بعد عودة التدهور للوضع الأمني ببلادنا في الأيام الأخيرة، من جهة، وتداعيات ما يجري بالقطر الليبي، من فرار عشرات الآلاف من جاليتنا التونسية بليبيا، وتدفق أفواج لجاليات أخرى عربيّة وأجنبية على المناطق الحدوديّة، من جهة أخرى، بات السؤال عن وضع سوق التزويد، ومدى الاستعدادات والاحتياطات لمواجهة كل الظروف والمستجدّات والضغوطات، مطروحا... فهل إن وضع التزويد بالموادّ الأساسية وكافة الحاجيات الغذائية، مطمئن، أم ثمة نقص في موادّ معيّنة، خصوصا في ظلّ معطيات الطلب التي أفرزتها أزمة توافد عشرات الآلاف من الجموع البشرية من مختلف الجنسيّات، على النقاط الحدودية، هربا من شبح المجازر في ليبيا..؟ ثم، هل إن لدينا ما يكفي من المخزونات الغذائية، لموادّ مثل الحليب والزيت والسكر...؟ لايوجد نقص في أي مادة.. توافد الجالية التونسية بليبيا وبقية الجاليات، لا تأثير له على وضع السوق الداخلي للتزويد بالمستلزمات الغذائية، خصوصا مع وجود الانكماش على مستوى الاستهلاك منذ الثورة الشعبية في 14 جانفي، لأسباب نفسية واقتصادية.. ذلك ما أوضحه «للصريح» الحبيب الديماسي مدير عام التجارة الداخلية بوزارة التجارة والسياحة، مؤكدا أن وضع سوق التزويد «لاباس» عموما، وما يمكن أن يؤثر على سير التزويد بالسوق الداخلية،هو توتر الأوضاع الأمنية وكذلك المسائل الاجتماعية المتجسّدة في الاعتصامات ببعض القطاعات ذات الصلة بحلقة التزويد... وكشف أنه لايوجد الآن نقص في أي مادّة أو منتوج، إذ وردت يوم أمس على سوق المصلحة الوطنية ببئر القصعة كمية ب1460 طنا من الخضر والغلال (مقابل 1398 طنا في نفس الفترة من العام الماضي)، وبالنسبة للمخزونات من الموادّ الاستهلاكية الاستراتيجية، يوجد أكثر من 30 مليون لتر من الحليب، ومخزون من 125 ألف طن من مادة السكر لتغذية 4 أشهر استهلاك، ومخزون من الزيت النباتي ب24 ألف طن لتغذية شهرين استهلاكا، إلى جانب كمية من الشراءات تقدر ب50 ألف طن، كما يتوفر مخزون من القهوة ب4 آلاف طن لتغطية 4 أشهر استهلاكا. وبالنسبة للحبوب، يتوفّر مخزون من مادة القمح الصلب لتغطية 3 أشهر، ولتغطية شهرين ونصف بالنسبة للقمح اللين ونفس المدة بالنسبة لمخزون مادّة الشعير، بصرف النظر عن الشراءات المتعاقد عليها، لتصل التغطية الجملية للمتوفرات من مادة القمح الصلب إلى حدود 27 ماي 2011، وإلى 17 جوان بالنسبة للقمح اللين، و31 ماي للشعير. وتتوفر بالسوق الداخلية أيضا مخزونات من موادّ أخرى، كالبيض الذي وصل فيه مجموع البيضات المخزنة إلى 37 مليونا على أن يبلغ مجموع المخزون في رمضان 75 مليون بيضة، فضلا عن توفر 45 ألف طن من البطاطا، وكميات من اللحوم البيضاء والحمراء... غياب المراقبة الاقتصادية خلق صعوبات لدى المواطن بخصوص الموادّ الاستهلاكية التي كثر عليها الطلب على المناطق الحدودية أين تتوافد الجاليات العربية والأجنبية، بين مدير عام التجارة الداخلية أن هناك تهافتا خاصة على مادة الأرز، ويتوفر لدينا في السوق الداخلية كمخزون من الأرز الأبيض 900 طن تغطي 3 أشهر استهلاكا، وألف طن من الأرز المفوّر لتغطية شهر استهلاكا. وإلى جانب الأرز، يقبل هؤلاء الوافدون على الحدود، على اللحوم البيضاء، وكذلك على الحليب، ولكن مع تجميع مليون و600 لتر يوميّا من هذه المادة في الفترة الحالية، يتوفر المخزون لسدّ الحاجيات، علما أن الجيش الوطني قد اقتنى 5 مليون لتر. ويضيف الديماسي ملاحظا أنه في منتصف الشهر الحالي، ستنطلق وحدة لتجفيف الحليب بالمرناڤية، من أجل استيعاب 12 مليون لتر في السنة، وفي خصوص مدى تأثيرات تعرّض العديد من المغازات والمساحات الكبرى إلى أعمال الحرق والنهب في الأحداث الأخيرة، على نسق التزويد،أكد أن هناك تأثيرات، لاسيما وأن حجم الخسائر الجملية قد بلغت 200 مليون دينار، وما نجم عنها من خلل على مستوى العديد من المصانع. وفي ما يتعلق بغياب المراقبة وما تمخّض عن هذا الأمر من انفلاتات وعدم احترام لمنظومة الأسعار من قبل التجار، أفاد مصدرنا، أن غياب المراقبة مشكل فعلا وقد خلق عديد الصعوبات بالنسبة للمواطن الذي وجد نفسه أمام حتميّة الدفاع الذاتي الكلي عن جيبه، من ممارسات مثل عدم احترام الفوترة وضوابط الأسعار وهي إلى جانب ممارسات أخرى، غير قانونية بالمرّة.