منذ مدة ووسائل الاعلام الفرنسية لا تتحدث الا عن الترفيع في سعر الغاز الطبيعي ب4% بحلول عام 2008 -وعلى عكس ما يجري محليا حيث يتم الترفيع في أسعار استهلاك الطاقة الكهربائية والغاز المنزلي دون سابق إعلام- فقد قام الخبراء بالبحث في انعكاسات الارتفاع المبرمج في أسعار الغاز على فاتورة الاستهلاك المنزلي وقدموا نصائح للحد من ارتفاع الكلفة كالتخفيض في مستوى حرارة التدفئة بدرجة واحدة بما يعني اقتصادا هاما سنويا. محليا لا نزال بعيدين كل البعد عما يجري في الضفة الاخرى من المتوسط من مجهودات لتحفيز المواطن على الحدّ من استهلاك الطاقة رغم أننا لسنا أفضل حالا منهم.. والدليل على ذلك أننا ندعو لاستغلال الطاقة الشمسية لتسخين الماء بحكم أن هذه الطاقة الطبيعية متوفرة وبشكل هام في بلادنا على اعتبار أن لنا ما لا يقل عن 300 يوم من الشمس وأقل من ثلاثة أشهر من البرد.. لكننا وللاسف الشديد لا نفعل شيئا للتوقي من هذه الحرارة التي يفترض التخفيف من أثرها التخفيض من استهلاك الطاقة وتمكين الفرد من رفاهة تسمح له بأداء أفضل. فنحن في حاجة الى منازل مقتصدة للطاقة-وأقول منازل وليس عمارات- مقتصدة للطاقة لأنه كان من الاجدر فرض منذ مدة تشاريع تجبر كل من يبني عمارة أن تكون مواصفات بنائها تستجيب للاقتصاد في الطاقة.. فالتجارب الناجحة التي تمت يفترض تعميمها ولو تدريجيا انطلاقا من أصناف معيّنة ووفق مواصفات أكثر ليونة لما دون تلك الاصناف كتعميم اجبارية اعتماد تقنية بناء عازل للحرارة على الاقل على مستوى السطح وجوانب العمارات وفرض التسخين بالطاقة الشمسية وتركيب الشبابيك العازلة للاصناف الراقية من البناءات. ونظرا لما للمنازل من أهمية من حيث العدد ومن حيث استهلاك الطاقة ونظرا لما يدره الصندوق المخصص للاقتصاد في الطاقة من مداخيل متأتية من الاتاوات على مختلف مجالات الطاقة ومنها بالخصوص الاداء عند استخراج البطاقة الرمادية للعربات فإنه من المفروض دعم المشاريع الخاصة لبناء المنازل الفردية المقتصدة للطاقة من خلال تمكين أصحابها من مساعدة مالية ومن التوجيه المجاني عند بناء المنزل وفق المواصفات المطلوبة للاقتصاد في الطاقة. كما أن بلادنا بما تتمتع به من معدلات حرارة مرتفعة نسبيا تفرض علينا كذلك التفكير في اعتماد نظم تكييف اقل كلفة.. ونحن في حاجة ماسة لتطوير التقنيات الحديثة التي تعتمد التبريد بمياه البحر أو بالغاز عوضا عن الكهرباء.. ونحن في حاجة الى بدء اعتماد هذه التجارب على الفنادق والبناءات العمومية ثم تعميمها على المنازل لتخفيف كلفة استهلاك الكهرباء. ومن المؤكد أن للجانب التحسيسي دور هام في توعية المواطن لذلك نأمل أن تشير الومضات الاشهارية الداعية للاقتصاد في الطاقة الى الكيفية المثلى لبناء منشآت أو منازل مقتصدة للطاقة وتوفير التجهيزات الملائمة لذلك.. ويفترض كذلك أن يتم تكوين البنّائين وأخصائي التركيب الصحي والكهربائي في مجالات تهيئة البناءات لتكريس قواعد الإقتصاد في الطاقة والحرص على أن يأخذ فنيو الشركة التونسية للكهرباء والغاز الاقتصاد في الطاقة بعين الاعتبار عند دراسة ملفات ربط المنشآت بالكهرباء. وتقنيا نأمل أن تبادر سلط الاشراف بوضع مواصفات للبناءات المقتصدة في الطاقة انطلاقا من المنزل الشعبي المحدود المساحة مرورا بالفلل (الفيلات) انتهاء بالعمارات والمنشآت العمومية والمصانع بما يراعي مسائل ذات أهمية كالتسخين والتبريد والانارة والاضاءة الطبيعية واستهلاك الطاقة والطاقة المعتمدة للتشغيل. إن بلادنا في حاجة لمجهودات تمكننا من الانتقال من مرحلة التجربة الى مرحلة التعميم على الاقل على مستوى ما هو دائم ومكلف في انتظار ايجاد حلول للحد من استهلاك الطاقة في النقل والصناعة.