شدّد مختلف المتدخلين في الملتقى الوطني لدسترة وتفعيل العدالة الانتقالية، الذي نظمه، اليوم الأربعاء 4 أوت 2013، كل من مركز دراسة الإسلام والديمقراطية والشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، على ضرورة مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على قانون العدالة الانتقالية قبل المرور للانتخابات وانهاء المسار الانتقالي. وأكّد رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الاسلام والديمقراطية أنه لا يمكن المرور من منظومة إلى أخرى دون الوقوف على الإخلالات السابقة وأنّ العدالة الانتقالية شرط أساسي لنجاح المسار الانتقالي، معتبرا أنّ أكبر خطأ وقع فيه المجلس الوطني التأسيسي والحكومة هو عدم سنّ قانون العدالة الانتقالية منذ الأشهر الأولى بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011. لا يمكن تأجيل قانون العدالة الانتقالية وبيّن المصمودي أنّه لا يمكن للمجلس التأسيسي أنّ يتم أشغاله دون سنّ هذا القانون والمصادقة عليه قبل المرور إلى الانتخابات باعتبار أنه قانون تأسيسي وهو المدخل الوحيد والحقيقي للمصالحة الوطنية. ومن جانبه، ذكّر محسن السحباني عضو ديوان وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية بالالتزام الأخلاقي والقانوني لنواب الشعب والأطراف السياسية والمدنية بتطبيق الفصل 24 من الدستور الصغير الذي ينص صراحة على الالتزام بسنّ قانون العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أنّ نص القانون وجد إجماع من مختلف الكتل النيابية والمنظمات الحقوقية. واعتبر السحباني أنّ الطرف الحكومي هو الوحيد الذي أكّد على هذا القانون وأنشأ وزارة خاصة بالعدالة الانتقالية إلا أنّ مختلف الأطراف الاخرى لم تول اهتماما لمسألة العدالة الانتقالية و"لا حياة لمن تنادي"، قائلا "إن ترك قانون العدالة الانتقالية إلى ما بعد الانتخابات هو عين التسييس للملف". ودعا عضو ديوان وزارة حقوق الإنسان نواب المجلس التأسيسي إلى الإيفاء بالتزامهم والمصادقة على قانون العدالة الانتقالية وتركيز هيئة الحقيقة والكرامة. وشدّدت النائبة كلثوم بدر الدين عن حركة النهضة ورئيسة لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي أنّ تعليق أعمال المجلس لم تحل دون اجتماع مكتب اللجنة لاستكمال مناقشة القانون، مؤكدة أنه تمّ إيداع التقرير العام للقانون بمكتب المجلس وأنه ليس هناك أي مبرر لعدم تضمينه في رزنامة أعمال المجلس حين يستأنف أشغاله. ومن جهته، رأى كمال الغربي رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية أنّه من الضروري تعيين جلسة عامة لمناقشة هذا القانون وأنّ العدالة الانتقالية من أولويات الحوار الوطني والمرحلة الحالية، قائلا "لا نستطيع أنّ نقبل بتأجيل هذا القانون إلى ما بعد الانتخابات باعتبار أنّه بمجرد اجرائها يتم استكمال المسار الانتقالي". وأشار رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية أنّ هذا القانون يرتكز على 4 مبادئ أساسية وهي أولا معرفة الحقيقة وحفظ الذاكرة وثانيا المسائلة والمحاسبة وثالثا جبر الضرر للضحايا ورد الاعتبار ورابعا ضمان عدم العودة وتكرار الانتهاكات، وينص القانون على إنشاء هيئة مستقلة وهي هيئة الحقيقة والكرامة ولها صلاحيات تقريرية وتعمل لمدة 4 سنوات لمواكبة مسار العدالة الانتقالية. وأوضح الغربي أنّ تونس مجسدة في رئاساتها الثلاث لها التزامات دولية لإرساء العدالة الانتقالية، مشيرا إلى أنّ قانون العدالة الانتقالية هو أضخم قانون بعد الدستور لاحتوائه على 77 فصلا. موقف المنظمات الدولية واعتبر "ديمتراف شاليف" ممثل مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان أنّ تنظيم هذا الملتقى حول دسترة وتفعيل العدالة الانتقالية في الوقت الراهن يمثل ضرورة وذلك باعتبار أنّ هذا القانون أصبح من بين الملفات التي تمّ تغييبها على الساحة السياسية، قائلا "إنّ إيداع التقرير العام للقانون بالمجلس من شأنه أن يساهم في إعادة طرحه ومناقشته. وبيّن شاليف أنّ العدالة الانتقالية تجمع بين الماضي من خلال البحث عن الحقيقة وانتهاكات حقوق الإنسان وبين الحاضر باعتبار أنّ لها صدى في المستقبل عبر ضمان عدم عودة وتكرار الممارسة السابقة. ورأت ريم القنطري ممثلة المركز الدولي للعدالة الانتقالية أنّ هناك تباطؤ في تمرير القانون حيث مرت 3 سنوات دون معرفة الحقيقة، مؤكدة أنّ المركز الدولي يشدد على ضرورة تمرير القانون واعتباره أولوية. وأفادت القنطري أنّ المركز الدولي للعدالة الانتقالية يعرب عن استعداده لتقديم الدعم الفني لتونس متى كان ضروريا.