"كنا ننتظر أن يكون اليوم موعدا للوفاق الوطني، لكن للأسف لم يحصل ذلك".. بهذه الكلمات استهل الأمين العام لإتحاد الشغل كلامه في مستهل الندوة الصحفية التي عقدتها أمس اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني لإطلاع الرأي العام على آخر المستجدات بخصوص المشاورات بين الفرقاء السياسيين. وتأتي الندوة الصحفية بعد إعلان حركة النهضة عن قبولها اللامشروط بمبادرة الرباعي، وهو ما اعتبره البعض بداية لحلحلة الأزمة..أمر نفاه العباسي معتبرا أن حركة النهضة اكتفت بأنصاف الحلّ وقدمت ردا غامضا حيث قبلت بالمبادرة ولم تتحدث عن خارطة الطريق، وذلك بعد أن اطمأنّت على بقاء المجلس التأسيسي.. مستغلة قبول المعارضة بالتنازل عن مسألة حلّ الهيئة التأسيسية.. ولا يمكن لما قدمته أن يكون منطلقا للخروج من المأزق، بل على العكس سيزيد في تعقيد الأمور وتأزيم الوضع المتأزم بطبيعته.. وأكد في هذا السياق أن الرباعي لن يقبل رد حركة النهضة الغامض على حد تعبيره.. مغالطة وازدواجية كما وصف الأمين العام للإتحاد مواقف"الترويكا" منذ بداية الأزمة بعد اغتيال منسق التيار الشعبي محمد البراهمي، بأنها سلبية واتسمت بالمراوغة السياسية وتمييع الحوار وممارسة سياسية المغالطة والإزدواجية وعدم الوضوح تجاه مبادرة الرباعي.. مشيرا إلى أن المبادرات التي طرحتها أطراف أخرى لم تكن جدية ولم ترتق إلى إمكانية الحلّ الشامل للأزمة، وكان الهدف منها التشويش على مبادرة اللجنة الرباعية.. وأفاد بأن إحدى المبادرات كانت تهدف إلى قلب الطاولة على الجميع وإدخال البلاد في نفق مظلم.. حسب تعبيره. واتهم العباسي حركة النهضة بمحاولة ضرب مصداقية المنظمة الشغيلة والتشكيك في حيادها وتفكيك وحدة الرباعي الراعي للحوار.. وقال في هذا الإطار:"لاحظنا أن هناك مساع من حركة النهضة لإقصاء الرباعي وإبعاده عن دوره الوطني في رعاية الحوار، لكننا سنواصل عملنا رغم كل شيء ونؤكد تمسكنا بالمبادرة في شكلها الحالي والتي تم الإجماع عليها في الداخل والخارج، وسنعمل على تحقيقها من منطلق شعبي وباستعمال وسائلنا الخاصة".
رسالة إلى "الترويكا"
الأمين العام لإتحاد الشغل اعتبر أن مضيعة الوقت وإهدار للفرص ولّد أجواء متوترة بين الفرقاء السياسيين حيث انعدمت الثقة بين المعارضة و"الترويكا"، وهو ما انعكس سلبا على الوضع المعيشي لعامة الشعب الذي نفذ صبره ممّا وصفه بالمراهقات السياسية لبعض الأطراف، التي أثرت على الواقع الإقتصادي والأمني والإجتماعي..
ووجه العباسي رسالة إلى"الترويكا" مفادها بأن الأبواب مازالت مفتوحة لتدارك مافات وإصلاح الأمور، مؤكدا أن لن تكون هناك مهلة أخرى وعلى الثلاثي الحاكم أن يحسم أمره في الساعات القادمة، بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة.. وتجنبا للصدامات في الشارع ودرءا للفتنة التي بدأت بذورها تزرع في المجتمع التونسي..حسب تعبيره.
كما استغرب العباسي من الدعوات إلى محاسبة من سرّب وثيقة اغتيال البراهمي، داعيا إلى فتح تحقيق في شأن المتورطين في الجريمة سواء بالتهاون أو بالتعاون.. معتبرا أنه كان على الحكومة أن تستقيل فور اغتيال البراهمي على غرار ما فعله رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
وضع إقتصادي خطير
من جهتها أكدت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي على خطورة الوضع الإقتصادي ووصوله إلى مرحلة حرجة نتيجة المأزق السياسي الذي تمر به البلاد منذ اغتيال البراهمي..واعلنت أن عددا هاما من المستثمرين الأجانب حولوا وجهة مشاريعهم نحو بلدان عربية وإفريقية مجاورة هربا من المشهد السياسي الغامض في تونس، والوضع الأمني غير المستقر.. وهو ما أثر على مواطن الشغل وساهم في الترفيع في نسبة البطالة..
وحذرت من أن الاستمرار على هذه الوتيرة وتواصل تأزم الوضع السياسي سيكون له نتائج كارثية على البلاد..
ودعت بوشماوي الفرقاء السياسين إلى قراءة الواقع الإقتصادي من منظور وطني والإبتعاد عن الحساسيات الحزبية الضيقة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم.
أما رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الستار بن موسى فاعتبر أن استفحال الازمة السياسية هو ما دفع باللجنة الرباعية الى القيام بهذه المبادرة والتي جاءت لربح الوقت والتسريع بالمسارالانتقالي.
من جهته أكد رئيس الهيئة الوطنية للمحامين محمد الفاضل محفوظ ان الرباعي الراعي للحوار هو صاحب مبادرة جدية، من منطلق وطني وليس مجرد وسيط كما تسوق لذلك بعض الأطراف.