المنذر الزنايدي يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية    إبرام 6 إتفاقيات لتمويل إحداث الشركات الأهلية    وزير الشؤون الاجتماعية.. مجابهة تحديات مستقبل العمل تتطلب مزيد دفع الحوار الاجتماعي المتوازن والمسؤول    هذا المبلغ خصصته تونس لصنع الأوراق والقطع النقدية خلال 2023    عاجل/ انقلاب شاحنة وتعطّل جزئي لحركة المرور على مستوى محوّل برج السدرية..    السيطرة على حريق مستودعات بيع قطاع غيار السيارات المستعملة بمنطقة " اليهودية "    طبيبة تونسية : عروس تفقد البصر ليلة زفافها بسبب عدسة لاصقة    النادي الإفريقي.. تأجيل موعد الجلسة العامة التقييمية    صفاقس المحرس : إنقلاب سيارة خفيفة فجر اليوم    حادث مرور قاتل في المنستير..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل : القبض على مروّج ''مخدّر الكوكايين'' في العاصمة    المنستير منزل النور اطفاء حريق وتعرّض صاحب المنزل الى حروق درجة ثانية    صفاقس تظاهرة خلال شهري جويلية وأوت 2024 بفضاء شاطئ القراقنة    فتح بحث في حوادث انقطاع الماء الصالح للشرب    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 4 جويلية 2024    فيروس يقتُل ويصيب العشرات من الإسرائيليين..#خبر_عاجل    بولت توسع خدماتها في تونس لتشمل صفاقس ونابل/الحمامات    دراسة.. منتجات الصيرفة الإسلامية تعزز صلابة القطاع المالي    استشهاد 12 فلسطينيا في الاعتداءات المتواصلة للاحتلال الصهيوني على غزة والضفة الغربية..#خبر_عاجل    9 أشهر من البحث/ لغزه حير إسرائيل.. 3 أشخاص فقط يعرفون مكان "السنوار"..    الحماية المدنية: 7حالة وفاة و371إصابة خلال 24ساعة.    المهدية: ارتفاع جميع مؤشرات القطاع السياحي    معرض الصحف التونسية لليوم الخميس 4 جويلية 2024    كوبا امريكا : لا تزال الشكوك تحوم حول مشاركة ميسي أمام الإكواتور    حمى غرب النيل تضرب الكيان المحتل    اليوم الخميس.. شيماء عيسى تمثل امام القضاء    إتصالات تونس تكرم التلميذ رامز مساك إثر حصوله على أفضل معدل في البكالوريا 2024    المرصد التونسي للطقس والمناخ يُفسّر أسباب هذه الأجواء المنعشة    زلزال قويّ يضرب هذه المنطقة    طعام ملوّث يدفع بطائرة إلى هبوط اضطراري.. ما القصة؟    البرازيل.. فيضانات غير مسبوقة تودي بحياة اكثر من 180 شخصا    تفاصيل مقترح القانون المتعلق بتنظيم عطلة الأمومة    ''الدلّاع'' تسبّب في حالات تسمّم: الرابحي يوضّح    طقس اليوم.. قليل السحب والحرارة بين 26 و40 درجة    احتياطي الذهب لدى البنك المركزي التونسي يتطور بنسبة 13,5 بالمائة سنة 2023    حكايات تونسية..الموروث الشعبي المنسي.. دمّه يقطر بين الوديان (2/2)    الرئيس المصري يعين رئيسا جديدا لأركان الجيش    الشاشة في الميزان ..هل حقا «الجمهور عايز كده»؟    الدورة 58 من مهرجان الحمامات الدولي .. 11 عرضا تونسيا ...و عودة المسرح بقوّة    تصفيات "الكان".. "كاف" يعلن عن تصنيف المنتخبات قبل القرعة بيوم    احتياطي الذهب لدى البنك المركزي لسنة 2023    منير بن صالحة: " اتقوا الله في بناتكم"    10 أشياء.. إياك أن تبوح بها للآخرين!    بطولة ويمبلدون :أنس جابر تواجه غدا الأمريكية روبين مونتغميري    كوبا امريكا : كوستاريكا تفوز على باراغواي لكنها تودع المسابقة    اتفاقية شراكة بين مستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة وجمعية "مرام" لإحداث قسم للأمراض السرطانية للأطفال    وزير الرياضة: نعمل على رقمنة ألعاب الحظ والرهانات إستئناسا بالتجربة الايطالية    بوعرقوب: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية    إنتقالات: النادي الصفاقسي في مفاوضات مع ثنائي الترجي الرياضي    تفاصيل سهرات مهرجان قرطاج الدولي    نجوى كرم تكشف اسم زوجها الخليجي    النادي الافريقي: هيكل دخيل رئيسا للهيئة التسييرية الى نهاية موسم 2024-2025    بعد ما حصل معه في مهرجان قرطاج: راغب علامة يردّ    أولا وأخيرا «حلّسْ واركب»    تحديد موعد رصد هلال بداية السنة الهجرية الجديدة 1446    موعد رصد هلال السنة الهجرية الجديدة    دكتورة تونسية تُصحّح الأفكار الخاطئة عن ''الدلّاع''    دراسة تكشف عن وجود علاقة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالسمنة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزار الجليدي يكتب لكم : الشباب التونسي..نقطة ارتكاز في التحوّل الديمقراطي
نشر في الصريح يوم 13 - 07 - 2019

تعتبر المشاركة السياسية هي أساس الديمقراطية والتعبير الواضح عن مبدأ سيادة الشعب وتقضى المشاركة السياسية وجود مجموعة بشرية من المواطنين الذين يتوافر لديهم شعور الإنتماء والإهتمام بالشأن العام .
