في العادة يرتبط الحديث عن الاقتصاد ومن ورائه الموارد التي تحققها الدولة بالقطاعات التقليدية وهي الصناعة والفلاحة والخدمات لكن هذه التصنيفات لم تعد دقيقة مع تطور و تغير مجالات التعاملات المالية وما نقصده هنا ليس الاقتصاد الموازي حصرا بل كل ما قد يخرج عن "ماكينة" الدولة من تحركات للسيولة. الأمر الثابت اليوم أن الاقتصاد الموازي لم يعد مرتبطا بالتهريب فقط بل له مجالات أخرى ومعها سمة يصطبغ بها وهي أن المجالات مترابطة فيما بينها ولا يمكن فصلها. من هنا يمكن أن نتحدث عن مجال صار مهما في كل العالم وما نعنيه هو القمار و تحديدا صالات القمار أو ما يعرف "بالكازينوهات" التي تحتكم على سيولة بمليارات الدولارات عبر العالم فوفق تقرير دولي فان حجم التعاملات المالية لهذا المجال تصل الى 350مليار دولار عبر العالم النصيب الأكبر فيها للصين في منطقة ماكاو التي تصل الى 45مليار دولار ثم منطقة لاس فيغاس الأمريكة ب6,5 مليار دولار سنويا كما أن لدول عربية نصيب هام في حجم الموارد المالية وأهمها مصر ودبي ولبنان والأردن والمغرب وأيضا وهو ما يعنينا تونس. الكازينوهات في تونس يوجد في تونس حاليا 4صالات قمار أغلبها في مدينة الحمامات وواحد في جربة مع العلم أن أربعة أخرى اغلقت في السنوات الأخيرة هذه الكازينوهات تحوي 7طاولات و190 ماكينة أي أنها تتعامل سنويا بالمليارات لكن السؤال ما هو الاشكال المتعلق بهذا القطاع؟ سنتجاوز هنا الجانب القيمي الأخلاقي كون القمار محرم شرعا وننتقل الى معطى آخر وهو أن هناك أمران مهمان :الأول أن هذا القطاع يمثل موارد هامة للدول حيث أن الضرائب المفروضة لا تقل عادة عن 40 بالمائة من الأرباح لذلك نجد بلدا مثل الولاياتالمتحدة الذي يحصل مبالغ هامة وضخمة يخصص 50بالمائة منها للتعليم . المشكل الثاني أن هذا المجال تحول في كل العالم الى وسيلة لتبييض الأموال وتهريبها وحتى تمويل المخدرات . السبب في ذلك يعود أساسا الى الفساد حيث أن الكثير من صالات القمار تحتمي عادة وراء حماية سياسية أي من مسؤولين يعملون على حمايتها من خلال التغطية عليها لعدم دفع الضرائب المستحقة وذلك مقابل عمولات مجزية بل وصل الأمر لشراكات في الخفاء . السؤال هنا: هل هناك ضمانات كون هذا الامر غير حاصل في تونس؟ الجواب نجده من خلال القرارات الأخيرة التي فرضتها الحكومة مؤخرا ومنها المراقبة الصارمة على هذا الصالات والتدقيق الشديد مع من يديرونها وضرورة الاطلاع على السجلات من قبل الدولة ولجنة التحاليل المالية بما في ذلك معرفة المتعاملين خاصة منهم ان كانت لهم علاقة بالسياسة والأمر هنا نربطه أولا بضرورة دفع الضرائب المستحقة والثاني منع تبييض الأموال واستخدامها في اتجاهات أخرى مثل المخدرات والارهاب والتغلغل في السياسة وبالتالي مؤسسات وأجهزة الدولة.