تزامنت زيارة وزير التجارة رفقة وفد هام من رجال الأعمال الى الدوحة مع زيارة الملك المغربي محمد السادس الى نفس العاصمة القطرية في جولة خليجية قادته الى ابو ظبي ومنها توجه الى الدوحة. وتنبني سياسة المغرب في التعاطي مع الأزمة الخليجية على مبدإ ما يسمونه بالحياد البنّاء الذي يقوم على عدم تغليب شق على آخر بل اعتبار كل الأطراف أشقاء وجب إصلاح ذات البين بينهم ..موقف يبدو انه يحظى بالاحترام من لدن "إخوة" خليجيين امتدت ارتدادات خلافاتهم وانعكاساتها على دول شقيقة وصديقة في منحى تصاعدي يثير مخاوف شتى سيما اثر موجة الإيقافات التي شملت أمراء ورجال أعمال سعوديين من كبار المستثمرين في العالم. ولقد نجح المغرب الذي كان محور القمة الخليجية المنعقدة في افريل من سنة 2016 بالرياض في أن يتجاوز حجم صادراته الثلاثة مليار دولار إلى دول الخليج ..ورغم أن المملكة العربية السعودية تعتبر على رأس قائمة الموردين الخليجيين للمنتجات المغربية تليها دولة الإمارات فان ذلك لم يحل دون أن تطوّر الرباط علاقاتها التجارية مع الدوحة مخصصة جسرا جويا يوميا لنقل حاجيات قطر الاستهلاكية. فالحياد البنّاء من منظور مغربي هو الوقوف على نفس المسافة بين الفرقاء ومحاولة الإصلاح بينهم دون المساس بمصالح الاقتصاد الوطني بل العمل على تطويره من خلال تفعيل كل إمكانات الدولة اللوجستية والدبلوماسية تلبية لطلبات استثنائية لأسواق ذات قدرة استهلاكية متميزة..طلبات استثنائية لا تتفاعل معها السلطات التونسية بالسرعة اللازمة مع الإشارة إلى محدودية تحرك هرم السلطة دبلوماسيا في إطار خطة هدفها الأسمى المصلحة العليا للوطن ، ولا مصلحة عليا في هذه الأيام غير إنعاش الاقتصاد والتقليص من نسبة البطالة. إن الحياد البنّاء كان لأمد غير بعيد سياسة دولة توارثتها الدبلوماسية التونسية جيلا بعد جيل وقبلت بها القيادات كأمر واقع قبل أن تعصف بها المصالح الحزبية الضيقة لجمهور المتكالبين على السلطة في غياب تفعيل القانون المتعلق بمراقبة تمويل الأحزاب والجمعيات..واعتقادنا انه طالما تعيش تونس على وقع ذلك التجاذب وطالما لا تدفع القيادة الدبلوماسية بعربة الاقتصاد في تناغم كلي مع متطلبات المصدرين فان تونس س"تتميز" إقليميا في إضاعة الفرص.