والمشاركة هي أرقي تعبير عن المواطنة التي تمثل من جملة النشاطات التي تساعد على ممارسة السلطة السياسة , ولما كان الشباب في مصر يمثل نسبة كبيرة من إجمالى السكان وهم عنصر فعال وهام من قضايا التنمية وذلك دفعنا أن نؤكد ونلقى الضوء علي المشاركة السياسية بالنسبة للشباب لأن الشباب هم من يملكون الطاقة والقدرة على العطاء وهم ثروة بشرية قادرة على العمل والإنتاج , والشباب هم الحل لكافة مشاكل المجتمع.
تلعب المشاركة السياسية دوراً مهماً في تطوير آليات وقواعد الحكم الديمقراطي، والمشاركة السياسية كمفهوم بات قيد التداول السياسي في الوقت الراهن، وفي إطار ما يعرف ”بالتنمية المستدامة“ للمجتمعات خاصة مجتمعات العالم الثالث التي توصف أنظمتها بالشمولية أو بسيادة المفاهيم المتوارثة على مفاهيم المواطنة والمشاركة في صنع القرار وتحديد النخبة الحاكمة وهي في هذا الإطار ركيزة أساسية من ركائز النظام السياسي لجهة شرعيته الدستورية والشعبية.
تعتبر مشاركة الشباب أحد أشكال الديمقراطية التشاركية، كما أنها إحدى أشكال الحكم الصالح، وهي شكل من أشكال الرقابة الشعبية ،كما أن مشاركة الشباب سيعزز من التنمية السياسية، وتفعيل المشاركة السياسية للشباب سيقلل من حالة الفراغ السياسي التي يعيشها الشباب عبر تهميشهم وعدم الاهتمام بقضاياهم في برامج وأنشطة الأحزاب السياسية ، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كيفية تفعيل طاقات الشباب وإعادة جذبها إلى الأحزاب والعمل العام، وتفعيل دور المؤسسات الأهلية،وذلك من خلال إعادة صياغة أولوياتها وبرامجها انسجاماً مع الأجندة الوطنية، بما يحقق التكامل في العمل بينها وبين المؤسسات الرسمية.
وإذا كانت قضايا الشباب متعددة ومتنوعة، فإن مسألة المشاركة الشبابية أصبحت موضوع الساعة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، سواء في مجال البحث العلمي أو في ميدان السياسات الموجهة للشباب،وهي على درجة كبيرة من الأهمية، لأنها تتعلق بإطار أشمل هو مشروع الحداثة والبناء الديمقراطي،حيث تتنامى أهمية المشاركة الشبابية في الشأن العام، بوصفها إحدى أهم دعامات المواطنة وديمقراطية المشاركة لدى المجتمعات المعاصرة ، فالمشاركة وبخاصة من جانب الشباب تعد المدخل الحقيقي لتعبئة طاقات الأجيال الصاعدة وتجديد الدماء في شرايين النظام السياسي والاجتماعي للوطن والمساهمة في حركة التنمية المتواصلة.
ما أريد أن أقول؟
أردت القول أن دماء غزيرة أريقت من أجساد شبابية غضّة في سبيل أن تتحرّر تونس من عقال الاستبداد الذي اكتوت بلهيبه عبر عقدين ونيف من الزمن الجائر..
