يعرف قطاع النزل وضعا صعبا منذ ما قبل الثورة ليصبح الوضع أكثر تدهورا بعد الثورة لا سيما بعد العمليات الإرهابية التي عرفتها بلادنا خاصة سنة 2015. ورغم التحسن الملموس لمؤشرات القطاع السياحي خلال السنة المنقضية 2016 حيث بلغ عدد الوافدين 5 ملايين و724 ألف سائح بزيادة 7 بالمائة مقارنة ب2015 كما بلغت عدد الليالي المقضاة 17 مليونا و550 ألف ليلة بارتفاع ب11 بالمائة، ويعزى هذا التطور إلى الزيادة في عدد الوافدين من السوق الجزائرية الذين بلغ عددهم 1 مليون و808 آلاف سائح أي بارتفاع ب22 بالمائة كما بلغ عدد الوافدين من السوق الروسية 623 ألفا و400 سائح بتطور بأكثر من 1000 بالمائة. ويبقى وضع قطاع النزل حرجا وينبئ بالانهيار إذا ما تواصل عزوف توافد السياح الأوروبيين وخاصة سياح الأسواق التقليدية وذلك بسبب تفاقم مديونية النزل التي كشفت تقارير وأرقام صادرة عن البنوك ان حجم المديونية تفاقمت ليناهز حوالي 4 مليار دينار. قطاع يعاني وفي هذا الصدد أكد رضوان بن صالح رئيس الجامعة التونسية للنزل المتخلي ل "الصباح" أن قطاع النزل يعاني بسبب المديونية وتأزم الوضع بسبب عدم تفعيل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ سنة 2015 للحد من الانعكسات السلبية للهجمات الإرهابية التي لم يتم إلى حد الآن تفعيلها بسبب الصعوبات التي خلقتها النصوص الترتيبية المصاحبة لها والغير متلاءمة مع الوضع الذي يمر به القطاع السياحي خاصة وان عددا من الإجراءات لم يتم إلى اليوم تطبيقها رغم انقضاء الآجال وهو ما أثقل كاهل القطاع. وشدد أنه كان من المنتظر أن تتكفل الدولة بمساهمة الأعراف في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة للنزل التي حافظت على العاملين فيها، كما تهم أيضا منح قروض استثنائية يتم سدادها على 7 سنوات مع سنتين امهال. إلا ان هذه الإجراءات وغيرها بقيت حبرا على ورق وهو ما زاد من حدة الأزمة. جلسة حول المديونية مع الحكومة وأوضح وجدي الصخيري صاحب نزل والكاتب العام المتخلي لجامعة النزل ل"الصباح" ان المديونية مشكل قائم الذات منذ سنوات وأنه لتحديد حجم هذه الديون يجب التدقيق مع البنوك. وأبرز ان أصحاب النزل سددوا جزءا من الديون إلا أنهم لم يستكملوا عملية التسديد بسبب ما يشهده القطاع من أزمة حادة. شارحا أن ما يشهده قطاع النزل هو نتيجة تراكمات عرفها منذ عملية جربة التي تمت في 2002 والتي تلاها عزوف من السوقين الألمانية والفرنسية، معتبرا ان قبل هذه العملية لم يكن القطاع يعاني من مشكل المديونية إذ كان يحقق نموا ب17 بالمائة بالنظر إلى انعكساته الإيجابية على قطاع الفلاحة والصناعات التقليدية والخدمات والبناءات. إلا أنه ومنذ 2003 وعلى خلفية عملية جربة بدأت تونس تخسرسنويا وإلى غاية 2010 حوالي 700 ألف سائح ألماني وأكثر من 500 ألف سائح فرنسي وهو ما زعزع مردودية النزل عقب تراجع الأسعار حينها بدأنا نتحدث عن مديونية النزل على اعتبار ان العائدات التي كانت تحققها النزل توجه بالأساس إلى تسديد الديون المتخلدة بذمتها علما وان هذه العائدات لم تكن تكفي لتغطية الديون ما أدى إلى تراكمها مع اثقال الفوائد وفوائد التأخير. وشدد الصخيري أنه ستتم مناقشة ملف ديون النزل قريبا في جلسة مع الحكومة خاصة وأن البنوك مازالت ترفض منح أية قروض جديدة لتجديد النزل أو إصلاحها أو مساعدتها على تخطي الصعوبات التي تمر بها. وأبرز أن