الصحبي صمارة يسافر اليوم رئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنّوشي إلى سويسرا متوجّها إلى المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس مرفوقا بمستشاره السياسي القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون. وتعدّ هذه المشاركة الرابعة لرئيس حركة النهضة في هذا المنتدى بناء على دعوة الأطراف المنظّمة لأكبر ملتقى اقتصادي عالمي مفتوح يضمّ قيادات سياسية من كافة أنحاء العالم إضافة إلى كبار الاقتصاديين والمستثمرين ومنظّري الاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية. وينطلق المنتدى اليوم 23 جانفي على مدى أربعة أيّام تحت عنوان "بناء مستقبل مشترك في عالم مفكّك"، ومن المتوقّع مشاركة أكثر من 70شخصية من رؤساء الدّول والحكومات والعشرات من وزراء مالية عدد من الدول ورؤساء الدبلوماسيات إضافة إلى عدد من الزعماء السياسيين. ويمثّل الدولة التونسية على الصعيد الرّسمي وزير الخارجية السيد خميس الجهيناوي باعتباره موفد رئيس الجمهورية إلى المنتدى وهو ما يعني أنّ المشاركة التونسية تضمّ ممثّلا للدولة بصفة رسمية إضافة إلى زعيم سياسي يترأس أحد أكبر الأحزاب المكوّنة للائتلاف الحاكم في تونس. وتشارك في المنتدى الشخصيات التي تترأس كبرى المنظّمات والمؤسسات العالمية على غرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس منظّمة التجارة العالمية وممثّلين عن البنك العالمي والبنك الأوروبي والبنوك المركزية للعديد من الدول، ويتضمّن برنامج المنتدى جلسات نقاش ومناظرات حول أهمّ المشكلات الاقتصادية التي تواجه التنمية في الدول والحلول المقترحة لها من قبل المختصّين. وبحسب مصادر مقرّبة من رئيس حركة النهضة فإنّ الغنّوشي ستكون له مداخلات في عدد من الجلسات وفقا لجدول أعمال المنتدى كما تضمّ رزنامة مواعيده لقاءات هامّة مع زعماء سياسيين ورؤساء حكومات ودول مشاركة. ومن المنتظر أن يُلقي رئيس حركة النهضة مداخلة حول الديمقراطية والتنمية العادلة في إطار تسويقه لنموذج الانتقال الديمقراطي في تونس وحاجته الماسّة إلى الاستقرار الأمني والسياسي ليحثّ المؤسسات الدولية على مزيد دعم التجربة التونسية. وبحسب المصدر نفسه فإنّ الغنّوشي سيتناول في إحدى مداخلاته حاجة الدول إلى مزيد الوثوق في الشباب خصوصا في البلدان النامية وضرورة تمكين الشباب من المشاركة الفعلية في القرار مؤكّدا على دوره في بناء المستقبل الآمن والمستقرّ بعيدا عمّا يُراد توريثه لهذا الجيل من صراعات سياسية وإيديولوجية من القرن الماضي. هذا وينعقد منتدى دافوس سنويّا في شهر جانفي ويعدّ أكبر الملتقيات الاقتصادية العالمية حيث يتولّى مهمّة تقييم ما حقّقه العالم في السنة السابقة على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية مقارنة بما رسمه المنتدى من أهداف وما اقترحه من معالجات ليتمّ إثر ذلك الإعلان عن البرامج والمقترحات المتعلّقة بالعام الجديد. ويتغيّب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هذه الدورة من المنتدى، بعد أن صرّحت إدارة البيت البيض في وقت سابق أنّه سيلقي خطابا حول علويّة المصالح الأمريكية في العالم بعنوان "أمريكا أوّلا"، ولكن بعض الأخبار في الصحافة الأمريكية أشارت إلى تغيّبه خوفا من مواجهة انتقادات لاذعة من رؤساء الوفود المشاركة، بما يعني احتمال ارتكابه لردود أفعال تعمّق من عزلته التي أنتجتها مواقفه المثيرة للجدل. في هذا المنتدى تحضر الاقتصاديات الآسيوية كأفضل نماذج إيجابية يمكن تناولها بالدّرس ويفتتح المنتدى رئيس الوزارء الهندي نارندرا مودي الذي سيقدّم رؤية بلاده الاقتصادية الناجحة حيث جرى تصنيف الاقتصاد الهندي من بين أسرع الاقتصاديات تطوّرا في العالم. ويتولّى المشاركون في المنتدى رسم رؤية مشتركة للاقتصاد العالمي للسنة القادمة في وثيقة تلخّص أهمّ التصوّرات والمقترحات. كما يشهد الملتقى كلّ سنة جلسات مفتوحة ومناظرات بين الزعماء السياسيين وتناولا تفصيليا للخلافات بين الدول وتعرف كواليس المنتدى لقاءات غير معلنة ومشاورات تمهّد في العادة إلى اتفاقات لاحقة. وتنعقد الدورة 48 لمنتدى دافوس وسط تغييرات جيوسياسية خطيرة يشهدها العالم وموجة من الاحتجاجات الشعبية تجاه فشل السياسة التنموية في أوروبا والعالم العربي، فضلا عن الحروب المتناثرة في الشرق الأوسط. وتمثّل تونس نقطة مضيئة في محيطها العربي بعد نجاحها في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي لا يزال يعاني من هنات اقتصادية وتنموية جعلت أغلبية المتابعين من مراكز بحوث دولية تعبّر عن توجّسها من احتمال انتكاسة للديمقراطية الناشئة في تونس جرّاء غياب معالجات هيكلية لمشاكل التنمية والبطالة وذلك نتيجة للصراعات السياسية ولتمسّك قوى معادية للديمقراطية بأغلفة إيديولوجية لإعادة الاستبداد إلى مساحة الحكم بعد أن أسقطته انتفاضة شعبية في جانفي 2011.