اتحاد الشغل يطالب بالأرقام، وسيناريوهات عديدة وأصداء عن مقاطعة حزبية وجمعياتية سيطرح المؤتمر الوطني للحوار حول الاقتصاد الذي سينعقد يوم 28 ماي القادم جملة من القضايا أبرزها ترشيد الدعم والتنافسية والإنتاجية والمقدرة الشرائية والتهريب والاقتصاد الموازي والعجز التجاري وميثاق الاستثمار ومبادرة التشغيل والتنمية الجهوية والتوازنات المالية ووضع المؤسسات العمومية. ومن أهم عناصر المؤتمر بلورة الخيارات والإصلاحات الاقتصادية الضرورية المتمثلة في الشراكة والتشاور كمبدأين ثابتين في السياسة الجديدة للحكومة والمعتمد على تبادل الرأي ووجهات النظر وتبادل المعلومات لتوضيح التحديات والصعوبات التي تنتظر البلاد وحقيقة إمكانيات الدولة ومتطلبات المرحلة القادمة التي تحتاج الى مسؤولية مشتركة وإنجاح المرحلة مع تحديد مسؤولية كل طرف. ومن المنتظر أن تتفق الحكومة والمنظمات والأحزاب على أن المستقبل السياسي مرتبط بتعافي الاقتصاد والخروج بتوافقات تلتزم بها كافة الأطراف لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد وسيدور حوار وطني حول الخيارات الاستراتيجية لمنوال تنمية جديد للمرحلة القادمة. وفي الأثناء يمكن القول إن صعوبات كبيرة تعترض المؤتمر الوطني للاقتصاد خاصة في غياب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالب عبر قسم الدراسات الذي يشرف عليه الأمين العام المساعد أنور قدور ، بتقديم تدقيق مالي للمالية العمومية وتقديم الأرقام الحقيقية حول ملف الدعم وديوان التجارة وغيرها من الملفات التي طلبها القسم لكن لم تجد إجابات من طرف الحكومة رغم المراسلات التي وجهها إليها. وبيّن أنور قدور في تصريح ل«التونسية» أن الاتحاد أكثر الأطراف حرصاً على مصلحة البلاد وعلى اقتصاد وطني قوي لكن بشروط واضحة تتمثل في شفافية التعامل وتقديم كل الملفات ووضع كل شيء على طاولة شفافة بعيدا عن اخفاء الأرقام ودون أن يكون المؤتمر الوطني للاقتصاد صورة دون نتائج إيجابية لفائدة الشعب وخاصة للشغالين والفئات الشعبية الضعيفة . وألمح أنور قدور أنّ الاتحاد كان على يقين أن الحضور من أجل الحضور لا معنى له ولن يجدي نفعاً لذلك لم يحضر. وبينت مصادرنا أن عديد المتابعين للشأن الاقتصادي التونسي فوجئوا بضعف محتوى المؤتمر الوطني الاقتصادي وغياب ملفات حارقة على غرار التهرب الجبائي وارتفاع الأسعار والتدقيق المالي والتدقيق الاداري في المؤسسات العمومية . و في هذا الاتجاه قدّم قسم الدراسات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل جملة من المقترحات تتضمن عرض ملامح قانون المالية التكميلي لسنة 2014 وطرح جملة من التساؤلات حول الإجراءات الكفيلة بإعادة التّوازنات للماليّة العموميّة والجدول الزمني لمسار الميزانية التكميلية والإجراءات الجبائية العاجلة ومكافحة التهرّب الجبائي واقترح اتحاد الشغل آليات ترشيد المصاريف العموميّة ومراجعة بعض الاعتمادات المرصودة بعنوان قانون المالية لسنة 2014 ومراجعة للبرامج التحفيزية والإجراءات الجبائية الموجّهة للمؤسّسات الخاصّة وتقييم الديون المتخلدة بذمة المؤسّسات لفائدة االدّولة : الصّناديق الاجتماعية –SONEDE-STEG-FOPROD كما دعا قسم الدراسات إلى إعداد ورشات عمل حول التّنمية الجهوية والتشغيل ودعم المحروقات وسياسة التحكّم في الأسعار والمحافظة على القدرة الشّرائية للمواطن وفي إطار مقاومة التهريب يقترح قسم الدراسات عدة مقترحات