رئاسية 2024 : كل المراكز أبوابها في نفس التوقيت من الثامنة صباحا إلى السادسة مساء دون توقيت استثنائي    رئاسية 2024: هيئة الانتخابات تدعو المواطنين الى الانتباه والحذر    بنزرت: إنطلاق التصويت للانتخابات الرئاسية في جميع مراكز الاقتراع    غارات إسرائيلية ليلية عنيفة تهز ضاحية بيروت الجنوبية    حالة الطقس لهذا اليوم..    صممها "الموساد" وجمعت في إسرائيل.. تقرير يكشف تفاصيل مثيرة حول هجوم "البيجر"    الاحتلال يقصف مسجدا يؤوي نازحين بدير البلح ويحاول التوغل جنوب لبنان    ترامب يهاجم بايدن وهاريس بسبب إعصار "هيلين"    هيئة الانتخابات: إقبال كبير على مراكز الاقتراع في باقي الدول الأوروبية واعتماد التكنولوجيا ساعد في تسهيل العملية الانتخابية    مهرجان الإسكندرية السينمائي : "الما بين" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي و"وراء الجبل" يحرز جائزة كتاب ونقاد السينما وتتويج لأمينة بن إسماعيل ومجد مستورة    داعية سعودي يفتي في حكم الجزء اليسير من الكحول شرعا    قد يكون أُصِيبَ في الرباط الصليبي.. كارفاخال يفزع ريال مدريد    ولايات الوسط الغربي الأكثر تضرّرا .. 527 مدرسة بلا ماء و«البوصفير» يهدّد التلاميذ!    أعوان الشركة الوطنية للنقل بين المدن يحملون الشارة الحمراء بداية من الاثنين    أولا وأخيرا..«شريقي بيقي باو»    عاجل/ وزير الخارجية الإيراني يتوعد ب"رد أقوى إذا لزم الأمر" على أي عدوان صهيوني..    أم تبيع ابنها بحضور شقيقها وبواسطة إمرأة    محرز الغنوشي: سكان المرتفعات يجبدوا الكُواتات    المنتخب التونسي للاواسط في تربص تحضيري من 6 الى 14 أكتوبر استعدادا لتصفيات كاس افريقيا للامم لكرة القدم    استقرار نسبة التضخم في تونس في مستوى 6.7 بالمائة خلال سبتمبر 2024    المعهد الوطني للرصد الجوي: شهر جويلية 2024 ثالث أكثر الأشهر حرارة منذ سنة 1950    بطولة الرابطة الثانية - برنامج الجولة الافتتاحية    رئيس هيئة الانتخابات يلتقي وفدا من هيئة الانتخابات بروسيا ووفدا من المنظمة الدولية للفرنكوفية    وليد الصالحي: أنا الأكثر إنتاجًا حاليا    آية دغنوج: لهذه الأسباب تم فسخ أغنية ''ناقوس تكلم '' من اليوتيوب    فاروق بوعسكر: « ما يروج حول ضعف نسبة الاقبال على التصويت في الخارج هو اخبار زائفة ومغلوطة »    مدنين: انتشال جثة وإخضاعها للإجراءات العلمية اللازمة لتحديد انتمائها من عدمه لغرقى مركب الهجرة غير النظامية بجربة    كأس 'الكاف': النادي الصفاقسي في المستوى الثاني في تصنيف الأندية قبل قرعة دور المجموعات    دعوة ثنائي الملعب التونسي لتعزيز صفوف منتخباتهم    حضور تونسي لافت في الدورة 12 من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    تقرير دولي يؤكد استدامة الدين الخارجي لتونس    القبض على عصابة ترويج المخدرات بمحيط المعاهد الثانوية..    بورتريه: حسن نصر الله.. القائد والمعلم    عاجل/ المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف بحق 6 أشخاص..وهذه جنسياتهم..    نابل: توقعات بإنتاج 62 ألف طن من زيتون الزيت و5600 طن من زيتون المائدة بزيادة 4 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط    هام/ بلغ أقصاها 39 ملم ..كميات الأمطار المسجلة خلال الساعات الأخيرة..    القصرين : تقدم موسم جني صابة الطماطم الفصلية المتأخرة بالجهة بنسبة 50 بالمائة    توقيع وتسليم اذون انطلاق انجاز الأشغال المتعلقة بالدفعة الثالثة لمشاريع الانتاج الذاتي للكهرباء    عاجل/ لجنة مجابهة الكوارث تتدخّل لشفط مياه الأمطار من المنازل بهذه الولاية..    