واصلت أمس لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي مناقشة القانون الأساسي المحدث للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين المنصوص عليها في الفقرة 7 من الفصل 148 من الدستور، حيث أثارت مسألة مؤاخذة أعضاء الهيئة والجهات المخوّل لها الإشارة الى حجم الإخلال القانوني الذي قد يرافق أحد أعضائها الستة خلال مباشرته لمهامه وما قد ينجرّ عنها من إعفاء وفقدان للعضوية، جدلا واسعا بين النواب ساهم في توترهم الشديد الى امتداد ساعات الجلسة، كاد يصل بهم إلى حدّ التلاسن بين بعضهم البعض، بسبب الاختلاف والتضاد في المقترحات المقدمة والمرتبطة بطبيعة الهيئة، والمقدّر عددها بأربعة نابعة عن كتلة حركة «النهضة»، وكتلة «التكتل»، والكتلة الديمقراطية، والحكومة. وظهر هذا الاختلاف الحاد في الرؤى أثناء عرض مقترح حركة «النهضة» والكتلة الديمقراطية في ما يتعلق بطبيعة وكيفية مؤاخذة أعضاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، حيث رأى نواب حركة «النهضة» صلب اللجنة أنّه من الأجدر أن تتم المؤاخذة واثارة الاشكال القانوني من قبل المجلس الوطني التأسيسي أو مجلس نواب الشعب، وينظر فيه عبر لجنة خاصة، وهو موقف رفضه بشدّة نواب الكتلة الديمقراطية مشدّدين في ذلك على أنّ الهيئة وحدها هي التي تراقب نفسها وتؤاخذ أعضاءها، وهما مقترحان لقيا تحفظ ورفض بقية النواب، بعد أن أكّد بعضهم أنّ مجلس نواب الشعب لن يكون محايدا في المسألة وسيكون متأثرا بالنتيجة التي تقرّها الهيئة كما بيّن البعض الآخر منهم أنّ الهيئة لا يمكن لها بتاتا أن تؤاخذ أعضاءها وقد يوجد نوع من الانحياز والمجاملة بين الأعضاء فيما بينهم خلال المساءلة، وهو ما قد يعني بداهة غياب أي شكل من أشكال امكانية المؤاخذة واثارة الخرق القانوني، ليقترح بعضهم مقترحا وسطيا تمثّل بالأساس في امكانية اثارة الخرق القانوني من قبل الرؤساء الثلاثة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، ومن ثمّة الدفع به نحو الهيئة لتبت فيه بأغلبية أعضائها الخمسة دون حضور العضو السادس المرتكب للخرق وليتخذ اثرها قرار في شأنه، وهو أمر لاقى في بدايته تجاوبا من قبل النواب وهدّأ نفوس كتلة المنتمين الى حركة «النهضة» والكتلة الديمقراطية والذي سرعان ما تلاشى بعد أن تمّ التصويت على صيغة تؤكّد في مضمونها أن تكون إثارة الإخلال من قبل الرؤساء الثلاثة منفردين وتبت فيه الهيئة بأغلبية أعضائها، وهو ما دفع بنواب الكتلة الديمقراطية وسامية عبو عن التيار الديمقراطي إلى الثورة عليه، معتبرين إقرار الاقتراح مساسا كبيرا بإستقلالية الهيئة، وليطالب النائب محمد قحبيش عن التحالف الديمقراطي بضرورة تضمين مقترح الكتلة الديمقراطية وهو ما رفضته رئيسة اللجنة كلثوم بدر الدين متعللة بأن ذلك يتنافى مع مقتضيات النظام الداخلي للمجلس باعتبار أنّ الحسم في المسألة قد تمّ عبر التصويت. وتعليقا على الأمر، بيّن النائب محمد قحبيش ل «التونسية» أنّ ما تم التصويت عليه داخل اللجنة يعد ضربا لوحدة الدولة وفيه مساس بإستقلالية الهيئة التي ستتولى مراقبة دستورية القوانين، موضحا أنه لا يمكن لأعضاء هذه الهيئة العمل تحت الضغط الكبير من قبل كل من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي أو مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة بالإضافة إلى ضغط نواب الشعب الذين بإمكانهم تقديم لائحة لرئيس المجلس ممضاة من قبل 50 نائبا لإثارة طلب إعفاء أحد أعضاء الهيئة.