ولاية تونس في المرتبة الأولى من حيث عدد حوادث المرور    انجاز مآوي ذات طوابق بتونس العاصمة: مشروع مكبل منذ عشر سنوات    عاجل/بداية من هذا التاريخ: شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بهذه الأسعار..    إحالة اللاعب أصيل النملي على لجنة التأديب والانضباط    في منتدى السي 0س 0س الغد …النادي وضع القدم الأولى على خارطة الطريق.    فظيع/ هلاك طفل غرقا في شاطئ قربة..    للحد من ظاهرة الغش في الامتحانات: وزارة التربية تمنع ارتداء الكوفية الفلسطينية    وزيرة التربية: لايمكن الحديث عن لوحات رقمية والمدارس تفتقر لمياه الشرب    اعلام برياح قوية مثيرة للرمال والاتربة بالجنوب ليل الأحد ويوم الإثنين    كوريا الشمالية تُهدي جارتها الجنوبية 600 بالون نفايات    حسان غنّاي رئيسا للمجلس الجهوي بصفاقس    قربة: وفاة تلميذ ال13 سنة غرقا    القصرين: 5 آلاف و991 مترشحا لمناظرة الباكالوريا دورة 2024    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    هذه الدولة تعتمد أول لقاح للسرطان في العالم    بعد زيارة الصين: رئيس الدولة يعود الى تونس..    متابعة للوضع الجوي بهذا اليوم…    خلال زيارته المكتبة الكبرى لشركة "هواوي": رئيس الجمهورية يهدي المكتبة مؤلفات تونسية (صور)    أخبار الأولمبي الباجي: مباراة بلا رهان وبن يونس يلعب ورقة الشبان    في الصّميم :خوفا على ناجي الجويني    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    هزّة أرضية في المغرب    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    أخبار المال والأعمال    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    العجز المسجل في الاموال الذاتية لشركة الفولاذ بلغ قرابة 339 مليون دينار خلال 2022..    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    أمطار الليلة بهذه المناطق..    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    وزارة الداخلية :بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي    وزارة المالية تعلن عن اطلاق منصة ''تاج''    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    قرعة التناوب على عضوية المجالس الجهوية والتداول على رئاسة المجالس المحلية و الجهوية بولاية صفاقس    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    حريق ضخم جنوب الجزائر    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاكهة من شوك
نشر في الشعب يوم 05 - 11 - 2011


لم أنم ليلتها. لم أنم على الاطلاق.
كان لابدّ لي ان اسمع صوته كي انام فأحلم بفجر جديد فارتمي على عنقه اقبلّه بشغف. ليلتها لم يتصل فلم استطع النوم، ان يرتمي المرء على عنق الآخرين هذا امر سيء، مع هذا كنت ارتمى على عنقه في الحلم...
هناك فرق بين الامرين: ان ترتمي على عنق الاخرين تقبلهم او ان ترتمي على اعناقهم تريد من وراء ذلك خنقهم في ساعة غضب... ليس هذا صحيحا. اني مذنبة في حق نفسي ولكن ذلك كان على غير ارادة مني فالاشياء تحثّ الافكار اللا اخلاقية. هذه الايام التي يهتم بها الناس لكن يجب على المرء ان يجن هذا الجنون كلّه...
لا اريد.. أصبحت لا اريد هذه الدهشات وهذا الاستغراب. خجلت من نفسي. لن افيض في هذا الموضوع شيئا. لن أعيد القصة ساقتصر على جوهرها.
منذ مدّة اصبحت اكره الناس رغم المشاعر التي تزدحم في نفسي. اشاعات راجت تقول اني بتّ اخلو من المشاعر الانسانية ذلك كلام له تلميحات وايحاءات وانواع من الذنب والدوران. آلمني كثيرا ما تقوله الروايات. كدت ان اصدّقها قبل ان تنشأ هذه العداوة المزعومة والعواطف بين حلم او هذيان.
اصبحت الآن بعدما قيل ما قيل في حالة بؤس يرثى لها من الالم والعذاب... لا ادري ما الذي كان يعتريني. كان ذلك ضجرًا واضحًا قرأته على وجهي في المرآة..
اغضبني شعري المنفوش الذي كان طويلا. كان ضحيّة حمق لا يُرَدُّ اصبح وجهي غريبا عنّي. تأملته كان لي ان ابيح لنفسي اتفاقا كبيرا فاسافر الى مكان استعيد فيه النّضارة.