قانون المالية لسنة 2017 يتضمن إجراءات مجحفة وقوانين ترتيبية محجفة وكأن القطاع غير منكوب. لذا نتطلع ان نضع اليد في اليد مع الحكومة لإنقاذ القطاع وكل القطاعات التي على ارتباط وثيق به كونه القطاع الوحيد القادر على توفير سيولة هامة من العملة الصعبة. الحملة الإعلامية ضد تونس أزمت الوضع وفي ذات السياق أكد العروسي قيقة مدير عام مجمع «ذو ريزيدنس» ان الحملة الإعلامية الشعواء التي تشن ضد بلادنا من قبل وسائل الإعلام الأوروبية غير بريئة وغير معقولة، مبينا ان تركيا شهدت عمليات إرهابية أقوى بكثير من تلك التي عرفتها بلادنا إلا أنها لم تحظ بالتغطية الإعلامية وبتلك القتامة التي عرفتها عمليات تونس علما أن تركيا لم تشهد تحجيرا للسفر من قبل اي دولة أوروبية مثلما حصل مع الوجهة التونسية. وأوضح أن اكثر من سنة مرت على عمليتي باردو وسوسة إلا ان البلدان الأوروبية ما زالت متمسكة بحظر السفر إلى بلادنا وهو ما كبدنا خسائر فادحة بسبب تراجع عدد الوافدين من الجنسيات الاوروبية خاصة. وأكد قيقة أن الوقت قد حان لتطهير القطاع من الوحدات الفندقية غير القادرة على تقديم خدمات في قيمة السياحة التونسية وغير القادرة على تسديد الديون المتخلدة بذمتها كونها السبب في مزيد تأزم القطاع، معتبرا أن غلق هذه النزل الهدف منه خلق قطاع متعاف قوي تنافسي مقارنة بأسواق الجوار لأن منحها قروضا جديدة لن تكون ذات جدوى بسبب عدم قدرة إدارتها على حسن التسيير والتصرف فيها ما ادى إلى تراكم ديونها وما جعلها عبئا ثقيلا على القطاع. السياحة خارج حسابات الحكومة وفي ذات الصدد شرح منصف مخلوف رئيس الجامعة الجهوية للنزل بالجنوب الشرقي ل»الصباح» أن عدد النزل التي مازالت تنشط في المنطقة يبلغ اليوم 6 فقط من مجموع 42، مبينا انه لم ينجح في مواصلة النشاط في ظل الظروف الصعبة التي نشهدها إلا أهل القطاع والعارفين بخباياه. واعتبر ان منح قروض لدخلاء على القطاع خلق أزمة المديونية التي تناهز حسب البعض 4 مليار دينار وهو ما خلق حالة من عدم الثقة من قبل البنوك تجاه القطاع ككل. واعتبر أن القطاع السياحي يعد مهمشا من قبل المسؤولين لا سيما السياحة الصحراوية التي تعد اليوم عجلة خامسة مقابل الإهتمام بالسياحة الشاطئية وهو ما أدى الى غلق العديد من النزل ووكالات الاسفار. واعتبر ان عدم الإسراع بتطبيق الاجراءات المتخذة من الحكومة لانقاذ النزل التي تمر بصعوبات زاد من حدة الأزمة التي يعرفها القطاع، مطالبا الحكومة بتحمل المسؤولية والتفاعل إيجابيا مع أصحاب النزل لانقاذ القطاع من انهيار وشيك. البحث عن أسواق جديدة وفي ذات الصدد افادنا وليد بن عمر مدير نزل ان الوضع بعد العمليات الإرهابية بات أكثر تدهورا بعد ان هجرت الأسواق التقليدية الوجهة التونسية وهذا حتى قبل العمليات الإرهابية ما أدى إلى تفاقم حجم ديون عدد من النزل وهو ما جعل مصداقية القطاع ككل تتدهور أمام المؤسسات البنكية ما أدى إلى عدم قدرتها على الحصول على قروض جديدة للحفاض على ديمومة النزل ومواطن الشغل فيها. وشدد بن عمر ان الحل يكمن في البحث على أسواق جديدة على اعتبار أن «الفيتو» الذي ترفعه الأسواق التقليدية أمام تونس لن برفع في الوقت الراهن ما يعني ان الأزمة مرجحة للتفاقم إذا لم تسع وزارة السياحة للبحث عن أسواق جديدة على غرار تدعيم السوق الروسية واستقطاب السوق الاوكرانية.. جريدة الصباح بتاريخ 10 جانفي 2017