خاص – "السياسيّة": لهذه الأسباب رفض القضاء الاستعجالي دعوى إبطال مؤتمر 15 أوت: "رافعو الدعوى لم يبيّنوا مصلحتهم من طلب تعليق المؤتمر... وليس من صلاحيات القضاء الاستعجالي الخوض في مسائل متعلقة بقاضي الموضوع" "رعاية مصالح النقابة ومنخرطيها تقتضي دون شك التعجيل بعقد هذا المؤتمر الاستثنائي وانتخاب مكتب تنفيذي جديد لا تعطيل عقده وذلك ضمانا لاستمرارية اداء النقابة للمهام التي بعثت من أجلها" الأستاذ جوايحيّة:" طلب تعليق المؤتمر الاستثنائي يتنافى مع الحق النقابي الذي يكفله الفصل 8 من الدستور وحرية العمل النقابي التي يكرسها الفصل 242 من مجلة الشغل إذ لا يجوز التصدي لحق النقابيين في عقد المؤتمرات الانتخابية لهياكل مهنتهم لمجرد رفع أحدهم لقضية أصلية في إبطال إجراء معيّن" تفاعلا مع تطورات ملف نقابة الصحافيين التونسيين ومتابعة للحكم الصادر أمس عن المحكمة الابتدائية بتونس والقاضي برفض دعوى تعليق المؤتمر الاستثنائي المقرّر لنهار يوم السبت 15 أوت 2009، تأكد ل «السياسية» أن القضاء الاستعجالي وعلى عكس ما روّج له البعض قد قدم تحليلاته وتوضيحاته بخصوص الحكم الصادر وبسؤال الأستاذ كريم جوايحية محامي أعضاء المكتب التنفيذي الموسّع الذين دعوا إلى عقد المؤتمر الاستثنائي الانتخابي، أفاد بأنه تم رفع دعوى استعجالية قصد طلب الحكم بتعليق انعقاد مؤتمر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، فتمسّك بكون الطلب المذكور يتنافى مع الحق النقابي الذي يكفله الفصل 8 من الدستور وحرية العمل النقابي التي يكرسها الفصل 242 من مجلة الشغل إذ لا يجوز التصدي لحق النقابيين في عقد المؤتمرات الانتخابية لهياكل مهنتهم لمجرد رفع أحدهم لقضية أصلية في إبطال إجراء معيّن قد يحكم فيها لصالح الدعوى او ضدها علاوة على ما يتطلبه الحسم في هذه الدعوى من قبل القضاء من وقت طويل ولا يمكن أن يكون بالتالي اللجوء الى القضاء الاستعجالي الا استثنائيا بشرط عدم المساس بالأصل خلافا لما هو الشأن بالنسبة للمطلب موضوع قضية الحال اذ ان طلب تعليق المؤتمر من القضاء الاستعجالي استنادا الى وجود نزاع في الأصل يفضي إما إلى ان يتخذ القاضي الاستعجالي، تفاديا للخوض في الأصل، قرارا بتعليق المؤتمر استنادا الى مجرد الإدلاء بشهادة نشر تتعلق بوجود نزاع أصلي مما يؤدي إلى تعطيل كل عمل نقابي اذ يكفي لأي كان في هذه الحالة القيام بقضية في الأصل ثم رفع طلب استعجالي لإيقاف أي مؤتمر أو نشاط نقابي او يتولى القاضي الاستعجالي البحث في وجاهة القضية الأصلية من عدمه مما يؤدي به وجوبا إلى الخوض في الأصل خلافا لما يقتضيه مجال اختصاصه ويتضح بالاطلاع على مختلف أسانيد طلب العارضة إنها تهم اصل النزاع ولا يمكن للقضاء الاستعجالي الخوض فيها عملا بالفصل 201 م.م.م.ت مطالبا على ذلك الأساس بصفة مبدئية رفض المطلب لمساسه بالأصل، ملاحظا بصفة احتياطية أن تمسك العارضة بأن اجتماع المكتب التنفيذي الموسّع المنعقد يوم 6 جويلية 2009 غير قانوني لانعقاده دون دعوة من رئيس النقابة المخوّل وحده لذلك طبق الفصل 19 من القانون الأساسي للنقابة في غير طريقه إذ أن أحكام الفصل المشار إليه لم تقتض، خلافا لما تدعيه العارضة، أنّ رئيس النقابة هو المخول وحده للقيام بذلك وقد وردت أحكام الفصل 19 مطلقة ولا يجوز التضييق فيها وحصر صلاحية الدعوة لعقد المكتب التنفيذي الموسّع في رئيس النقابة دون سواه، مضيفا انه بالرجوع لأحكام النظام الداخلي الموضحة والمفسّرة لأحكام القانون الأساسي يتضح ان الفصل 38 من النظام الداخلي أعطى صلاحية الدعوة لعقد اجتماعات المكتب التنفيذي الموسّع لكل من الرئيس او ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي أو ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي