداته وابلا من الشتائم فضلا عما اتته في حقها من سباب واهانات على المواقع الاجتماعية. وزاد الطين بلة ان امين عام حزب المؤتمر المحامي عبد الرّؤُوف العيادي اثار قضية عدلية ضد عبدالسلام جراد متهما اياه بالحصول على منافع لا حق له فيها.
اما حركة النهضة فقد تعاملت مع الموضوع برمته بعقلانية لافتة للانتباه. هي تعرف مسبقا اهمية الاتحاد في البلاد ودوره الحاسم على مر التاريخ وخاصة وقوفه مع انصارها عندما كانوا مضطهدين. ومنذ البداية، سارع رئيس الحكومة حمادي الجبالي وفور فوز حزبه بالاغلبية الى دعوة النقابيين إلى المشاركة في عضوية حكومته. ولئن لم يفلح في البداية مما اثار غضب انصار الحركة متهمين النقابيين بعرقلة عمل الحكومة المنبثقة عنهم، فانه وفق في نهاية المطاف في ضم خبير نقابي بارز الى حكومته هو الاستاذ الدكتور حسين الديماسي الذي اصبح وزيرا للمالية ووفق بسرعة قياسية في اعداد مشروع ميزانية للعام الجديد. واذا اضفنا ان وزير الشؤون الاجتماعية الجديد المخاطب الرئيسي للنقابات وهو الدكتور الطبيب خليل زاوية الذي مازال الى حد الان مسؤولا عن نقابة الاطباء الجامعيين وان الطبيب الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التاسيسي كان رئيسا للنقابة نفسها، نفهم ان علاقات جيدة ستقوم بين الثالوث الحاكم والقيادة الجديدة للاتحاد العام التونسي للشغل وقد افادت مصادر وثيقة ان قيادات حزب النهضة والتكتل الديمقراطي الحاكمين اوصت المتعاطفين معها من النقابيين بالتصويت لفائدة القائمة الفائزة.
الاشارات الايجابية عن جو التفاهم المرتقب لم تبطئ كثيرا حيث تم فك العديد من الاعتصامات ومن ابرزها ذالك الذي كان منتظما في قفصة منذ 9 اشهروالذي كان معطلا لحركة مرور القطارات الناقلة للفسفاط من مناجم قفصة الى معامل التكرير والتحميض في صفاقس وقابس وكذلك اعتصامات اخرى في قابس وصفاقس قضلا عن توصل ممثل عن الحكومة الى اقناع مستثمر ياباني بالعدول عن ايقاف نشاطه في تونس. وبناء على ما سبق، يستبعد المراقبون هنا في تونس اي امكانية للصدام التي روج لها الكثيرون بين حكومة النهضة اليمينية وقيادة الاتحاد اليسارية. وهذه في الاخير صورة متفردة عن تونس الجديدة، تونس المختلفة، تونس الرأي والرأي الأخر، تونس الوفاق والتعايش السلمي الحضاري الراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.