ومن هنا،لا أحد في وسعه أن يزايد على مهر الحرية الذي دفعت البراعم الشبابية أرواحها ثمناً له،ولا أحد كذلك يستطيع الجزم بأنّ ما تحقّق في تونس من إنجاز تاريخي عظيم تمثّل في سقوط نظام مستبدّ جائر، إنما هو من أنجزه..لا أحد إطلاقاً.. فكلنا تابعنا المشاهد الجنائزية التي كانت تنقلها الفضائيات في خضمّ المدّ الثوري الذي أطاح برأس النظام مضرّجاً بالعار،ومنح الشعب التونسي تذكرة العبور إلى ربيع الحرية..تلك المشاهد الجنائزية كان ينضح من شقوقها نسيم الشباب..شباب وضع حداً لهزائمنا المتعاقبة..قطع مع كل أشكال الغبن والاستبداد،خلخل حسابات المنطق،جسّد هزّة عنيفة مخلخلة للوعي المخَدّر والمستَلب،وصنع بالتالي،بدمائه الطاهرة،إشراقات ثورية،قدر الطغاة فيها هو الهزيمة والاندحار..
ولكن..
لا أحد يتحدّث، اليوم، في تونس عن خطر الانقسام السياسي الذي صنعته نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية(الماضية) بين الشمال والجنوب، وبين الثوار والمستبدّين..ولا أحد يتحدث أيضا عن الانقسام الحقيقي الحادّ بين الشباب الذي أطلق الثورة باسم الحرية وخاضها بصدور عارية،ولم ينل بركاتها وآمالها رغم كل الوعود والأمنيات،وبين الثورجيين الجدد،الذين أفرزتهم الأقدار أثناء المد الثوري الخلاّق الذي شهدته تونس خلال الإشراقات الأولى للثورة..واستفادوا مجانياً من خيراتها..
أقول..مرّت ثمان سنوات ونيف على ثورةٍ حملت معها حلم الانعتاق من واقع القهر والبؤس في تونس،إذ صاغ الشعب،بدماء شيوخه وشبابه،صفحة جديدة من تاريخ تونس الحديث.
ولئن كان النفس الرافض مبهرا في تجلياته الثورية، فإنّ الشغل الشاغل اليوم،هو عن سؤال أي مستقبل ينتظر الثورة،وأي دور للشباب التونسي مستقبلاً سيما ونحن على عتبات انتخابية تفصلها عنها أشهر قليلة؟
لقد استطاعت تونس تحقيق خارطة الطريق التي راهنت عليها القصبة 2،والتي كان الشباب الحاضر الأبرز فيها،فتمّ إنشاء دستور حظي بإجماع نواب المجلس الوطني التأسيسي،وتمّ إنشاء قانون للعدالة الانتقالية ومؤسسات دستورية لحماية مكتسبات الثورة. وتستعد بلادنا خلال هذه الأيام المثقلة بالطموح والأمل-كما أسلفت-لانتخابات تشريعيىة ورئاسية انتخاباً مباشراً.وبذلك يكون مسار البناء رهين اختيارات المجتمع، بصوته الانتخابي وعمله المدني وإبداعه الثقافي والفني،كما إنتاجه العلمي والمعرفي..
ولكن،ما يبعث على القلق،هي النسبة المتدنية لمشاركة الشباب في الاقتراع.وهو ما يرسّخ المخاوف من استمرار الفجوة بين النخب السياسية من جهة،والشباب من جهة ثانية، على الرغم من أن الشباب هم الذين فجّروا الحدث الثوري،لكن خيبة الأمل التي أصيبوا بها بعد ذلك شكّكتهم في أهمية الديمقراطية وجدواها..
وهنا أضيف،كان الشباب التونسي طليعياً في خطوات ملحمة الدم منذ اليوم الأول للحراك الثوري في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010،وصولاً إلى يوم فرار المخلوع في 14 يناير 2011. لكنّه صار الضحية الأولى،بامتياز،لعملية الاستيلاء الممنهج على مفاصل الدولة.
وعندما أقول الشباب، إنما أعني بالقول كل قطاعاته، ممن يناضلون من داخل جامعاتهم ومدارسهم الثانوية،وأولئك الذين استطاعوا بإرادة شبابية فذّة إشعال الأحياء الشعبية والأرياف وهجاً ثورياً، لكنّهم تعرّضوا لحملة تحييد واختزال لدورهم في الحراك الميداني،وجرت محاولات عديدة لاستعمالهم أداة تنفيذية في الجسم الحزبي والخصومات الإعلامية..
