كيف للمعلم في صلب الفعل التربوي ان يحسن التعامل مع تلاميذ السنة الاولى من المدرسة الابتدائية وهم كالفراخ يهبون كل يوم لنيل المعارف فيفارقون حضن الام الدافئ اين الدلال والحنان؟ وكيف لهذا المربي ان يحسن توظيف 4 ساعات كاملة ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء من الساعة 8 الى منتصف النهار او من الساعة 13 الى الساعة17.. وتتحول الى 5 ساعات خلال يومي الخميس والجمعة حيث تنتهي الحصة الصباحية على الساعة 13 بينما تنطلق الحصة الثانية منتصف النهار؟ نعم... من حقنا ان نسأل عن الاستعداد الذهني والبدني لأطفال صغار اعمارهم ست سنوات على اقصى تقدير خلال 5 أيام اسبوعيا حيث يدرسون معدل 7 مواد كل يوم تختلف بين مجالات العلوم واللغة العربية والتنشئة الاجتماعية والتنشئة الفنية حيث تكون الدروس شفويا وكتابيا بين التعبير الشفاهي والقراءة والكتابة والرسم والتلوين والاستظهار والانشاد في السبورة والكتب والالواح والكراسات والاوراق الطائرة والمطبوعات اذ تتفاعل الايادي مع الكفر عند كتابة امثلة الخط والنسخ والاملاء او الاجابة عن تمارين المذكرات او تلوين رسوم وصور وقص اشكال واوراق ملونة وغيرها. الامر معقد تسيره حتما حرفية المعلم وهدوئه وصبره وخبرته وعكس هذا قد يسقط كل شيء في الماء، فلا يحصد التلاميذ ولا يجني المعلم طالما «الوقت من ذهب...ان لم تقطعه يقطعك»... لان الاجسام الغضة والكلام من تجارب المعلمين لا يمكن لها مهما صبرت وتحملت ان تساير الساعات القاتلة على نفس النسق ذهنيا وبدنيا اذ مع الساعة 11 في الحصص الصباحية.. ومع الساعة 16 في حصص ما بعد الزوال تتراخى الاطراف وتلين العضلات وتذبل الابصار وتذعن الاذهان وتتلاشى الافكار ولا يقدم معلم الفصل على انتشال صبيانه من عنق الوقت الخانق بعد ان تملكهم الاعياء فتثاءب اكثرهم ونام بعضهم في غفوة التعب والارهاق لندرك جيدا ان الاشتغال على الزمن المدرسي مثلما طالب في الحاح اهل الاختصاص صار ضرورة وأمرا لا مفر منه وخاصة في مجال الفئة العمرية الصغرى حتى لا تضيع في زحمة الوقت وينمو اطفالنا غير متوازنين ومرهقين على اعتبار ان المنظومة التربوية في البلدان المتميزة في مجال التعليم تميل فيها كفة الكيف على حساب كفة الكم لأن الاولى تضمن الجودة والتميز والاختصاص عكس من راهن على التوجه الثاني فعمّ الارتباك والوهن والفشل مسار التعليم وصرنا كالقشة بين موجات الزمن القاتل نتنفس بعسر على اعتبار ان الصورة اضحت كما تقول عجائزنا.. «الكثرة.. وقلة البركة»... ويا خوفنا من يوم الغد لأن عقارب الزمن انفلتت من ايادينا ولم نعد نقدر على تحمل دقاتها.