حول آليات القانون من أجل التحكّم في مسالك التّوزيع ومراقبة أسواق الجملة والأسواق الأسبوعيّة ومراقبة تراخيص التّوريد وإضفاء الشفافيّة في الانتفاع بها والتدقيق في شراءات ديوان التجارة إضافة إلى المطالبة بتحديد الآليات العاجلة لمكافحة التهريب وتدعيم آليات المراقبة الديوانية ومواردها البشرية والمادية كما اقترح اتحاد الشغل ورشات عمل حول وضع البنوك العمومية والمؤسسات المصادرة ودور البنوك في دفع الاستثمار والنّهوض بالاستثمار الخاص والعام وعرض ومناقشة تقرير التدقيق المالي حول النفقات العمومية لسنتي 2013 و2014 وشفافية ودقة المعلومة الاقتصادية وطالب قسم الدراسات بتقييم الوضع الحالي للاستثمار وتحديد القطاعات الواعدة والمشاريع الكبرى ذات الطاقة التشغيلية ودعم الشفافية المالية والنفاذ الى المعلومة الاقتصادية لدى المعهد الوطني للإحصاء، وزارة المالية والبنك المركزي من جهة أخرى كشف مصطفى الجويلي ممثل لجنة الدراسات والتخطيط بالجبهة الشعبيّة وجود «مهزلة في الحوار الاقتصادي» حيث انطلقت اشغال اللجان المكونة للحوار الاقتصادي (10 لجان) ونقل على صفحته الرسمية ما دار في اول جلسة للجنة «ترشيد الدعم « (الجمعة 2 ماي ) والتي حضرها كممثل للجبهة الشعبية. وكانت اللجنة المذكورة متكونة من 34 عضوا موزعين كالآتي: • 18 ممثلا عن الاحزاب (تغيبت 8 احزاب) • 3 ممثلين عن المنظمات : اتحاد الشغل واتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة في حين لم يحضر ممثل اتحاد الشغل) في حين حضر 13 ممثلا عن الادارة (الوزارات) دون اعتبار وزيرة التجارة ومدير ديوانها ما لاحظه مصطفى الجويلي هو الاغراق المقصود للجنة بهذا الكم الهائل من الاداريين والمدافعين عن موقف وتصورات الحكومة. وقد افتتحت الاشغال بعرض حول تطور نفقات دعم المواد الاساسية (قدمه احد المديرين بوزارة التجارة) وقد احتوى العرض العديد من المغالطات والارقام المزيفة للحقائق حسب رأيه وتم التركيز فقط على ثقل نفقات الدعم وارهاقها لميزانية الدولة وعدم استفادة الفقراء من الدعم وهو استنتاج مبني على تلاعب مفضوح بالمعطيات الاحصائية. وفي النهاية خلص العرض الى ان الحكومة قررت الرجوع بداية من شهر جوان الى اسعار 2010 بالنسبة للمواد الاساسية (250 مليم للخبز 210 للباقات 1000 للزيت النباتي.) كما أن اللجنة عليها ان تتوافق حول أحد سيناريوهين وهما: - الترفيع التدريجي في الاسعار الى غاية التخلص نهائيا من الدعم في غضون 3 الى 5 سنوات أما السيناريو الثاني فيتمثل في التخلي مباشرة ودفعة واحدة عن الدعم. وبيّن ممثل الجبهة الشعبية أن هذه الخيارات تعني بكل بساطة ان نختار بين تفقير الشعب دفعة واحدة او تفقيره بالتقسيط وفي الحقيقة لا يوجد فرق بين السيناريوهين فالأول يؤدي الى الثاني وما وقع اقتراحه هو بالضبط ما جاء في وثيقة للبنك الدولي التي اوصت فيها الحكومة بضرورة التخلي عن الدعم عن طريق الترفيع التدريجي في الاسعار لفترة تمتد بين 3 و5 سنوات مواقف الاحزاب والمنظمات الحاضرة اقترح اتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة سيناريو مزدوج أي ان يقع التخلي مباشرة عن الدعم لبعض المواد ( السكر والزيت والحليب ) والترفيع التدريجي في الاسعار بالنسبة لمشتقات الحبوب ( الخبز والكسكسي والعجين ) أما «الحزب الجمهوري» و«الخيار الثالث» فقد أيدا مبدأ الرجوع الى اسعار 2010 وطالبا بمعطيات احصائية اضافية حتى