تاجروين: إيقاف موظفين بشبهة فساد واختلاس من إحدي الجمعيات المالية    الرابطة الأولى: محمد محجوب يقدم ملف ترشحه لمواصلة رئاسة الملعب التونسي    الطقس اليوم/ أمطار رعدية بهذه الجهات..    نسبة تقدم انجاز الطريق الرابطة بين جربة وجرجيس بلغت 67 بالمائة    جيش الاحتلال: مؤشرات متزايدة على استشهاد هاشم صفي الدين    سيدي بوزيد: افتتاح مركز الصحة الأساسية بالرقاب    الممثلة وجيهة الجندوبي ل«الشروق»...مسرحيّتي الجديدة اجتماعية بطابع سياسي    متابعة صيانة المعالم الثقافية    أولا وأخيرا... لا عدد لدول العرب !    كيف تنجح في حياتك ؟..30 نصيحة ستغير حياتك للأفضل !    سيدي بوزيد ..إصابة طفل ال 3 سنوات بجرثومة الشيغيلا    بالفيديو: الشركة التونسية للصناعات الصيدلية تعلن استئناف نشاطها    المكنين: الإحتفاظ بمروّج مخدّرات وحجز كمية من المواد المخدّرة مخفية داخل عدّاد استهلاك الكهرباء    خلال التسعة أشهر الأولى : ارتفاع لحركة عبور المجال الجوّي التونسي    البنزرتي: طرحت فكرة تجنيس مهاجم الترجي الرياضي رودريغو رودريغاز على رئيس لجنة التسوية للجامعة    الفيلم التونسي '' الرجل الذي باع ظهره '' يُعرض في مهرجان الفرنكوفونية بباريس    الاحتياطي من العملة الصعبة يتراجع إلى ما يعادل 114 يوم توريد    مفتي الجمهورية: يوم الجمعة (4 أكتوبر الجاري) مفتتح شهر ربيع الثاني 1446 ه    عاجل : الأرض تشهد كسوفا حلقيا للشمس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة القضاة والمحامين: صراع خفيّ على تركيبة المجلس الاعلى للقضاء
نشر في التونسية يوم 11 - 03 - 2015

اعتداء امني على شقيق محامية، وتهجم بعض المحامين على مكتب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في صفاقس، اشعل فتيل الفتنة والازمة بين المحامين والقضاة من جديد. واقعة صفاقس الاخيرة أفاضت الكأس وأثارت حفيظة كافة المحامين، مما دعا الهيئة الوطنية للمحامين، الى إقرار اضراب عام، نفذ في كافة المحاكم. واعلان الهيئة عن الدخول في أسبوع احتجاجي، لم يكن فقط بسبب تكرر الاعتداءات على المحامين من قبل الامنيين، وإنما جاء بالأساس للضغط، حتى يكونوا شركاء في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء المرتقب...
أزمة مقنّعة وصراع على المواقع
قضية الاعتداء على محامية بصفاقس، لم تكن غير ذريعة لتجديد مطالب المحامين، المتعلقة بتمثيلهم في المجلس الأعلى للقضاء بنسبة الثلث، وقد أكدوا على مواصلة تمسكهم بتشريكهم في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء، باستنادهم الى الفصلين 102 و105 من الدستور، واللذين ينصّان على أن المحامين شركاء في اقامة العدل، ويرون أنه من الضروري تشريكهم في تركيبة المجلس في الثلث المتبقي، بإعتبارهم شريك فاعل في المنظومة القضائية، وشريك في إقامة العدل، وفق ما ينص عليه الدستور والمعاهدات الدولية، ولا يمكن بأي حال من الاحوال إقصاؤهم، رافضين قرار القضاة بإسناد المهمة الموكولة للمحامين صلب المجلس الاعلى للقضاء الى الاساتذة الجامعيين، خاصة باعتبار أن المحامي أقرب من الأساتذة للمتقاضين، بحكم معايشته اليومية لمعاناتهم، وأنّ المحاماة مؤسسة دستورية شريكة مع القضاء في اقامة العدل، ومن بين مهامها الرئيسية، تحقيق مطالب الشعب التونسي الهادفة الى اقامة مجلس أعلى للقضاء، تكون فيه المحاماة ممثلة تمثيلا حقيقيا وفعليا باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة قانونيا للدفاع عن المواطنين والمتقاضين أمام المحاكم.