وثن ان يتعلق المرء باناس لا يريدونه فيقطع الصلة بهم ويقع في عذاب محتوم ولكن قد يرتاح المرء حين يسافر الى مكان بعيد فيقضي ساعات في تأمل الغروب ويتمنى من الله ان يهب له ثلاثة اعمار. هذا امر يدعو الى الاستغراب. كنت دائما اتمثل تلك النظرة الحنون التي لا اتوقعها ولا ارى لها مثيلا هكذا تخيلته مختلفا عن باقي صور اولاد العمومة والاقارب. ها أنذا ان الرجل الذي احبّ لم يكن الا حلما من احلام حياتي. ان الامر لمضحك فليس لتلك الاحلام التي استرسلت فيها ايام الشباب من ذلك الانسان الخيالي الا الوهم. تزوجت..
تحطمت سعادتي وغرقت في البؤس. جميع اهدافي الاساسية. وضاعت تلك الثمرة ثمرة افكاري وإرادتها. قد يتاح لي ان اقضي عليه. كنت احسّ فيه الصرامة الفادحة. ليس عليّ ان اجد تحليلا لقد حطمت دميتي واصبحت عاجزة عن حبّه قد اصبح هذا واضحا في ذهني كل الوضوح رغم انني كنت احمرّ خجلا حين يكون بقربي ما كان عليّ ان اقلق. الخير كل الخير أن اصمت واتركه يتكلم. منذ زمن طويل كنت مقتنعة باني عاجزة على ان اتحدّث في الامور الشخصية حديثا متناسقا ومعقولا..
اعتقد الان اني اصبحت اكتب مذكراتي وادخل هذه الشخصية التي تعيش متمتعة بمباهج الحياة.
كان يدرس في الجامعة وعندما تخرّج التحق بسلك الامن وقام بالاعمال الموكلة اليه احسن قيام. ان الكاتب وقارئ يقع كلاهما عرضة للتشوش والارتباك ان حاولت ان اشرح سلوكي دون توضيح الأسباب التي قادتني اليه ولكني بهذا الاسلوب من الانفعال اقع في خرافة عيوب الخيال التي يعمد اليها الرّوائي.
انني ان بدأت بسرد القصّة مع كل ما فيها من احداث اجد ان هذه المقدمة ضرورة لا غنى عنها.
لا ازال اشعر بصعوبة في الكتابة. لقد جعلتني القصّة ألتزم الصمت حتى الآن ألزمتني طبيعة الاشياء أن لا سبيل إلى اذلالها. وانا اريد ان احكي تلك الفكرة التي اعرضها في صورتها الاصلية اي كما شاءتها نفسي وتصوّرها عقلي لا في الصوة التي آلت اليها الان. هناك امور يستحيل على المرء ان يرويها ذلك ان ابسط الافكار واوضحها تصبح عسيرة الفهم. صعوبة جديدة. اكرّر ان فكرتي ان اكون مثل استاذي: ان اكون غنية وان اسعى الى اهدافي بجهد وحسبي ان ابرهن على تحقيق هذه الاهداف هذا مضمون لأمانة رياضية المسألة بسيطة. المرأة قوّة كبرى ولكني لا ادري لماذا لم ارتبط بهذا الامر العظيم.. لم تكن تعنيني تلك الاشغال التي تقوم بها السيدات ثم انني اعرف نفسي. لا تستهويني الاعمال ولكن قد يستحيل على المرء ان يكون دون عمل اذ كان لا يملك مالا. هذا اضطرار..
تذكرت بعض الحسابات. اعلنت عن استعداد ان اعود الى سلك التعليم ولكنه خرافة تؤثر في نفسي. لم اكن في يوم من الايام عاجزة عن القيام بواجبي لكن لا سبيل ال ذلك قبل كل شيء يستوجب عليّ ان احمل آخر كتاباتي الى الجريدة لأحصل على مال..
الاوراق منثورة امامي. احسّ بالجوع أستمرّ في الكتابة. لن يموت احد من الجوع. هناك عنب وتفاح في الثلاجة وبندق وسكاكر فوق المنضدة. شيء لطيف ينادي الى ان اقضي وقتا لطيفا في الكتابة ان لم اكن مخطئة!!
هناك رجل يمشي ورائي في الطريق يمسك في يده سكينا يلمع حدّها في اشعة الشمس لمعانا يخطف الابصار. اهرع اليه جزعةً اثب مثل لبؤة وارتمي على عنقه انشب أظفاري في يده واغرز انيابي في عنقه..لا اريد ان اقاسم الرجل القواعد التي يمشي عليها.
لقد احببت جميع الناس الذين يساهمون في كل شيء.
مشروع الكتابة يملأ رأسي.