الموسّع عند الحاجة ونظرا لتأكد الأمر وعدم إمكانية الانتظار نظرا للفراغ الهيكلي الذي أصبحت عليه النقابة تولى ثلثا أعضاء المكتب التنفيذي الموسع تحمل مسؤوليتهم وذلك بالدعوة إلى عقد اجتماع 6 جويلية 2009 مما يجعله قانونيا طبقا لأحكام الفصل 38 المشار إليه، كما ان استناد العارضة إلى أنّ استقالة العضو الرابع الحبيب الشابي المبلغة بتاريخ 20 جوان 2009 لم تكن ممضاة خلافا للفصل 48 من النظام الداخلي للقول بأن الاستقالة المبلغة يوم 26 جوان 2009 هي الواجب اعتمادها مرتبة على ذلك عدم شرعية اجتماع المكتب التنفيذي الموسّع المنعقد يوم 6 جويلية 2009 لعدم مضي 15 يوما من تاريخ استقالته في غير طريقه أيضا إذ أن أحكام الفصل 48 من النظام الداخلي وما تضمنته من شروط شكلية تخص إجراءات تقديم الاستقالة وقبولها هي أحكام تم سنها بالأساس حماية لمصلحة خاصة تهم العضو أو المنخرط المستقيلين وذلك تفاديا لكل محاولة إقصاء أحد أعضاء المكتب التنفيذي أو أحد المنخرطين بالنقابة بصفة تعسفية بناء على معلومات غير ثابتة أو مجرد التلويح بنية الاستقالة ولا يحق تبعا لذلك إلا للمعني بالحماية التمسك بمخالفته أو الإخلال به. استقالة الشابي وإزاء تمسك رئيس النقابة بعدم إمضاء الاستقالة سعيا منه لتفادي آثارها القانونية فقد تولى السيد الحبيب الشابي حسما لأي تشكيك في استقالته المقدمة بتاريخ 20 جوان 2009 التأكيد عليها والتمسك بها بموجب رسالته المبلغة للنقابة بتاريخ 26 جوان 2009 وبالتالي فإن المراسلة الأخيرة بالذكر لا تعد استقالة جديدة مثلما تدعيه العارضة وإنما مجرد تأكيد للاستقالة المقدمة بتاريخ 20 جوان 2009 وتأسيسا على ذلك يكون اجتماع المكتب التنفيذي الموسع بتاريخ 6 جويلية 2009 قد التأم بعد صيرورة الاستقالة المبلغة يوم 20 جوان 2009 نافذة طبق أحكام الفصل 48 من النظام الداخلي، أما بالنسبة إلى تمسك العارضة ببقاء المكتب التنفيذي المنحلّ مسؤولا إلى حين انعقاد المؤتمر الاستثنائي فإنه يلاحظ بأن رئيس النقابة رفض دعوة المكتب التنفيذي الموسع إلى الانعقاد رغم بلوغ الاستقالة الرابعة ورغم الاستحقاقات المترتبة عن الشغور الناتج عنها ولم يكن اجتماع 21 جويلية 2009 سوى مناورة منه لتلافي الفراغ الذي صنعه من خلال عدم دعوة المكتب التنفيذي الموسّع للانعقاد في الابان نظرا الى تأكد الأمر ملاحظا أن دعوة رئيس النقابة إلى عقد اجتماع المكتب التنفيذي الموسع بتاريخ 21 جويلية 2009 هي فاقدة لكل شرعية باعتبار عدم توفر النصاب القانوني للحضور المتمثل في الأغلبية البسيطة عملا بالفقرة 2 من الفصل 38 من النظام الداخلي مما يجعل كل القرارات المتمخضة عنه باطلة وفاقدة لكل قيمة قانونية، كما أنه وخلافا لما ذهبت إليه العارضة فإن قرار عقد المؤتمر الاستثنائي للنقابة يوم 15 أوت 2009 هو قرار قانوني لصدوره عن المكتب التنفيذي الموسّع بحضور ثلثي أعضائه مثلما تقتضيه الفقرة 2 من الفصل 38 من النظام الداخلي وأن عدم حضور رئيس النقابة رغم استدعائه سلفا لا يحول دون عقده واتخاذ المكتب التنفيذي الموسّع للقرارات الداخلة في صلاحياته لا سيما منها معاينة الشغور والدعوة لعقد المؤتمر الاستثنائي طبق الفصل 19 من القانون الأساسي للنقابة منتهيا إلى طلب القضاء برفض المطلب». تعليلات المحكمة وفي تعليلها للحكم الصادر أقرت المحكمة ما يلي: "حيث لا خلاف، حسب العريضة الافتتاحية للدعوى، بين الطرفين حول تقديم الحبيب الشابي استقالته من المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وحصول الشغور الرابع بذلك ضمن المكتب التنفيذي للنقابة بعد أن تم تسجيل استقالة ثلاثة أعضاء قبله. وحيث أنه لا نزاع من جهة أخرى بين الطرفين حول الآثار القانونية لهذه الاستقالة الرابعة المتمثلة في حل