قال عمر الصفراوي رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية انه و رغم مرور اكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الثورة فان العدالة الانتقالية لم تنطلق بعد بصفة فعلية مشيرا الى ان هذا التأخير كان له تأثير سلبي على مختلف المستويات الامنية والسياسية والاجتماعية والقضائية والاقتصادية. وأضاف الصفراوي خلال ندوة مشتركة مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين، حول «علوية القانون ضمانة لتحقيق الانتقال الديمقراطي» أنه من الضروري أن يتم اطلاق صيحة فزع والقطع مع منظومة الإستبداد والفساد التي كانت سائدة قبل الثورة من أجل اعلاء كلمة الحق وتطبيق القانون على الجميع مهما كانت مناصبهم ونفوذهم والكف عن التلاعب بالقانون وتوظيف القضاء على حد قوله. واعتبر الصفراوي ان تاخر تطبيق العدالة الانتقالية خلق وضعا متوترا وغير امن فقد فيه المواطن اجهزة الدولة وفقدت فيه الدولة هيبتها، مشيرا الى أن اخطر ظاهرة تهدد البلاد هي ظاهرة العنف الذي صار متفشيا ووصل الى حد الاغتيالات المؤلمة التي صار المواطن على اثرها يخشى عند خروجه من بيته عدم العودة اليه سالما على حد قوله. وقال رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية ان السبب الاساسي لوصول البلاد الى مثل هذا الوضع هو التأخير المتعمد في تركيز منظومة عدالة انتقالية متكاملة تتصدى بصفة موضوعية وشفافة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان خلال الستة عقود التي سبقت الثورة مما ترك المجال واسعا لعدالة انتقالية موازية وقعت تسوية الملفات فيها بصفة غير شفافة فضلا عن كونها افرغت العدالة الانتقالية من جزء كبير من محتواها. واضاف الصفراوي ان السبب الاخطر للحالة المتردية التي وصلت اليها تونس هو المعالجة السيئة لملف المحاسبة سواء للتجاوزات التي وقعت بعد الثورة وخاصة بعد الانتخابات او للجرائم التي وقعت قبل الثورة . واشار الصفراوي الى ان الغموض مازال يشوب العديد من الملفات الحارقة بعد الثورة خاصة في ما يتعلق بكشف حقيقة ما جرى وكشف المتورطين والمسؤلين عن هذه التجاوزات والجرائم على غرار اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي والجنود والامنين والاعتداءات الواقعة على الاتحاد العام التونسي للشغل وملف الرش بسليانة الى جانب ملفات اخرى تورط فيها مسؤولون نافذون في الدولة. عودة رموز النظام البائد وقال رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية انه بالنسبة لرموز النظام السابق أدت المعالجة السيئة لملف المحاسبة الى عودتهم وكأن شيئا لم يكن واصبحوا يفتخرون بانجازاتهم ويتمسكون بحقهم في العودة الى الحياة السياسية وينددون باقصائهم وَصَلُوا الى حد قيامهم بخطاب استفزازي «يتسم بالوقاحة والشراسة والاستخفاف بذاكرة التونسي متناسين ان الثورة وقعت ضدهم وضد ممارستهم القمعية واستبدادهم بالحكم والتلاعب بالمال العام لجلب منفعة لانفسهم دون وجه شرعي او صمتهم امام حصول هذه الجرائم البشعة» على حد تعبيره. واضاف الصفراوي انه من الغرابة ان نجد بعد الثورة تواصل تغليب المصالح السياسية و الحزبية على حساب المصلحة العليا للوطن مثلما يتجلّى ذلك في المواقف المتضاربة لبعض رؤساء الاحزاب بخصوص مسائل حساسة و هامة في تحقيق الانتقال الديمقراطي مثل مسألة تحصين الثورة وهي تعتبر تنازلات في مسائل مبدئية على حد تعبيره . وزارة حقوق الانسان في قفص الاتهام و انتقد الصفراوي بشدة وزارة حقوق الانسان و العدالة الانتقالية خاصة بعد ان وضع على راسها وزير ثبت انه تورط مع النظام السابق -على حد قوله - و باعتبار ان هذه الوزارة تكبد الدولة مصاريف ضخمة تؤثر بشكل سلبي على ميزانيتها معتبرا انه كان من الاجدى ان تخصص هذه الموسسة الحكومية لعائلات الشهداء و جرحى الثورة . ثغرات قانونية اما في ما يتعلق بقانون العدالة الانتقالية الذي يعتبر مكسبا وطنيا في التصدي لانتهاكات حقوق الانسان فقد ثمن الصفراوي هذا المكسب و اشار الى انه تضمن العديد من الثغرات و النقائص التي و صفها بالخطيرة لأنها يمكن ان تعطل اعمال الهيئة المشرفة على العدالة الانتقالية و ان تتسبب - دائما حسب قوله – في فشل التجربة التونسية . و اضاف «و في هذا الخصوص كانت تنسيقيتنا قد اصدرت اثر مائدة مستديرة لدراسة هذا الموضوع جملة من التوصيات اكدت فيها على ضرورة تنقيح ما شاب قانون العدلة الانتقالية من اخلالات لانجاح هيئة الحقيقة و الكرامة التي تسهر على تطبيق العدالة الانتقالية». و شدد رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية على ضرورة تكريس ثقافة المحاسبة بدلا عن ثقافة الافلات من العقاب و جعل الجميع متساوين امام القانون لضمان تحقيق انتقال حقيقي نحو الديمقراطية .