يتسنى لهما الاختيار بين احد السيناريوهين وأيدت أحزاب «نداء تونس»، «المؤتمر من أجل الجمهورية»، «التكتل»، «آفاق تونس»، «حركة التونسي»، «المبادرة الدستورية الوطنية»، «الاتحاد الوطني الحر» الرجوع الى اسعار 2010 واكدت على ضرورة التخلي عن الدعم وقد تبنت السيناريو الاول (التدريجي) باعتباره الاسهل تنفيذا. وجاء في الورقة التي قدمها مصطفى الجويلي أن الجبهة الشعبية اعترضت على مبدإ سرية الاشغال واكدت انها لن تلتزم به ذلك ان الشأن الاقتصادي يهم كل التونسيين ولا يمكن التحاور حوله داخل الغرف المغلقة. كما اعترضت ايضا على تسمية «ترشيد الدعم» باعتبار أن الترشيد هو المصطلح المستعمل من طرف البنك العالمي ويؤدي ضرورة الى التقليص في النفقات أي أنّ المصطلح يؤدي الى اجراءات معروفة مسبقا. ولاحظت الجبهة الشعبية الحضور غير المبرر لجيش الاداريين واكدت ان الاجراءات يجب أن تنبثق عن الحوار لا ان تقدم كسيناريوهات يتوجّب أن نختار واحدا منها وبالنسبة للجبهة المساس بأسعار المواد الأساسية في الظرف الحالي خط أحمر والترفيع فيها مرفوض اطلاقا ولا يناقش. و اقترحت الجبهة جملة من الاليات لمراقبة توزيع المواد المدعومة ومراقبة تصديرها ومقاومة تهريبها الى البلدان المجاورة . هذه الاجراءات يمكن ان توفر ما يقارب 400 مليون دينار من نفقات الدعم دون الجوء الى الترفيع في الاسعار. كما أبدت الجبهة أنها لا تتمسك بالدعم في المطلق ولكن التخلي عنه يتطلب الترفيع في قيمة التدخلات الاجتماعية وتوسيع دائرتها الى جانب مراجعة منظومة الاجر الادنى الذي يجب ان يكون في مستوى 758 دينارا شهريا (اعتمادا على دراسات علمية) عوضا عن مستواه الحالي (296 دينارا). وكشف مصطفى الجويلي أن وزيرة التجارة اعتبرت ان تطهير مسالك التوزيع ومقاومة التهريب مسائل معقدة تتطلب سنوات في حين ان الاقتصاد في وضع حرج وفي حاجة الى اجراءات سهلة وعاجلة واكدت ايضا انها ليست ضد الترفيع في الاجر الادنى بل وتتمنى ذلك لكن المسألة تتطلب سنوات عديدة كما ان الترفيع سيضعف القدرة التنافسية للمؤسسات المصدرة ويخفض في الاستثمار الاجنبي. وكشف الجويلي أن مدير الديوان لوزارة التجارة أكد في هاته الجلسة ان الوفاق حاصل حول السيناريو الاول فلا فائدة من اضاعة الوقت وسنخصص الجلسة القادمة لتحديد الاجراءات التفصيلية ورزنامة تنفيذها» من جهته كشف الأستاذ لطفي بن عيسى عضو لجنة الدراسات والتخطيط بالجبهة الشعبيّة والمشارك في (لجنة المالية العمومية) أن الجلسة الأولى للجنة المالية العمومية للحوار الإقتصادي الوطني تمت تحت اشراف وزير الإقتصاد والمالية السيد حكيم بن حمودة الذي ذكر في مداخلته الإفتتاحية بالتمشي الذي وضعته الحكومة لإدارة الحوار والمتمثل في التركيز على الأوضاع الحالية والعمل على استعادة التوازنات الإقتصادية العامة أولا ثم تناول الإصلاحات الهيكلية وأخيرا التأسيس لحوار وطني حول منوال تنمية جديد للمرحلة القادمة. كما أوضح أن الحكومة ستحسم في الإقتراحات المتوافق حولها (دون توضيح آلية الحسم) قبل أن تترجمها في إجراءات ضمن مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2014. وركزت جلّ التدخلات على ضرورة البدء بتشخيص الأوضاع الإقتصادية قبل الخوض في المضامين وتبعا لذلك التزم وزير الإقتصاد والمالية بمد أعضاء اللجنة في بداية الأسبوع المقبل بوثيقة تتضمن تشخيصا مدققا للأوضاع المالية ننطلق منها للتحاور حول كيفية تعديل