المكتب التنفيذي القائم للنقابة والدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي لانتخاب مكتب تنفيذي جديد يعهد له بإدارة شؤونها محافظة على المصالح التي بعثت من أجلها. وحيث حصل بذلك وفاق بين الطرفين حول معاينة الشغور الحاصل ضمن المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وآثاره القانونية الحتمية المتمثلة في عقد مؤتمر استثنائي ينبثق عنه مكتب تنفيذي جديد وانحصر النزاع حول مسائل شكلية تتمحور حول من يدعو الى انعقاد المؤتمر والموعد الذي يجب اعتماده لذلك إما بتاريخ 15 أوت 2009 مثلما ذهب اليه المكتب التنفيذي الموسع او بتاريخ 12 سبتمبر 2009 مثلما ذهب اليه رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. وحيث أن من أوكد شروط التقاضي الاستعجالي على معنى الفصل 201 من م.م.م.ت ضرورة توفر ركني التأكد وعدم المساس بالأصل الى جانب الشروط العامة للقيام بالدعاوى من صفة وأهلية ومصلحة لذلك. وحيث لم تبين العارضة من خلال الأسانيد القانونية والواقعية لدعواها مصلحتها من طلب تعليق انعقاد المؤتمر يوم 15 أوت 2009 حال مصادقتها على معاينة الشغور الحاصل بالمكتب التنفيذي واثاره القانونية المتمثلة في الدعوة حتما الى عقد مؤتمر استثنائي يقع بمناسبته انتخاب مكتب تنفيذي جديد للنقابة. وحيث ان رعاية مصالح النقابة ومنخرطيها تقتضي دون شك التعجيل بعقد هذا المؤتمر الاستثنائي وانتخاب مكتب تنفيذي جديد لا تعطيل عقده وذلك ضمانا لاستمرارية اداء النقابة للمهام التي بعثت من أجلها. وحيث ومن جهة أخرى فإنه ولئن كان القاضي الاستعجالي مؤهلا في إطار مهامه لتفحص أسانيد الدعوى وأدلتها واستنتاج الحلول القانونية من ظاهر أوراق الملف الا انه ملزم بالتقيد في ذلك بضوابط لصيقة بطبيعة القضاء الاستعجالي تتمثل أساسا في الإحجام عن الخوض في مسائل من علائق قاضي الموضوع. وحيث أن هذه القاعدة مبناها الالتزام بعدم إفراغ النزاع الأصلي من مادته حتى لا يؤول الأمر إلى بتّ القاضي الاستعجالي في جميع عناصر الدعوى فلا يبقى لقاضي الموضوع اي شيء يمكن له النظر فيه. وحيث أثارت العارضة نزاعا حول صفة المكتب التنفيذي الموسّع للدعوة الى معاينة الشغور وانعقاد المؤتمر الاستثنائي متمسكة بأن رئيس النقابة مؤهل دون سواه لذلك تطبيقا لأحكام الفصل 19 من القانون الأساسي للنقابة. وحيث ان هذا التأويل لأحكام الفصل 19 المشار اليه لو تم اعتماده قد يؤول الى جعل مصير النقابة رهين إرادة رئيسها وإطلاق يده بشأن تقرير استمرارية نشاطها وقد ينتهي به الأمر إلى تعطيل سيرها بصفة كلية دون تخويل التدخل لدرء ذلك من أعضاء النقابة وهياكلها وفقا لما يقتضيه قانونها الأساسي ونظامها الداخلي. وحيث ان الخوض في المقابل في مدى شرعية الاستقالة الأولى لعضو المكتب التنفيذي الحبيب الشابي ومدى اعتبار المراسلة الثانية الموجهة من قبله في نفس المعنى استقالة جديدة او تأكيدا لاستقالة سابقة يجرّ هذه المحكمة حتما إلى البت في مسائل تهم الأصل خارجة عن ولايتها خلافا لمقتضيات الفصل 201 من م.م.م.ت. وحيث قضت المحكمة بناء على جميع ما تقدم شرحه برفض المطلب." بهذا التمشي فإن غالبية أعضاء المكتب التنفيذي الموسّع مُنحوا سندا قضائيا مهما في شرعية انعقاد المؤتمر الاستثنائي الذي دعوا إليه والمنتظر انعقاده السبت 15 أوت 2009 بفضاء المركز الثقافي والشبابي بالمنزه السادس سند قضائي يضاف إلى الاستقالات الأربع المقدمة من أعضاء المكتب التنفيذي وعريضة سحب الثقة والدعوة إلى مؤتمر استثنائي والتي أمضاها في وقت سابق أزيد من 570 صحفيا. خالد الحدّاد ملاحظة: يصدر هذا النص بالتوازي مع نشره السبت 15 أوت 2009 على أعمدة جريدة"الشروق" التونسية بنفس الإمضاء بالاتفاق بين هيئتي تحرير الموقع والجريدة.