لم اكن اتوقع ان اضطرّ الى العمل من جديد ولكن لانني محتاجه الى المال قبلت ولكن لا استطيع ان احكي او أباهي. ولكن أن اكتب فيجب ان اكشف الاسرار على وجهها النّزيه، فكرتي ان انسحب الى الصراع واتحمّل القسوة واهتمّ بشيء آخر يجدّد عواطفي. الامر بالغ الخطورة. حتى الآن انفصلت عن عائلتي وانزويت بموهبتي دفاعا عن أسرار الناس. منذ ان وصلت الى المدينة وصورة ذلك الرجل لا تبارح خيالي فهو لا يتردد عن الهجوم عليّ مهدّدا بسكينه متهكما باولائك الذين لا يملكون وسيلة دفاع: تفاهة!!
كنت انظر الى الناس ببراءة تامّة والآن لا استطيع ان افهم لماذا هم سوداويّون في هذا الزمان، زمان الثورة، كنت اجهل حتى الان نشأة هذه الحماقة في لحظة الضحك التي لا يبقى فيها تجهّم..
ها انا اكتب حكايات مضحكة سخيفة ولا سيّما ان صديقي لا يعرف مغامرات حياتي..
كنت غبية!! أكتب واحلم في آن واحد.
انه بالإمكان ان لا نلتقي بعد الان لا استطيع ان اضبط نفسي. فكرة الهجرة تؤلمني.
ذلك المكان الذي نشأت فيه لا يزال لائقا بالسكنى. رغم كل شيء قد آوي اليه.
هذا الصيف ممتع. رغم الحرارة رتبت الاطباق. لملمت اغراضي وبقيت حائرة مضطربة. كنت أتوجّس ان الامور تجري مجرى سيّئا مرّة أخرى في الاحلام والأحلام جائرة.
اريد ان احكي ببساطة كيف قابلته اول مرة كان يقول بصوت مصطنع.
سامحيني يا عزيزتي، لا اريد ان أعكّر صفو يومك.
كان على وجهه تعبير يبلّغ بعمق الرسوخ في ذاكرتي. انّ اصدق الذكريات هي التي تُبهج القلب.
اتذكر ذات صباح اقبلت على القهوة. مزاج رائق. كنت جذلى اشدّ الجذل تذكّرت جميع الناس الذين كتبوا عن الثورة مسرحيات وروايات واقاصيص تدعو إلى القصاص. تذكرت الشاعر ليلى. امرأة متحمّسة كانت في ذلك الحين. ما قالته ابهج بعض المتجمهرين في ساحة اتحاد الكتاب.. لقد احسنت الرد على الخونة..
كنت في قرارة نفسي اضحك. رأيتها يتجعّد شعرها امام الكاميرا وتصرخ.. ذلك الأمر كان يبدو لي غريبا..
انّ الذي شئت ان اقوله نسيته.
صدفة رأيتها قبل الثورة مع احد اصدقائي. ضابط وسيم. اخذتني حالة من الشرود ترى ما الذي جمع بعضهما. سؤال ايقظ جميع الذكريات الخوف الوحيد ان لا تجيب عن اسئلتي. كانت لا تزيد عن قولها الا انه ابن عمتها في ذلك الوقت كنت لا اعرفه جيدا كنت ابذل كل ما في طاقتي للاقتناع بما كانت تقول. مازلت عاجزة عن فهم تلك العلاقة التي تربطها به فهي لم تكن على صلة قرابة منه كما تزعم فهو لم يحدّثني عن ذلك مرة. صارت الأمور مع الزمن أكثر صراحة. فاذا نحن نرى ان التعبير عن الوطن اصبح يعدّ غير لائق واذا بالفكرة التي تقابل هذا التعبير اصبحت توهم بانها ضارّة وتوصف بانها جوفاء خالية من المعنى فنحن ازاء ظاهرة لم يسبق لها مثيل في اي زمان ولا اي مكان.
آليت ان احلم لوحدي بوطن مزدهر. هذا هو الشيء الاساسي واذا افترقنا فهذه احلام تلهب نفسي.
حين اسيتقظت ليلتها من النوم استأنفت احتقاري لها. نعتّها بكل النعوت التي تليق بسيّدة داست على قواعد المجتمع فاستحال عليّ النوم. قضيت الليل كلّّه مضطربة اضطرابا رهيبا وانا انتظر يوم الاحد لاخرج الى الشارع الخالي من مارة وانظر في بلور الواجهات عساني ارى وجهه مرتسما عليها الذكريات والانطباعات تشحذ ذهني كانت الشمس مجمّرة والهواء باردا وكانت الريح تثير الغبار حين صعدت الى غرفتي كنت اجهل جهلا مطلقا بانه يجب ان اتمتع بانتظاره كأنّه يقيم في نهاية العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.