من طبرقة شمالا إلى جرجيس جنوبا، هناك عشرات الموانىء الصغيرة والكبيرة التي يؤمّها مئات الصيادين بقواربهم في حركة ونشاط يومي على امتداد الساحل التونسي وطوله 1200 كلم. هذا الفضاء الساحلي بكافة محطاته المينائية يمثل على الدّوام جانبا هاما من مجالات التنمية، ويساهم بقسط هام في الحراك الاقتصادي بما يوفره من إنتاج بحري رغم الصعوبات التي يعاني منها البحارة سواء مما يظهرمنها داخل تلك الموانى الصغيرة التي تفتقرلأبسط المعدات أو من خلال العوامل المناخية الصّعبة التي يتواصل مفعولها إلى غاية أيامنا الحالية. أسطولنا البحري هام ومتنوع ودائب النشاط، وهويحوي أكثر من 6000 آلاف مركب صيد، وهذا العدد الكبير من الناشطين في المجال البحري نراه يكابد جملة من الصعوبات التي باتت تحول دون قدرته على التعاطي مع العمل البحري وتؤثر بشكل بارز على فعله في الثروة البحرية التي عليها مياهنا البحرية التونسية، وهوما انفك يدعو لضرورة إعادة هيكلة الموانىء التونسية وتعهّدها باعتبارها مرافىء تستقبلهم في كل يومي غدوًّا ورواحًا. ففي ميناء قلعة الأندلس مثلا تبرزمظاهرالإهمال والصّعوبات التي يعيشها صيادوالجهة، حيث رغم أهمية هذا الميناء وموقعه الاستراتيجي وبنيته فإنه قد أهمل بشكل تام ممّا أجبركافة صيّادي الجهة إلى هجرته باتجاه موانىء أخرى، فخلا إلا من بعض القوارب الصغيرة التي لا يقدرأصحابها على نشاط بحريّ عميق بل تكتفي بالطواف في المناطق الساحلية القريبة من الشاطىء. هذا الواقع الذي أصبح عليه ميناء قلعة الأندلس مرّعليه الآن سنوات، وقد حاول صيادوالجهة لفت نظرالسلط إلى الوضع الصّعب الذي أحاط بالميناء بعد أن داهمته الرّمال وخرّبت بنيته العوامل الطبيعية، لكن ولحد أيامنا هذه لم تُبْدِ السلط أيّ استعداد للتدخل ولإعادة تهيئة هذا الميناء، أولعرضه على شركات خاصّة في إطارلزمة يمكنها أن تتعّهد بتطويره ليكون قبلة للصيّادين. وإذا كنا قد سقنا هذا المثال، وأبرزنا الوضع الذي أصبح عليه ميناء قلعة الأندلس، فإن الواقع المتردّي بات يشمل عشرات الموانىء، ويدعو وزارة الفلاحة إلى ضرورة فتح هذا الملف الذي أغلق منذ سنوات خاصّة مع إنهاء مهامّ الديوان الوطني للصّيد البحري، وحل فروعه في كافة جهات البلاد. فهل يتولى السيد وزيرالفلاحة إعادة النظرفي السياسات القديمة التي أهملت بشكل بارزالفلاحة البحرية، وجعلتها مرتعا لبعض الخواص، وعرضة للإهمال والنهب التي طالت ثروتنا البحرية التي لا تقدربثمن مما تسبّب في تجاوزات يوميّة داخل البحروخارجه؟ ذلك هوالسؤال الهام الذي يبقى مطروحا ويدعوكافة الأطراف وفي مقدمتهم السلط إلى ضرورة رسم خطط تنموية واسعة المجال لا تهمل مجال الفلاحة البحرية وما توفره من خيرات.