رغم مرور أكثر من يومين على مصرع عشرات التونسيين بعد غرق مركب تونسي قبالة سواحل «لامبادوزا» الايطالية التي قبرت على شواطئها أحلام المئات من شبابنا على مر السنوات فان لا شيء كان اصعب من تلك الصور المأساوية التي تناقلتها المواقع الاجتماعية والصحافة الايطالية لانتشال جثث الضحايا في مشاهد تهز الكيان وكانت بالتأكيد صعبة على أصحاب القلوب الضعيفة. و في الوقت الذي كانت فيه عشرات العائلات تعيش المأساة على وقع صدمة «الصاعقة «التي هزتها وقلوب الامهات «تحترق» وأكبادهن «تشتعل» اتسم التعاطي الحكومي مع الفاجعة ب»برود» كبير حيث اقتصر على مجرد عبارات ضمن بعض البيانات مما عمق مأساة عائلات الضحايا والمفقودين وأثار غضبا واسعا خاصة على شبكة التواصل الاجتماعي باعتبار ان حجم المأساة كان من المفروض ان يفضي الى قرار اعلان الحداد أو تنكيس العلم. و كان التناقض صارخا بين تفاعل الجهات الايطالية التي اتجه وزير هجرتها وبعض مسؤولي حكومتها في «هبة» الى «لامبادوزا» لمتابعة الاوضاع عن قرب وتأثر رئيس أساقفة «اجريجنتو» الايطالية الى حد قوله «نحن جميعا مسؤولون عما حدث بسبب لا مبالاتنا تجاه المهاجرين ومعارضتنا لرغبتهم في مستقبل افضل» في موقف لن ينسى وبين شبه لا مبالاة الجهات التونسية التي لم تظهر التفاعل المرجو منها في «هزة» كانت تتطلب تحركا أكبر لان التونسي يظل غاليا مهما كانت الظروف واختلفت المعطيات.وان كان القضاء على الهجرة السرية أمرا غير ممكن بل مستحيلا باعتبارها ليست ظاهرة جديدة فانه لابد من تفكير الحكومة في علاجات ناجعة تخفف من حدة الظاهرة. لذلك نقول للمسؤولين الحكوميين فكروا في أوضاع الشباب في المناطق المحرومة.. أعيدوا النظر في معاناة المناطق الحدودية.. لاتنسوا مأساة الجهات الداخلية.. لا تغفلوا عن المعدومين واليتامى والمساكين.. اعملوا على فتح أبواب الأمل أمام الحالمين لان لا احد يخاطر ويغامر ويقامر وهويدرك مرارة رحلته ويعرف ان «حرقته» على كف عفريت.. وهو يواجه مرارة مصيره المجهول على متن قوارب «الموت» حتى يتجنب تجرع المرّ والحنظل في موطنه في غياب التشغيل وأبواب الامل...