القضاة من جهتهم، ادانوا الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل المحامين، واعتبروا ذلك ضربا لهيبة القضاء واعتداء صارخا على حصانة القاضي ومكانته. واعتبروا ان السكوت على مثل هذه الممارسات يعتبر جرما، وطالبوا بالتحرك المباشر لصد مثل هذه الافعال، مؤكدين ان هذه الممارسات وهذه الاعتداءات المتكررة على القضاة، هي ردود افعال من قبل المحامين على رفض القضاة وجود المحامين المباشرين في المجلس، خوفا من الوقوع في إشكال «تضارب المصالح»، وأنّه من غير المعقول أن يكون المحامي متواجدا صباحا في قاعات الجلسات، مترافعا عن منوبيه أمام القاضي، وباتا في المساء في المسار المهني والتأديبي لذلك القاضي، واقتصرت اقتراحات القضاة على أن يتكوّن الثلث المستقل في المجلس من غير القضاة، من الاساتذة الجامعيين، وعلى الاكثر من المحامين المتقاعدين.
هذا الصراع حول تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، أصبح اليوم ينذر باعصار مرتقب بين المحامين والقضاة، خاصة في ظل تمسك كافة الهياكل القضائية بأن صفة الاستقلالية لا تتوفر في المحامي، باعتباره مكونا أساسيا من منظومة السلطة القضائية، وبالتالي لا يمكن له ان يمارس الرقابة، وهو ما يؤدي الى ان يكون الثلث المتبقي في تركيبة المجلس والمتعلق بغير القضاة من خارج المنظومة القضائية حتى تتم بالفعل الرقابة.
أزمة متجدّدة ومتكررة
هذه الازمة لم تكن الاولى، بل سبقتها أزمة اخرى تجسمت في إعتداء المحامين على قاضي التحقيق عدد 5 بقصر العدالة في العام الفارط، وهو ما اعتبره القضاة يوما أسود في تاريخ العدالة التونسية. سبب هذا الخلاف وتأزم الوضع بين المحامين والقضاة، كان ظاهريا، الاحتجاج على ايقاف محامية اتهمت بالتحيل على احد موكّليها، مما دفع بقاضي التحقيق الى اصدار بطاقة ايقاف في حقها، وهو ما اثار سخط المحامين، الذي وصل الى حد الاعتداء على القاضي. لكن تبقى الاسباب المباشرة وراء هذا الاعتداء، تأزم الوضع واحتقانه بين المحامين والقضاة، إبان إعلان القضاة عن رفضهم التام لمقترح وزير العدل الأسبق نذير بن عمو، والمتمثل في انتداب عدد من المحامين بسلك القضاء، وهو ما اعتبره المحامون إهانة للمحاماة، وتكبرا من القضاة على المحامين، خاصة أنّ قانون 67 المتعلق بإمكانية انتداب المحامين في سلك القضاء، ما زال ساري المفعول، وأن معظم القضاة المحالين على التقاعد، او الذين يقررون الخروج من سلك القضاء، يجدون باب المحاماة مفتوحا لهم، متى شاؤوا الدخول في سلك المحاماة، وهو ما ادى الى تأزم الوضع بين السلكين، تلته هدنة مقنّعة بين المحامين والقضاة...
الخلاف الأخير ساهم في إحياء التوتر الخفي بين الطرفين، واتجهت الهياكل إلى التأكيد على الاحتقان، وتمسك كل هيكل بموقفه في الاضراب، ورفض الاخر، عوضا عن البحث عن آليات مشتركة لتطويق الأزمة. من جهة أخرى تم تبادل الاتهامات بين الجناحين، حيث أكد القضاة انهم عرضة للتهجمات والاعتداءات من قبل المحامين بما يمس من هيبة القضاء وحرمة المحكمة، كما وقع اتهام المحامين بإتيانهم تصرفات مخلة بأخلاقيات المهنة وتسببهم في إحداث الفوضى. وأن ذلك يتطلّب اتخاذ الإجراءات التأديبية والجزائية ضدهم. في المقابل رد المحامون على تلك الاتهامات بقوة منددين بدورهم بتكرر الاعتداءات التي يتعرضون لها يوميا من قبل القضاة، وما رافق ذلك من مس من هيبة المحاماة، وتطاول على حق الدفاع.
ويبقى المتقاضي هو الضحية الوحيدة في رحلة التناحر على المراكز والمناصب، وليدفع وحده فاتورة الخلافات الواقعة بين جناحيْ العدالة، ما دام لم يتم توزيع المناصب، وإقتسام السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.