نشر نور الدين البحيري القيادي في حركة النهضة على صفحته الرسمية بالفايس بوك مقالا توجه فيه بنقد لاذع الى مساندي "الانقلاب في مصر". وجاء المقال كالأتي: "لم يكن يوم 3 جويلية من سنة 2013 يوما عاديّا في تاريخ مصر والأمّة، فالجنرال عضّ يد المؤسسة التي امتدّت إليه وعيّنته وزيرا للدفاع، وخان القسم الذي أدّاه يوم تنصيبه، والرئيس مرسي لم يكن ولن يكون أوّل ولا آخر من نسي عند اختيار مساعديه إحدى القواعد الذهبيّة في التعامل مع الآخر "إن أنت أكرمت الكريم ملكته" والسيسي لم يكن ولن يكون أوّل ولا آخر من تمرّد على شرف الزيّ وعلى ما هو محمول عليه من واجب الولاء للدولة ومؤسّساتها الشرعية وحماية أمنها ووحدتها، ففي الجسد مضغة إذا فسدت فسد الجسد كلّه، ولن يقدر أسير النفس الأمّارة بالسّوء ومن اتخذ إبليس إماما فاتّبع هواه وأضلّه السّبيل على التمييز بين الخير والشرّ والحقّ والباطل، ولم ينفعه قرآن حفظه عن ظهر قلب ولا صيام ولا قيام، فصدق فيه وفي بعض المعمّمين من مشايخ البلاط الذين لم يكتفوا بالسكوت عن الظلم، و"السّاكت عن الظلم شيطان أخرس"، بل تجاوزه إلى محاولة إعطائه شرعيّة افتقدها، فصدق فيهم قوله تعالى: "كمثل الحمار يحمل أسفارا" أعمى الله بصيرتهم، وقست قلوبهم حتى أضحت كالحجارة أو أشدّ قسوة، فنسوا أنّ العدم لا يتحوّل وجودا مهما طال الزمن، وأنّ ما بني على باطل فهو باطل، ومآله الزوال مهما كان حجم القوّة الماديّة التي تحميه. في هذا اليوم تمايلت ببلادنا بعض النخب المحسوبة على الحداثة والتنوير والتسامح والانفتاح واحترام حقوق الإنسان طربا وفرحا بالانقلاب، فأكلت وشربت وغنّت ورقصت حتّى بزوغ الشمس، بعضهم انتشى حتّى أصبح يرى الديك حمارا، وبعضهم سجد لله شاكرا مبتهلا، وقعت الواقعة، وانقلب الديمقراطي جدّا جدّا إلى داعية إلى الانقلاب في لحظة صدق خلعوا فيها عنهم رداء التقيّة والازدواجيّة، فخاضوا حملة مناشدة وتضرّع للمؤسّسة العسكريّة الوطنيّة للسير على خطا إمام الانقلابيين في مصر، ولكن خابت مساعيهم فسفّه جيشنا الوطني أحلامهم ورفض الشارع دعواتهم، ولم يفوزوا إلا بالعزلة والازدراء. اليوم افتضح أمر الانقلابيين في مصر، وانكشف زيف ادعاءات من اتخذوا من الانقلاب قبلة لهم، وجعلوا رزقهم الدعاية والدعاء له، فكان ديدنهم كيل الاتهامات الباطلة للمدافعين عن الشرعيّة، انكشفت اللعبة بعد أن أهدت طاحونة الانقلاب المصريين والعالم زقوما وحنظلا، أهداهم الانقلاب عشرات آلاف الأسرى خارج إطار القانون، وآلاف القتلى والجرحى، ومئات الأحكام الجماعيّة بالإعدام لم يشهد التاريخ مثيلا لها، وتقييد الحريّات، وحلّ الأحزاب والجمعيات، وتكميم الأفواه، وقمع الإعلام، وقطع بثّ عشرات القنوات الإذاعيّة والتلفزيّة، ونؤكّد أنّ هذه الممارسات ليست إلاّ بداية، وما زال في جراب الانقلابيين الكثير والكثير ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت. وإذا كانت الجرائم المرتكبة في حقّ المدافعين عن الشرعيّة والديمقراطيّة في مصر متوقّعة، فإنه ممّا لفت نظري تواصل صمت المنظّمات والجمعيّات الحقوقيّة وأغلب الأحزاب التّونسية وأتباع سياسة النعامة إزاء ما يحصل، والسؤال الذي يحيّرني: هل صمتها تزكية لما يرتكب من جرائم في حقّ شعب مصر، ومساندة لها، أم هي من قبيل الإصرار على الخطأ بعد أن أخذتهم العزّة بالإثم، أم الأمر لا يتعدّى أن يكون ذهولا مؤقّتا لهول الفاجعة؟ ومهما كان السبب والأسباب يهمّني أن أهمس في أذن إخوتي في الوطن الذين أنعم الله عليهم بهذه الثورة المباركة التي حرّرتهم من كلّ القيود فأقول: لا تنسوا أن في الرجوع إلى الحقّ فضيلة، وأنّ الحقّ أولى أن يتّبع"