التوازنات. هذا وبين لطفي بن عيسى أنه يكفي الحكومة الحالية طموحا في أن تتوصل الى طمأنة الأجراء على قدرتهم الشرائية والعاطلين على العمل على توفير لهم أقصى فرص التشغيل والإرتزاق والمستثمرين على المناخ الملائم للأعمال لا سيما الجانب الأمني حتى يسترجع المواطن ثقته في المسار السياسي ويقبل على الإنتخابات المقبلة بأمل متجدد في المستقبل. أما التوافق حول إصلاحات هيكلية وحول ملامح منوال تنمية جديد فهذا أمر غير وارد بالنسبة إلى الجبهة الشعبية. كما طلب من الوزير إدراج موضوع المديونية ضمن محاور نقاشنا ومد اللجنة بالمعطيات الدقيقة حول شروط المؤسسات المالية والدول المانحة الإقتصادية منها والسياسية. هذا وأكد على ضرورة تشريك المواطن في هذا الحوار الذي يهمه بدرجة أولى وذلك بتمكين الإعلاميين من مواكبة أشغال اللجان علما أن أعضاء الحكومة المشرفين على اللجان مصرّون على سرية المداولات داخلها !! كما كشف أن الجبهة الشعبية ستعقد ندوة صحفية في الأيام القليلة القادمة لتوضيح تصورها للحوار الإقتصادي. موقف صندوق النقد الدولي من الوضع في تونس وفي هذا الإطار علمنا أن صندوق النقد الدولي سجّل في اجتماعه الأخير التقدم الذي حققته تونس في برنامجها الاقتصادي الذي يدعمه كما تم تسجيل تقدم بطيء في الإصلاحات الهيكلية بسبب الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد العام الماضي. ولا حظ صندوق النقد الدولي أن النمو متوسط وأن نسبة البطالة مازالت مرتفعة وأنّ الاختلالات كبيرة في المالية العمومية والحسابات الخارجية. ودعا صندوق النقد الدولي في تقرير خاص بالوضع في تونس إلى ضرورة اعتماد تدابير جديدة للمالية العمومية مصحوبة بالتدابير التي تهدف إلى احتواء فاتورة الأجور المرتفعة وتخفيض دعم الطاقة التنازلي. وقال الصندوق أنه من الضروري اجراء إصلاحات في الإيرادات، وتحسين إدارة المالية العامة، واصلاح المؤسسات العمومية لإنجاح عملية ضبط أوضاع المالية العمومية . وينبغي حسب صندوق النقد الدولي تحسين إجراءات المشتريات وتنفيذ المشروع للتخلص من القصور في تنفيذ عملية الإنفاق الاستثماري، وهو عامل يرى الصندوق أنه مهم في تشجيع النمو الذي يصل بمنافعه إلى كل الفئات الاجتماعية إلى جانب مواصلة الحفاظ على النفقات الاجتماعية أثناء مرحلة الضبط المالي. وأوصى صندوق النقد الدولي بتشديد الرقابة والضغوطات إذا ظهرت ضغوطات ضخمة أوضغوط لسعرالصرف. و تمت الدعوة إلى إلغاءالحد الأقصى لسعرالفائدة على الإقراض من أجل تعزيزالقنوات النقدية وتيسير الحصول على التمويل. ويرى الصندوق أنه من خلال زيادة مرونة سعر الصرف، يمكن المساعدة في إعادة بناء الهوامش الوقائية في الحسابات الخارجية، وتخفيض ضخ السيولة، وتحسين القدرة التنافسية. وحسب صندوق النقد الدولي بعد تحسين إعداد تقاريرالبيانات، وتقوية الرقابة، وتطبيق الرؤية الاستراتيجية الجديدة للبنوك العامة، خطوات مهمة للحد من أوجه الهشاشة في القطاع المصرفي. وتتمثل أولويات المدى القصير في تصميم خطط لإعادة هيكلة البنوك، وانشاء شركة لإدارة الأصول تتولى الديون المتعثرة في قطاع السياحة، ومعالجة الضعف في جودة الأصول، وتدعيم آليات التسوية. وتم التأكيد في تقرير صندوق النقد الدولي على التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لضمان تحقيق نموّ أقوى وأكثر وصولا إلى مختلف شرائح السكان. إضافة إلى ضرورة إنشاء شبكة للأمان الاجتماعي