مرّت ستّة أشهر على هروب المخلوع، عرفت البلاد المئات من الاحداث وشاهدنا آلاف النقاشات وطرح عديد المسائل والملفات التلفزية وتحدث السياسيون والباحثون عن المطالب الاجتماعية والسياسية وسط كل هذه التخمة لم يتطرق احد إلى مسألة حساسة جدا وهي عمق أزمة التشغيل. الدولة قدمت منحة للبحث النشيط عن الشغل ولكن هل هذا هو الحل؟ أين برامج التشغيل التي قيل عنها الكثير؟ لماذا تغير اهتمام كل الاحزاب والمنظمات من الحديث في بداية الثورة عن المطالب الاجتماعية والاقتصادية ليتحول النقاش إلى مسائل الحريات والحداثة والتمويل؟ الكل ابتعد عن عمق الازمة الاجتماعية والاقتصادية وعن حلّ مسألة السيادة الوطنية لنشاهد صراعات وهمية وهيئة منقسمة وتجاذبات عديمة الجدوى بعيدة كل البعد عن مطالب الشعب التونسي الذي انتفض من أجلها وقدم الشهداء من أجل تحقيقها. ومن هذا المنطلق يجب التطرق إلى مسألة تشغيل اصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل الذين تم اقصائهم على خلفية نشاطهم النقابي والسياسي صلب الاتحاد العام لطلبة تونس هذه الفئة التي قدمت سنوات طويلة من النضال داخل اسوار الجامعة التونسية ضد الديكتاتورية وفي صلب منظمتها التاريخية دفاعًا عن جامعة شعبية وتعليم ديمقراطي وثقافة وطنية تجد نفسها اليوم تراوح نفس المكان ومازالت تعيش التهميش والاقصاء والخصاصة والحرمان. إلى جانب هذه الوضعية المتردية فاننا رغم ما قدمناه من تضحيات إلى حد اليوم لم نجد آذانا صاغية إلى مطالبنا ولم نجد لا الاهتمام من قبل الحكومة المؤقتة ولا من قبل الاحزاب ولا الجمعيات وحتى قيادة الاتحاد العام لطلبة تونس فإنها لم تحرك ساكنًا أمام هذه الوضعية وكأن المسألة لا تعنيها. أضف الى ذلك أنّ الهياكل التي تدافع عن حق اصحاب الشهائد والعاطلين عن العمل لم تستطع القيام بدورها وفشلت في فرض مطالبها وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن جدوى وجودها وعن برامجها النضالية وعن الحلول التي ستقدمها لتدافع عن هذه الفئة المهمشة. وكي اكون واقعيا فإن ملف التشغيل لا يمكن حلّه دون برنامج استثمار عمومي يقوم على تأميم الشركات الكبرى المنهوبة والمخوصصة ودون استعادة الاموال التي استولى عليها النظام السابق ودون القضاء على المحسوبية في الانتدابات وعلى الرشوة ولايكون ذلك الا عبر تطهير الوزارات والادارات من بقايا النظام السابق وعلى الحكومة المؤقتة اعداد دراسات واقعية وعلمية لتستطيع تقديم حلول جذرية لهذه المسألة. وانني باعتباري مناضلاً في صلب الاتحاد العام لطلبة تونس وعاطلا عن العمل لسنوات أطالب الحكومة المؤقتة بفتح ملف اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل على خلفية نشاطهم النقابي والسياسي صلب هذه المنظمة العريقة وايجاد حلول فورية لتشغيل هذه الفئة وتعويضها عن سنوات البطالة وإيلائها الاهتمام اللازم مثلها مثل سجناء الرأي الذين عادوا الى وظائفهم وتم تشغيل العاطلين منهم. هذا النص هو نداء وصرخة فزع اذ ان وضعيتنا تزداد سوءًا وصبرنا نفد وتجاهلنا يتواصل وبذلك لم يعد لنا من حل سوى مواصلة النضال وتبنّي كل الاشكال النضالية الممكنة من أجل تحقيق مطلبنا الشرعي في الشغل وفي الكرامة وفي مستقبل أفضل. ❊ صلاح الدين العويتي كاتب عام سابق للاتحاد العام