تحيي اليوم تونس الذكرى 76 لعيد الشهداء الذين سقطوا سنة 1938 اثر خروج مظاهرتين للمطالبة ببرلمان تونسى يمارس من خلاله الشعب سيادته. و انتظم بالمناسبة موكب رسمي أمام نصب الشهداء بروضة الشهداء بالسيجومي بإشراف كل من مهدي جمعة رئيس الحكومة و محمد منصف المرزوقي رئيس الجمهورية و مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي الذين قاموا بتحية العلم على أنغام النشيد الوطني . وأمام النصب التذكاري للشهداء، وضع رئيس الجمهورية إكليلا من الزهور، و قام الحضور بتلاوة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء تونس. وزار الرؤساء الثلاثة بالمناسبة متحف الذاكرة الوطنية بروضة الشهداء بالسيجومي الذي يؤرخ لتاريخ الحركة الوطنية وأهم مراحل معركة الاستقلال وأكد رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة على أهمية فتح هذا المتحف للتونسيين ليطلعوا على نضالات رجال المقاومة وبطولاتهم و تضحياتهم التي حققت الإستقلال مشددا على أهمية حفظ ذاكرة هذا الوطن للأجيال الحالية والمقبلة. إحياء للذاكرة الوطنية وحضر الموكب عدد هام من أعضاء الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي، وثلة من الشخصيات الوطنية و رؤساء بعض الأحزاب السياسية و المنظمات الوطنية . و في تصريح لجريدة " التونسية " اعتبرت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية في ذكرى عيد الشهداء 9 افريل 1938 فخرا و اعتزازا للتونسيين مشددة على أهمية هذه الأعياد في إحياء الذاكرة الوطنية و بالنسبة للأجيال القادمة". و من جهته نوه حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بالتضحيات التي قام بها أبناء الشعب في تلك الحقبة لمقاومة الاستعمار قائلا " لقد قدم هؤلاء أجسادهم و ضحوا بالغالي و النفيس لتحرير البلاد حتى نعيش سوية و بعد الاستقلال جاءت الثورة و مثلما تعايش التونسيون في وئام و في توافق تام بعد الاستقلال نتمنى أن يتعضوا اليوم من جميع الدروس و أن يتحدوا و يتآلفوا لان تونس تتسع للجميع و وجب أن نضع "اليد في اليد " من اجل تجاوز هذه المرحلة الانتقالية حتى نذهب سوية إلى انتخابات تؤسس إلى دولة مبنية على الاستقرار التام ". أما راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة فقد حدثنا قائلا أن الشعب التونسي يحيي هذه المناسبة في جو من الأمن و السلام متفائلا بالمستقبل و موحدا صفوفه و متجه قدما نحو استكمال مساره الانتقالي على حد تعبيره و تابع في هذا الصدد " قطار تونس اليوم على السكة متجه إلى موعد محدد هذه السنة لإجراء الانتخابات و بهذه المناسبة نترحم على كل شهداء تونس , شهداء معركة الاستقلال في كل مراحلها بما فيها هذه المحطة أي شهداء ثورة 9 أفريل 1938 أين توج فيها العشرات من الشهداء وعلى أقدامهم الزكية سار الشعب التونسي في معركة الاستقلال من سنة 1952 إلى معركة الثورة 17 ديسمبر 2010 و كلها ثمار دماء شهداء الوطن و نحن بهذه المناسبة نترحم على شهدائنا و نحيي عائلاتهم ونحيي هذا الشعب الذي قدم دماءه الزكية فداء للوطن و للحرية و نقول أن دماءهم أمانة بأيادي التونسيين و التونسيات من اجل تحويل الثورة إلى ثرو ة و إلى وحدة وطنية و ديمقراطية و إلى نموذج تونسي للتحول الديمقراطي الذي بات يتحدث عنه العالم ". التفكير في حفظ كرامة الشهيد أما محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي فقد شددت على رمزية عيد الشهداء 9 افريل 1938 قائلة " هو عيد لم شمل جميع التونسيين و أرى أن رمزيته كبرى حيث طالب المحتجون حينها ببرمان تونسي و هذا مرتبط بما نقوم به اليوم و أريد أن أشير إلى أن الاحتفال بالشهداء اليوم لا يعني شهداء 38 فقط بل يعني كل الذين قدموا دماءهم فداء لهذا الوطن مثل شهداء الثورة و الجيش الوطني و الأمنيين و قد زرت اول أمس عائلة الشهيد الملازم صادق الذوادي و اطلعت على وضعياتهم الحالية لذلك وجب أن نفكر سوية في أولوياتهم و حفظ كرامتهم و في كيفية تحسين وضعياتهم الاجتماعية لان هذا إكرام للشهيد الذي قدم حياته دفاعا عن الوطن و اذكر أن هذا المسار لن يتحقق بعد إرساء العدالة الانتقالية و إرساء هيئة الحقيقة و الكرامة و دورنا اليوم هو أن نكمل هذا المسار حتى نكرم كل شهدائنا " . و للتذكير فقد سقط العشرات من القتلى بتاريخ 9 أفريل 1938 اثر خروج مظاهرتين الأولى من ساحة الحلفاوين بقيادة علي بلهوان والثانية من سوق الأغنام بقيادة المنجي سليم للمطالبة ببرلمان تونسى يمارس من خلاله الشعب سيادته. وقد جوبهت الاحتجاجات بقمع عنيف أدى إلى سقوط عشرات الشهداء من برصاص الاحتلال الفرنسي بالإضافة إلى حملة اعتقالات واسعة شملت قيادات الحركة الوطنية آنذاك. وشكّل ذالك اليوم منعرجا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني ساهم في الإعداد لمحطات سياسية لاحقة أدت في النهاية إلى نيل الاستقلال يوم 20 مارس 1956 ثم إعلان النظام الجمهوري في 25 جويلية 1957.