صالح عطية لعل من بين الملفات الأساسية التي افسد فيها الرئيس المخلوع أيما فساد، تلك التي تتعلق بالسياسة الخارجية، التي طوعها بن علي لخدمة عقليته المافيوزية، فأسبغها الكثير من النفاق والانتهازية وقدرا كبيرا من "البروباغندا" السياسية التي تغطي على ممارسات وقرارات و"خيارات" أضرت بسمعة تونس ومصداقيتها.. لم يعد ممكنا اليوم، الاستمرار في ذات النهج القائم على مغالطة الرأي العام، و"توريط" الموقف التونسي في"سلوكيات" و"سياسات" مشينة، وأدوار استخباراتية مشبوهة، لا تليق بتونس التي انحازت طوال تاريخها لثورات الشعوب وهواجسها التحررية، وكانت دبلوماسيتها على عهد الزعيم الراحل، الحبيب بورقيبة، تتميز بالعقلانية وبنوع من البراغماتية السياسية اللافتة.. لقد حان الوقت لفتح ملفات عديدة شائكة في مقدمتها اغتيال أبو جهاد (خليل الوزيرعام 1989)، وصلاح خلف (أبو إياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول) ومحمد العمري خلال العام 1991، وهي اغتيالات تمت في ظروف وملابسات يلفها الغموض، وتشتم منها رائحة التواطؤ مع الكيان الصهيوني، الذي وجد التراب التونسي مستباحا بمساعدة المخلوع، فدخل واغتال وقتل، من دون أن يفتح أي تحقيق، ودون أن توجه تهم علنية لأي طرف، فيما كان الرئيس المخلوع يتحدث عن القضية الفلسطينية بوصفها " قضيته الشخصية".. المطروح على الحكومة الجديدة، فتح هذه الملفات من جديد، بكامل الشجاعة والمسؤولية، السياسية والأخلاقية والتاريخية، فالدم الفلسطيني دمنا، ووديعة في أعناقنا لا ينبغي السكوت عنه أكثر.. لا نقول هذا الكلام من باب المزايدة أو التجييش، لكننا نطرحه من زاوية إعادة الاعتبار لمصداقية سياستنا الخارجية، التي لن تستعيد احترام العالم، إلا بعد أن تميط اللثام عن ملفات بحجم اغتيال رموز وقيادات فلسطينية على أرض تونس، وبرصاص إسرائيلي، وتواطؤ للمخلوع لا غبار عليه.. سياستنا الخارجية بحاجة إلى مقاربة جديدة وتحالفات تنأى بها عن تلك التي راهن عليها النظام المخلوع، لكنها بحاجة أيضا إلى شجاعة من شأنها القطع مع الخيارات الدبلوماسية السابقة، بكامل لوثتها وتعفنها..