في الوقت الذي أنهى فيه حزب مشروع تونس تحولاته الديمقراطية الداخلية عبر تشكيل هياكل مؤسسة الحركة أعلنت أطراف من المشروع عن خروجها عن الخط السائد ورفع صوتها عاليا والإعلان عن بدايات لتصحيح المسار داخل الحركة بما يؤكد على أن فصول الخلافات بدت تؤشر على انطلاق موسم الفعل وردة الفعل. بدوره لم يخرج الوطني الحر عن خط الخلافات بعد أن أعلن القيادي ورئيس الكتلة النيابية طارق الفتيتي عن استقالته من رئاسة الكتلة مع بقائه داخل الحزب وهياكله ويأتي هذا التصريح بعد أن ساد اعتقاد داخل الحزب تخوف الرئيس سليم الرياحي من إمكانية انقلاب الفتيتي عليه وافتكاكه للوطني الحر بعد الصعود الملحوظ لأسهم الفتيتي سياسيا وإعلاميا وهو ما قد يفسر عبارة المستقيل حين قال»لأسباب ذاتية خيرت الاستقالة». وفي واقع الأمر يأتي هذا الإرباك الحاصل داخل الحزبين بعد أن أعلن كلاهما عن تصورات التحالف والعمل السياسي المشترك وهو أمر من شانه أن يخلق حلقة جديدة في المشهد السياسي عبر أحزاب فتية. انتهازيون أم مناضلون؟ إثر انتخابات الهياكل من مكتب سياسي ومكتب تنفيذي لحركة مشروع تونس بدت ملامح جديدة تكسو الحزب، ويعلن عن الشروع في بناء مؤسسة حزبية إلا أن ذلك لم يدم طويلا لتظهر بوادر خلافات في البداية بين رفاق الدرب ويخرج معها كل من وليد جلاد ومصطفى بن احمد ومنذر بلحاج علي إلى السطح متهمين الأمين العام محسن مرزوق بالسيطرة على الحزب لحسابه الخاص. وقد تكفل مرزوق بالرد على رفاقه بالقول إن الحزب ديمقراطي ولا سلطة له على هياكل الحزب المنتخبة ديمقراطيا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بعد أن اختلفت حسابات البيدر حيث عقدت أول أمس مجموعة من أعضاء المجلس المركزي لحزب حركة مشروع تونس، بمشاركة عدد من أعضاء المكاتب الجهوية للحزب اجتماعا للتباحث حول تشكيل «جبهة لتصحيح المسار داخل الحزب». وبين القيادي بالحزب، توفيق الحسناوي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن الاجتماع يتنزل ضمن التباحث في «الخطوات التي سينتهجها مناضلو حركة مشروع تونس لتصحيح المسار داخل الحزب، وممارسة الديمقراطية داخله، بعيدا عن القرارات الأحادية التي يتخذها الأمين العام للحزب، محسن مرزوق، وخاصة المتعلقة منها بالتعيينات صلب القيادة العليا للحركة»، وفق قوله. واستنكر الحسناوي ما وصفها ب «حياد الحركة عن مسار الأهداف التي بعثت من أجلها بعد انشقاقها عن حركة نداء تونس». من جهته، شكك القيادي، جمال الوسلاتي، في شرعية المؤتمر الذي عقده الحزب بالحمامات في جويلية الماضي، معتبرا أن «انتخابات اللجنة المركزية للخارج تم تزويرها»، على حد تقديره. واتهم الوسلاتي الأمين العام للحركة، محسن مرزوق ب»تعيين أشخاص في الهياكل العليا للحزب بناء على الولاءات وليس على الكفاءة»، واعتبر هذا الإجراء «مخلا بما ورد بالفصل الثالث من القانون الداخلي للحزب»، حسب تعبيره. كما اتهم عضو المكتب التنفيذي السابق للحزب، علي الحسناوي، الأمين العام لحركة مشروع تونس ب»الانقلاب على النظام الداخلي للمؤتمر الذي عقد بالحمامات في شهر جويلية الماضي». وعبر المشاركون في الاجتماع عن استيائهم مما وصفوه ب «الأوضاع التي آل إليها الحزب، وحياده عن المسار الذي بعث من أجله». الوطني الحر.. من استقالة إلى أخرى تعد استقالة رئيس الكتلة طارق الفتيتي من مهامه ثالث استقالة وازنة داخل الوطني الحر بعد استقالة كل من الأمين العام السابق ووزير أملاك الدولة حاتم العشي وبعد استقالة المنسق جمال التليلي بالإضافة إلى الاستقالات في المكاتب الجهوية والمحلية. يحصل كل ذلك دون أن يقدم الوطني الحر قراءة واضحة للانسحابات الحاصلة هنا وهناك مما يؤكد على أن واقعا خافيا على المتابعين للشأن العام. واقعا يقوده رئيس الحزب سليم الرياحي الذي كان محل نقد واسع من قبل أعضاده السابقين منذ تأسيس الحزب سنة 2011. وفي واقع الأمر لم يعرف الحزب حالة من الاستقرار الداخلي وذلك بالنظر إلى عدد الأمناء العامين الذين تقلدوا هذا الموقع حيث لم يتجاوز البعض منهم في هذه الخطة أكثر من 3 أشهر ليعين أحد آخر. ولئن يرى في ذلك حيوية سياسية فإن البعض الآخر لا يرى فيها سوى نقص في تحديد الملامح الحقيقة للحزب مما قد يفقده احترام الساحة السياسية ويؤثر فيه خلال المحطات القادمة. استهداف من الداخل.. والخارج رغم إقرار الوقائع أن استهداف الحزبين من الداخل هي مسألة لا تحتاج توضيحات فإن للخارج أيضا دور في ذلك. فقد اتهم محسن مرزوق وسليم الرياحي أطرافا لم يسمياها بسعيها إلى ضرب الحزبين وقد لمحا في أكثر من مرة إلى أنهما يعرفان تمام المعرفة من يقف وراء ما اعتبراه في أكثر من مرة بحملة التشويه فلماذا يصران على عدم كشف هذه الأطراف إن كانت موجودة أم أنها مجرد تهم في المطلق؟ لماذا تخاف تلك «الأطراف» التحالف المحتمل والممكن بين المشروع والوطني الحر؟