حديث واسع عن استغلال «الفارينة» والمتاجرة بها بدل تحويل كامل كمياتها إلى خبز من الحجمين الكبير والصغير تونس الصباح: تمثل مادة " الفارينة " التي يصنع منها الخبز أحد أبرز المواد التي يقع تدعيمها من طرف الصندوق الوطني للتعويض.. وبقدر ما وقع رفع الدعم على بعض المواد او التقليل من مستوى دعمها، فإن تدخل الدولة في مجال التعويض الموجه لمادة " الفارينة" قد حافظ على مستواه، وحتى إن ارتفعت أسعار هذه المادة فهي تبقى طفيفة، ولا تعكس سعرها الحقيقي المعمول به في بعض البلدان أو الأسواق العالمية. فهل تستغل كامل هذه المادة الموزعة على المخابز في صناعة الخبز الذي جعلت من أجله، أم أنها تستغل في مجالات أخرى غير الموجهة لها وذلك لمزيد الربح عبر مغالطات يعاقب عليها القانون؟ هذا هو السؤال الاساسي المطروح اليوم في العلاقة مع هذه المادة التي تشهد أسعارها في العالم ارتفاعا كبيرا، ويبدو أن كميات هامة منها لا تستغل في صناعة الخبز. فهل هناك إجراءات جديدة للمحافظة على هذه المادة وتوجيه اعتمادها في مجالاتها الحقيقية، خاصة وهي تمثل القوت اليومي لكافة الشرائح الاجتماعية وفي مقدمتها الفئات الضعيفة المعنية أساسا بهذا الدعم؟ مادة «الفارينة» وطرق توزيعها على المخابز تخضع مادة "الفارينة " في توريدها وتوزيعها على المخابز إلى تخل الدولة والسلط المعنية بقطاع صناعتها وتحويلها. ومن هذه المنطلقات فهي ليست من أنواع بقية المواد المحررة التي دخلت في اقتصاد السوق ووقع التفويت فيها للإستثمارات الخاصة والقطاع الخاص. ولعل هذا يعود الى جملة من الأسباب أبرزها أنها تمثل أحدى أهم مجالات القوت اليومي للمواطن، ولا شك أن حساسيتها كمادة غذائية أساسية جعلها تبقى دوما تحت إشراف واهتمامات الدولة، تضطلع بتوريدها ودعمها الدائم وبتوزيعها بشكل محكم. ولعل جملة هذه المنطلقات وهذا الحرص الدائم على تنظيم توزيع هذه المادة والتحكم فيها، وأيضا في مخزونها التعديلي والاستراتيجي من طرف الدولة، جعل مسار حضورها في السوق التونسية دائما، ومنظما وذلك لا فقط في المدن الكبرى، بل في كامل جهات البلاد، وأيضا على الدوام، إذ لم يسجل ولو في يوم واحد نقص في هذه المادة أو تراجع وارتباك في حضورها والتزويد بها. وهذا أمر حسب اعتقادنا لا يستهان به ولا يمكن التقليل من قيمته وقيمة التصرف المحكم فيه. مادة «الفارينة» أحد ابرز مشتقات الحبوب المتداولة في العالم تعتبر مادة " الفارينة" التي يقع استخراجها من القمح اللين، أحدى أبرز المواد المشتقة من الحبوب. وقد شهدت مشتقات الحبوب كما هو معلوم خلال أكثر من سنة ارتفاعا في أسعارها وندرة في انتاجها مما جعلها تمثل الشغل الشاغل لعديد الشعوب والدول في العالم، وقد إنطلقت صيحات المنظمات الدولية للإشارة الى النقص الكبير المسجل في هذه المادة, والى خطورة انعكاساته على قوت عديد شعوب العالم، والتخوف من شبح مجاعة تهدد هذه الشعوب في بعض القارات وعلى وجه الخصوص في افريقيا. ولعله بناء على هذا الواقع، فإن هذه المادة قد أصبحت عزيزة جدا، مما يدعو الى مزيد إحكام التصرف فيها استهلاكا وصناعة وانتاجا. ولعلنا عندما نشير إلى هذا فإننا ننبه الى المستقبل بشأن هذه المادة الحيوية التي قد لا نعطيها أهمية، وذلك على الرغم مما تستحقه من قيمة. ومن هذا المنطلق لابد من اتخاذ جملة من الإجراءات بشأنها للحيلولة دون التبذير في استهلاكها، وفي التعامل معها بخصوص مجالات تصنيعها، خاصة وأن المستقبل وتقلبات الاسواق العالمية بشأنها مجهول ولا يمكن توقع المسار الخاص بأسعارها وتوفرها والحصول عليها. فماذا عن واقع هذه المادة في السوق التونسية؟ وكيف يجري التعامل معها؟ وهل حان الوقت لمزيد تنظيمها والتأسيس لتعاملات أكثر دقة بشأنها؟ مجالات استعمال مادة «الفارينة» المدعمة التصرف في مادة "الفارينة" يتم في النسبة الكبرى منه داخل المخابز على أساس أنه يحول الى خبز. أما القليل منه فإنه يوجه للاستهلاك العائلي في مجالات أخرى، ويعرض في المحلات التجارية بشكل محدود. فكيف يجري التصرف في هذه المادة داخل المخابز؟ وماذا يشاع حوله؟ إن الإجراءات المعمول بها مع المخابز في شأن هذه المادة يقوم على توفير حاجياتها منها لصنع الخبز. ولعلنا في هذ الجانب نوضح أن الفارينة موجهة بالاساس لصنع الخبز الكبير، لكن القليل من هذه المخابز من يتعاطى صنع الخبز الكبير، بل تراهم في العموم يتوجهون الى صناعة "الباقات"، وهذا تجاوز أول لابد من تلافيه وتحديد شروط قانونية بشأنه، وإلزام أصحاب المخابز به. كما أن التجاوز الثاني الحاصل في تعامل المخابز مع مادة "الفارينة" المدعمة، هو توجيهها الى صناعة أنماط أخرى مختلفة من الخبز التي لا ينص عليها القانون الخاص بمادة "الفارينة" المدعمة التي يتسلمونها من الدولة، ونرى في هذا المجال جملة من أنواع الخبز التي يطالعنا بها الخبازة، ويعرضونها وأسعار تفوق في مجموعها حتى سعر الخبزة من النوع الكبير، وفي هذا تصرف غير سليم في مادة الفارينة من ناحية، وتلاعب بالقانون، وزيادات مقنعة في الاسعار، واستغلال فاحش للمواطن الذي يجبر على التعامل مع بعض الخبازة الذين باتوا يفرضون عليه هذا النمط من التعاملات. الجمع بين محل مرطبات وصناعتها ومخبزة ولعل الغريب في الأمر هو بروز ظاهرة جديدة داخل المخابز تتمثل في الجمع بين صناعة وبيع انواع المرطبات والخبز في محل واحد وهذا المحل فتح في الحقيقة على أساس أنه مخبزة. وهذه الظاهرة التي اجتاحت القطاع، وخاصة في المدن الكبرى باتت هدفا يسعى اليه جل أن لم نقل جميع متعاطي هذه المهنة. ولا شك أنها تخفي جملة من الممارسات غير القانونية بشأن مادة "الفارينة" المدعمة، حيث توظف بالاساس الى صناعة المرطبات. ولا شك أن في ذلك ربحا وفيرا يدر على أصحاب المخابز، لكنه يبقى غير قانوني، ويمثل تجاوزا ومغالطة وسرقة للدولة والمواطن الذي من حقه أن توظف "الفارينة" المدعمة للخبز فقط، أما من رغب من أصحاب المخابز في صنع المرطبات، فعليه أن يقتني مادة "الفارينة" لصناعة المرطبات وبقية أنواع الحلويات من السوق، وبعيدا عن الفارينة" المدعمة من طرف الدولة والموجهة للمواطن من أجل قوته اليومي الأساسي. ضرورة الفصل بين المخابز ومحلات صنع المرطبات حديث غير رسمي، يشير الى اتخاذ تدابير قريبة في هذا الشأن بخصوص نشاط قطاع المخابز، وتتمثل هذه التدابير المنتظرة في شرط تولي جميع المخابز صنع الخبز الكبير، ولا الاقتصار على صناعة "الباقات"، وذلك من خلال حصص بين النوعين. كما يشار أيضا الى حمل أصحاب المخابز على التقليل من أنواع الخبز الصغير الذي يعرضونه في أشكال مختلفة، وربما وضع جداول لاسعار هذه الانواع من الخبز الصغير. أما ابرز ما يتداول الحديث بشأنه ولعله الأهم حسب نظرنا هو منع الخبازة من الجمع بين صناعة الخبز والمرطبات، والاختصاص في مجال واحد. ولعل هذا الاجراء الاخير سيسد الباب أمام توجيه مادة " الفرينة المدعمة" الى مجالات أخرى مثل المرطبات على وجه الخصوص. وعلى الرغم من أهمية هذه الاجراءات إذا ما تم اعتمادها، فإننا نعتقد أن التصرف في مادة "الفارينة" المدعمة لابد أن يكون أشد دقة، لأن مجال التفريط فيها من طرف المخابز بالبيع يبقى واردا ما لم تتم المراقبة بشكل أدق.