تستهدف المستحقين بشكل دقيق، على أن تكون مصحوبة بإصلاحات في دعم الطاقة المعيشية لحماية الأسر محدودة الدخل». الإصلاحات المطلوبة وكانت «التونسية» قد كشفت مواقف المؤسسات المالية العالمية من الوضع الاقتصادي الحالي بتونس حيث تم التأكيد على أن غياب إصلاحات اقتصادية عميقة سيعرِّضُ تونس الى خطر العودة الى مستوى النمو المتوسط الذي تم تحقيقه خلال العقدين الماضيين تحت حكم بن علي والى عدم استغلالها لكامل إمكانياتها. وتم تبيان أن هذا التدرج في الاصلاحات الاقتصادية، وهي المقاربة التي اعتمدها واضعو السياسات والادارة في تونس دون غيرها قبل الثورة تشكل خطرا على مستقبل تونس وأن عجز البلاد عن القيام بإصلاحات عميقة للنظام الاقتصادي مثل السبب الذي أدى الى اندلاع ثورة جانفي 2011. وتم التنبيه كل المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أن تونس تتعرض الآن الى خطر حقيقي يتمثّل في العودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كان قائما ما قبل الثورة مع ادخال تعديلات هامشية على النموذج التنموي . وتم تبيان أنه بعد مضي ثلاث سنوات على قيام الثورة ، لم يتغيّر النظام الاقتصادي الذي كان قائما في ظل حكم بن علي بشكل جوهري ‐ وأن مطالب التونسيين في الحصول على الفرص الاقتصادية مازالت أمرا بعيد المنال كما تم التأكيد على أن اجراء تغييرات عميقة في البيئة الاقتصادية أمر يصعب تنفيذه عمليا، وبالتالي فانّه سوف يكون هناك بالضرورة فارق زمني بين اعتماد سياسات جديدة وتنفيذها الفعلي على أرض الواقع. وستعمل المؤسسات المالية على دفع تونس نحو ما يسمى بإزالة الاختلالات والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الأسواق والتي تقوض نمو الانتاجية وخلق فرص العمل في نهاية المطاف مع التركيز على أنّ اطلاق العنان لنمو القطاع الخاص يقتضي أن يتم التركيز على تعزيز المنافسة وإزالة الحواجز ودعم دخول شركات جديدة وخاصة الكبرى منها، وإزالة العقبات أمام نمو الشركات حتّى تتمكن الشركات الصغرى من النمو ويعرض تقرير صندوق النقد الدولي في هذا المجال رؤية لنموذج اقتصادي جديد تكون فيه انتاجيّة الشركات أساسا لقدرتها التنافسية ومناخا تتكافأ فيه الفرص لتمكين الشركات الأكثر انتاجيّة من النجاح وخلق فرص عمل جيدة. وتوجد توصيات للحكومة التونسية دعا فيها صندوق النقد الدولي إلى مراجعة قانون وأنظمة المنافسة بحيث يتم الحد من نطاق تدخل الدولة غير الفعال في الأسواق وهو ما يتم حاليا من خلال تنظيم الأسعاروالاحتكارات القانونية ومنح الاستثناءات وتقديم المعونات من قبل الدولة. وبالإضافة إلى ذلك، يرى الصندوق في تقريره أنّ التنقيحات ينبغي أن تعمل على انشاء سلطة واحدة مستقلة وفعالة قادرة على فرض سلطة القانون وكذلك التنسيق مع الهيئات الحكومية الأخرى ومنظّمي القطاعات حتّى يتم التيقّن مسبقا بخصوص آثار سياسة المنافسة في السوق. وبالإضافة إلى قانون المنافسة يرى الصندوق أنّ إزالة الحواجز التي تعيق المنافسة يتطلب إصلاح مجلّة التّشجيع على الاستثمار فضلا عن تنقيح القوانين المنظّمة للتجارة والاتصالات والنقل والقطاع الصحي وقطاع التعليم, حتّى يتم فتح الباب أمام الاستثمار في هذه القطاعات. كل هذه التوصيات سيتم طرحها على المؤتمر الوطني للاقتصاد الذي قد يشهد مقاطعة عدد من المنظمات والأحزاب بسبب تخوفات من مضامينه وأهدافه وخاصة في ما يتعلق بالدعم والجباية والقطاع الخاص.