بقلم: حامد نقعاوي شد انتباهي قرارأصدره رئيس الحكومة بتاريخ في 7 مارس 2013 يتعلق بالترخيص في إنجاز خط ّ كهربائي هوائي ذي جهد عال 225 كيلوفولت واستغلاله يربط بين محطتي قرنبالية وجبل رصاص. لاحظت في اطلاعات هذا القرارإشارة إلى الأمرالمؤرخ في 12 أكتوبر1887، المتعلق بنصب الخطوط البرقيّة والهاتفية وصيانتها واستغلالها، والأمرالمؤرخ في 30 ماي 1922، المتعلق بنصب خطوط نقل الطاقة الكهربائية وصيانتها واستغلالها، فتساءلت هل توقفت عجلة التشريع والتنظيم ليبقى الأمران الماران ذكرهما نافذين؟ هل أن الظروف العامة التي رافقت إصدارهذين النصّين على حالها إلى غاية سنة 2013 أي بعد 126 سنة عن النصّ الأول وبعد 91 سنة عن الثاني. لكنني سرعان ما اكتشفت الردّ في محتوى النصّ الصادر سنة 2013، إذ يرخّص فصله الأول "لأعوان وزارة الصناعة والشركة التونسية للكهرباء والغاز والمؤسسة المتعاقدة معها بالدخول إلى العقارات غيرالمبنية وغيرالمحاطة بجدران أو بسياج مماثل والمبينة بالقائمات المودعة بمركزولايتي نابل وبن عروس، وذلك في إطار إنجازخط كهربائي هوائي ذي جهد عال 225 كيلوفولت واستغلاله يربط بين محطتي قرنبالية وجبل رصاص". ومن هذا النصّ نستخلص أن السيد رئيس الحكومة بات الضامن لحرمة حقّ الملكية والوصيّ على كافة الملاك بتونس، فهويمنح للإدارة بمقتضى هذا النصّ ترخيصا لدخول العقارات التي على ملك الغير، فهل أن هذا الترخيص ملزم للمواطنين من الملاك؟ إن حقّ الملكية من حقوق الإنسان الأساسية عملا بالمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقد كفلته كل الدساتيرومنها دستور تونس الملغى الذي اقتضى فصله الرابع عشرأنّ حقّ الملكية مضمون ويمارس في حدود القانون، وجاء بالفصل 17 من مجلة الحقوق العينية أن حقّ الملكية هوالحقّ الذي يخوّل صاحب الشيء وحده حقّ استعماله واستغلاله والتفويت فيه، فالملكية الفردية استئثاربالشيء المملوك في حدود معينة ولا يجبرأحدا على التنازل عن ذلك إلا لقاء تعويض عادل عملا بالفصلين 20 و 21 من م ح ع. بذلك يتبيّن أن هذا القرارغير دستوري، ولا نحتاج إلى وثيقة دستور نافذ للإقراربعدم دستوريّته لأن القانون الدستوري لا يحتاج في انطباقه إلى تلك الوثيقة وإلا فما الضّامن للحريّات بعد إلغاء العمل بدستور 1959؟ لكنّه من الجليّ أننا باقون في سنتي 1887 و1922، كيف لا ونحن نجد اليوم الأمر العليّ المؤرخ في 1918 يهدّد ملكية التونسيّين تماما كما كان يهدّدها في فترة الاستعمار حيث استعملته سلطة الحماية لنهب أخصب الأراضي وإتاحتها إلى المعمرين. ونجد أيضا أمر1905 على انطباقه وما هوإلا عقوبة جماعية لأهالي قفصة لقاء نظالهم ضد ّ المستعمر، كما نجد الأمرالعليّ المؤرخ في 15 فيفري 1932 المتعلق باللقطة البريّة ينظم في أيامنا هذه كيفية التحوّزوالتملك بالتركات الشاغرة، وقائمة النصوص الاستعمارية النافذة إلى حدود سنة 2013 تطول ولا يسعنا المجال لحصرها، فهل انتهت فترة الحماية؟