في هذا السياق بالتحديد، أكّد البنك الدولي،في السنوات القليلة الماضية، أنّ الشباب التونسي يعانى من ارتفاع معدل البطالة والإحباط، مشيرا إلى أن لديهم حضورا محدودا في عالم السياسة، وما زالوا يواجهون حالة من التجاهل وعدم التشاور المنظّم معهم بشأن القضايا الرئيسية التي تمسهم مباشرة في البلاد.
وأضاف البنك في تقرير جديد صادر بالتعاون مع مركز مرسيليا للاندماج المتوسطى، بحسب وكالة الأناضول،أنّ المواطنة الفعالة والمشاركة المدنية الواسعة بين الشباب التونسي،أمر ضروري لاستمرار الزخم الإيجابي للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد،وتحقيق الاستقرار السياسي.
ما أريد أن أقول؟
أردت القول أننا اليوم،ونحن على أبواب مرحلة هامة من مراحل بناء ديمقراطيتنا واستدامتها وأيضا على مشارف-كما أشرت-استحقاقات انتخابية قادمة على مهل، يتضح أن الطلاب والشباب المعطّل عن العمل والشباب العامل يأخذ على نفسه مسؤولية ومهامّ متفقة مع رهانات المرحلة،ويعود إلى الساحة الوطنية بنفس جديد،وإرادة في التنظيم والفعل لا يستهان بها،كما أنّه أمام سؤال تشبيك العلاقات والروابط فيما بينه وطنياً،ومع التنظيمات والنقابات الشبابية العالمية..
إنّ الحصن القوي والواقعي لتونس ما بعد الثورة،هو جيل يحمل قيم الحرية والعدالة والكرامة،ويعمل لها وفيها،من خلال مجتمعه وعبر مؤسسات دولته..
وما على النخب السياسية إلا استيعاب الإقبال الشبابي على العمل النقابي والمدني،ومن ثم إشراكه في الحياة السياسية،خدمة للمشروع الديمقراطي والاجتماعي الذي تناضل من أجله التنظيمات الشبابية في تونس ما بعد الثورة..
على سبيل الخاتمة:
إن الثورة التونسية في أصلها ثورة شبابية بامتياز تحمل مضامين اجتماعية ومطالب في الحرية ورغبة في التأسيس لدولة الحقوق والمواطنة غير أن تطورات المشهد السياسي بعدها ورغم الخطوات التي تحققت في المسار الديمقراطي مازالت بعيدة عن تحقيق أهداف الشباب التونسي.. دون أن يعني هذا نفي وجود مبادرات على الأرض لنشاط سياسي شبابي يجد تعبيراته، خاصة في تحركات احتجاجية على الأرض ومطالبات بالحق في التشغيل والدعوة إلى محاربة الفساد، غير أنه يظل من الضروري أن تحاول القوى الحزبية ومنظمات المجتمع المدني وقبل هذا وذاك أجهزة الحكم أن توجد الآليات الضرورية لإدماج الشباب في العمل السياسي، لأن توسع حالة العزوف عن المشاركة قد يفضي إلى نتائج وخيمة كأن يتم استقطاب الشباب لمصلحة الجماعات الإرهابية أو أن يتم تحويلهم إلى رصيد احتياطي للانحراف الاجتماعي، وعلى قادة الأحزاب السياسية إدراك أن الشخصانية والتعنت والرغبة في تصدر المشهد من جانب، وانسداد قنوات التعبير داخل الأحزاب الكبرى، فضلاً عن تشبث القيادات بمواقعها من جانب آخر، هما السببان الجوهريان لحالة الإقصاء غير المعلن للقوى الشبابية في المجتمع التونسي.
إن العمل الحزبي بصورته المثلى يقتضي إيجاد آليات لضمان استمرارية الكيانات السياسية وقدرتها على التجدد الداخلي، ولا يكون هذا بغير بناء جيل شاب قادر على تحمل المسؤوليات بعيداً عن منطق الوصاية التي يفرضها القادة التاريخيون للأحزاب.. إن أزمة المشاركة السياسية للشباب في الأحزاب السياسية التونسية بعد الثورة تكمن في أن هذه الأخيرة لم تصل بعد إلى درجة النضج وفهم معنى الحزب السياسي في بنيته العميقة باعتباره وبالدرجة الأولى مدرسة للتربية السياسية للمواطن.
ولكن..
رغم التعثر والبطء وبعض الإخفاقات الإقتصادية والإجتماعية،لا زالت العملية الديمقراطية الجارية في تونس،التجربة الوحيدة التي تحمِل الأمل في الوصول في نهاية المطاف إلى حكومة ديمقراطية مُنتخَبة قادمة على مهل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.